Page 250 - Nn
P. 250

‫العـدد ‪35‬‬                          ‫‪248‬‬

                                    ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫‪-‬أنت تذكر الأسماء التي‬              ‫التي انتظروها طوي ًل‪ ،‬وبد ًل من‬       ‫وفور خروجي من القاعة بعد‬
    ‫طرحها هيكل‪ ،‬ودخول‬                 ‫التفاهم مع التيار المدني هددوه‬           ‫انتهاء الندوة سارت خلفي‬

 ‫البرادعي للمشهد وتحرك‬                   ‫بإفراط وتحالفوا مع السلفية‬     ‫مجموعة من شباب الإخوان كانوا‬
‫حمدين صباحي المستمر‪،-‬‬                  ‫الجهادية‪ ،‬فانفتح الباب واس ًعا‬      ‫يحضرون المناقشة‪ ،‬وقالوا لي‪:‬‬

  ‫برغم ذلك يقال إن ثورة‬                    ‫أمام إزاحتهم من السلطة‪.‬‬       ‫نحن سنشارك مع الشباب‪ ،‬ولن‬
      ‫يناير كانت بلا قائد‬             ‫أعتقد أن الإخوان لو لم يتكالبوا‬   ‫ننتظر موقف مكتب الإرشاد‪ ،‬ولن‬

