Page 249 - Nn
P. 249

‫‪247‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

 ‫ليست راغبة في استمرار مبارك‪،‬‬              ‫نعم هذا صحيح‪ .‬ويؤسفنا‬            ‫وكتب أحدهم بصفاقة طافحة‪:‬‬
     ‫وتصرفت على هذا الأساس‪.‬‬                 ‫كمصريين أن يكون الدور‬         ‫«من فضلك قل لي الثورة الساعة‬
                                       ‫الأمريكي كبي ًرا على ذلك النحو‪،‬‬    ‫كام؟»‪ ،‬لكنها كانت هكذا‪ ،‬محددة‬
    ‫في تقييمك الشخصي‪،‬‬                ‫ولم يكن ما جرى مفاجأة بالنسبة‬       ‫الزمان والمكان‪ ،‬ساعد عليها أي ًضا‬
        ‫ما هو حجم تأثير‬                   ‫للناس‪ ،‬وخصو ًصا للساسة‬
                                      ‫والباحثين والمحللين السياسيين‪،‬‬        ‫نجاح التونسيين في إطاحة بن‬
    ‫شباب جماعة الإخوان‬                   ‫الذين كانوا يعرفون أن حكام‬                                 ‫علي‪.‬‬
      ‫المسلمين على صمود‬                 ‫مصر منذ السادات‪ ،‬الذي قال‬
                                       ‫إن ‪ %99‬من أوراق اللعبة في يد‬      ‫في البداية خرجت الطليعة الثورية‬
 ‫الميدان؟ وحسب التقارير‬              ‫الولايات المتحدة‪ ،‬يرتبط مصيرهم‬         ‫في ‪ 25‬يناير‪ ،‬وتم تفريقها‪ ،‬ثم‬
   ‫والأحاديث والشهادات‬                     ‫ومسارهم برضا واشنطن‪،‬‬
   ‫التي نشرت‪ ،‬كيف ترى‬                  ‫وبعضهم يعتبر أن هذا أهم من‬         ‫انضم إليها الشعب في ‪ 28‬يناير‪،‬‬
                                                                           ‫ووقتها قلت‪« :‬انتقلت الثورة من‬
 ‫حجم مشاركتهم؟ بمعنى‬                            ‫رضاء الشعب نفسه‪.‬‬
  ‫آخر‪ :‬إذا ح َّيدت الجماعة‬            ‫لقد لاحظنا أن مبارك لا يضع في‬               ‫فيسبوك إلى ناس بوك»‪.‬‬
   ‫نفسها في أحداث يناير‪،‬‬             ‫اعتباره موقف الشعب من توريث‬          ‫لقد أدى سلوك النظام إلى تعميق‬

     ‫هل تتصور أن الأمور‬                 ‫نجله‪ ،‬ويرى أن موافقة أمريكا‬          ‫غضب الناس مع أهل الحكم‪،‬‬
  ‫كانت ستؤول إلى ما آلت‬                ‫على هذه الخطوة هي الأهم‪ ،‬بل‬         ‫وأظهر لكل فرد أنه ليس وحده‬
                                        ‫هي العامل الحاسم‪ ،‬إلى جانب‬         ‫الحانق والراغب في التمرد‪ ،‬وأن‬
                    ‫إليه؟‬            ‫تمريرها عبر المؤسسة العسكرية‪،‬‬       ‫هناك من يشاركونه الغضب‪ .‬فلما‬
                                                                          ‫احتبس الغيظ في الصدور انفجر‬
‫قبل اندلاع الثورة بثلاثة أيام كنت‬         ‫التي تربطها في الوقت نفسه‬      ‫في لحظة تاريخية فارقة‪ ،‬فالتحمت‬
    ‫أشارك في ندوة لمناقشة كتاب‬           ‫علاقة قوية بالبنتاجون‪ .‬وهي‬      ‫القاعدة الشعبية بالطليعة الثورية‪،‬‬
    ‫«نظرات في الفكر والسياسة»‬            ‫علاقة تهندس جز ًءا مه ًّما من‬
  ‫للدكتور جمال نصار الذي كان‬                                                  ‫بعد أن ظلت سنوات تصرخ‬
     ‫يتولى آنذاك موقع المستشار‬                     ‫السياسة المصرية‪.‬‬       ‫وتهتف معزولة في وجه السلطان‬
  ‫الإعلامي للمرشد العام لجماعة‬               ‫أمريكا يهمها الحفاظ على‬
          ‫الإخوان‪ ،‬وقلت ر ًّدا على‬      ‫مصالحها في الشرق الأوسط‪،‬‬           ‫كي يترجل ويرحل‪ ،‬حام ًل معه‬
    ‫تصريحات القيادي الإخواني‬          ‫وعلى رأسها ضمان تدفق النفط‪،‬‬         ‫إخفاقه وعجزه وعناده حيال كل‬
  ‫الراحل عصام العريان عن عدم‬          ‫وتحقيق أمن إسرائيل‪ ،‬ومواجهة‬
    ‫مشاركة الجماعة في المظاهرة‬          ‫الإرهاب‪ ،‬إلى جانب بقاء بلادنا‬                   ‫دعاوى الإصلاح‪.‬‬
    ‫لأن أحدا لم يدعهم إليها‪« :‬هذا‬      ‫سو ًقا رائ ًجا لمنتجاتها‪ ،‬ومبارك‬
      ‫ليس حفل عرس ولا وليمة‬          ‫كان يدرك هذا ويعمل له‪ ،‬ويحظى‬            ‫هل كان رأي ‪-‬أو لنقل‬
                                     ‫برضاء البيت الأبيض طالما حافظ‬          ‫قرار‪ -‬الإدارة الأمريكية‬
 ‫ينتظر الإخوان كارت دعوة إليها‪،‬‬       ‫على الأوضاع في مصر مستقرة‪،‬‬           ‫حاس ًما في إبعاد الرئيس‬
      ‫والأولى بهم بوصفهم القوة‬           ‫لكن ما إن دارت عجلة الثورة‬      ‫حسني مبارك عن الحكم؟‬
                                          ‫وأدرك الأمريكان أن قبضته‬
 ‫المعارضة الأكثر تنظي ًما في أيامنا‬    ‫قد تراخت‪ ،‬بل فلَّت تما ًما‪ ،‬حتى‬       ‫إذا كان كذلك فمتى تم‬
‫تلك الآونة أن يدعوا هم المصريين‬            ‫نفضوا أيديهم منه‪ ،‬وعادوا‬      ‫اتخاذ هذا القرار؟ وما هي‬
                                       ‫للتحدث مع المؤسسة العسكرية‬
    ‫إلى التظاهر ضد نظام مبارك‪،‬‬             ‫حول ما يجري‪ ،‬وما سيتم‪.‬‬          ‫وجهة النظر التي تحكم‬
  ‫وإن تقاعسوا عن ذلك فيسألهم‬             ‫وعرفت الأخيرة أن واشنطن‬             ‫السياسة الأمريكية في‬

    ‫الله والتاريخ عن الصمت على‬                                             ‫هذا الشأن؟ وما تقييمك‬
               ‫السلطان الجائر»‪.‬‬                                                ‫أسا ًسا للعلاقة بين‬

                                                                            ‫الإدارة الأمريكية وقتها‬
                                                                                     ‫وبين مبارك؟‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254