    ‫وهذا سبب فشها‪ ..‬هل‬                  ‫على هذا النحو‪ ،‬وتصرفوا على‬        ‫نمتثل لما قاله العريان‪ ،‬الذي عاد‬
    ‫توافق على هذا الرأي؟‬                 ‫أنهم جزء من المشهد‪ ،‬وليس‬           ‫فيما بعد هذا بيومين وصحح‬
 ‫بحسب اطلاعك‪ :‬من الذي‬                  ‫كل المشهد‪ ،‬وفتحوا الباب أمام‬
  ‫كان يدير الميدان ويحدد‬             ‫قيام حكومة معبرة عن كل ألوان‬        ‫الموقف جزئيًّا حين قال‪ :‬الجماعة‬
                                          ‫الطيف السياسي‪ ،‬ودستور‬           ‫لم تتخذ قرا ًرا رسميًّا بالمشاركة‬
                ‫أولوياته؟‬           ‫يشارك الجميع في صنعه‪ ،‬لتغيرت‬        ‫في المظاهرة وإن كانت لن تمنع أ ًّيا‬
                                                                        ‫من أعضائها أن ينزل إلى الشوارع‬
   ‫ثورة يناير كانت ثورة شعبية‪،‬‬                         ‫الأمور كثي ًرا‪.‬‬   ‫للتظاهر بشكل فردي وشخصي‪.‬‬
  ‫لم يتمكن البرادعي‪ ،‬الذي ساهم‬          ‫لقد حذرت الإخوان مبك ًرا مما‬      ‫كان موق ًفا تحايليًّا كالعادة‪ ،‬لكن‬
   ‫كثي ًرا في إطلاقها‪ ،‬من أن يكون‬       ‫ساروا فيه‪ ،‬فكتبت مقا ًل في ‪5‬‬    ‫الجماعة استثمرته فيما بعد لتدلل‬
                                    ‫إبريل ‪ 2011‬كان عنوانه «الإخوان‬
     ‫قائ ًدا لها‪ ،‬وأن يكون على قدر‬  ‫وغزوة أُحد»‪ ،‬قلت فيه إن مسارعة‬           ‫على أنها لم تشارك في الثورة‬
   ‫اللحظة التاريخية الكبرى التي‬         ‫الإخوان إلى جني الغنائم قبل‬     ‫فحسب‪ ،‬بل خططت لها‪ ،‬وصنعتها‬
 ‫جرت‪ .‬هو تصرف على أنه مجرد‬          ‫اكتمال المعركة السياسية سيؤدي‬
                                       ‫إلى هزيمتهم وإفساد الثورة أو‬       ‫على يدها‪ ،‬وهذا افتراء‪ ،‬وافتئات‬
      ‫موظف دولي كبير يمكنه أن‬         ‫إفشالها‪ ،‬كما حدث للمسلمين في‬          ‫على ما فعلته الطليعة الثورية‪،‬‬
  ‫يساعد في الإصلاح‪ ،‬عبر الثورة‬        ‫غزوة أحد حين قادهم الطمع في‬             ‫ومحاولة مفضوحة لتزوير‬
 ‫أو غيرها‪ ،‬ولم يكن لديه مقومات‬       ‫الغنائم إلى هزيمة بعد نصر‪ .‬وقد‬                            ‫التاريخ‪.‬‬
 ‫الزعامة السياسية الكبرى‪ ،‬مثلما‬       ‫أبلغني د‪.‬عصام العريان بغضب‬
   ‫حدث مع سعد زغلول في ثورة‬         ‫المرشد من هذا المقال‪ ،‬فقلت له‪ :‬أنا‬    ‫نعم الإخوان شاركوا بعد جمعة‬
   ‫‪ 1919‬مث ًل‪ ،‬أو عرابي في ثورة‬       ‫أكتب ما يمليه عليَّ ضميري‪ ،‬ولا‬      ‫الغضب ‪ 28‬يناير ‪ ،2011‬لكنهم‬
                                    ‫أهتم برأي أحد‪ ،‬والأفضل لكم من‬
                         ‫‪.1882‬‬         ‫الغضب أن تتعظوا ولا تكرروا‬            ‫عقدوا العزم منذ البداية على‬
   ‫وتنازعت قيادات سياسية عدة‬                                              ‫السيطرة على الميدان‪ ،‬والتفاوض‬
                                                      ‫تجربة ‪.1954‬‬
      ‫النفوذ‪ ،‬وانقسم الميدان بين‬       ‫وحين وصل مرسي إلى الحكم‬                 ‫باسمه‪ ،‬وكانوا يأتون إليه‬
   ‫تيار مدني وآخر ديني‪ ،‬وداخل‬                                           ‫ويخرجون منه بناء على اتفاقاتهم‬
   ‫كل تيار كانت هناك انقسامات‬            ‫اعتبرت هذا «الاغتيال الثاني‬     ‫السرية مع النظام‪ ،‬إلى أن أدركوا‬
  ‫فرعية‪ ،‬بين اليسار والليبراليين‪،‬‬      ‫لحسن البنا»‪ ،‬وهو عنوان مقال‬
                                     ‫لي‪ ،‬وطوال حكمهم كتبت مقالات‬               ‫أن مبارك قد انتهى فبدأوا‬
       ‫وبين الإخوان والسلفيين‪،‬‬      ‫تعارضهم وتبين أنهم في طريقهم‬           ‫التخطيط للاستئثار بكل شيء‪،‬‬
 ‫ودخلت الدولة العميقة على الخط‪،‬‬                                           ‫فتساوقوا مع المجلس العسكري‬
                                         ‫إلى الانتحار‪ ،‬وجمعت هذا في‬        ‫الذي آل إليه الحكم أم ًل في أن‬
   ‫وصار لها بالتتابع وجود قوي‬                ‫كتاب «انتحار الإخوان»‪.‬‬        ‫يجهزوا على وجوده السياسي‬
     ‫في الميدان‪ ،‬لاسيما من خلال‬                                            ‫فيما بعد‪ ،‬وتنكروا للمبدأ الذي‬
                                    ‫بالرغم من (زحام القادة)‬
  ‫مختلف الأجهزة الأمنية‪ ،‬وحدث‬        ‫قبل وبعد ‪ 25‬يناير ‪2011‬‬                   ‫طالما رفعوه وهو «مشاركة‬
‫تجاذب وتعاون ظاهري ومرحلي‪،‬‬                                                   ‫لا مغالبة»‪ ،‬وذهبوا لتعديلات‬
 ‫وحدث تنافر وتصارع في العمق‪،‬‬                                                  ‫دستورية جزئية‪ ،‬بعدها بدأ‬
                                                                            ‫زحفهم إلى البرلمان والرئاسة‪،‬‬
                                                                         ‫معتبرين أنهم أمام لحظة التمكين‬
   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255