Page 254 - Nn
P. 254

‫العـدد ‪35‬‬                           ‫‪252‬‬

                                     ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫في تفزيع الداخل والخارج‪ ،‬وفراغ‬           ‫وأساليب التواصل مع المحيط‬         ‫عن المدى الزمني الذي يستغرقه‬
‫الساحة الاجتماعية من تيار مدني‬         ‫الاجتماعي‪ ،‬بغية خداعه‪ ،‬وجذبه‬           ‫اكتمال هذه الدائرة الناقصة‪،‬‬
                                      ‫إلى فضاء تلك الجماعات‪ ،‬التي لا‬         ‫أو الجهد الذي يبذل في سبيل‬
   ‫قوي‪ ،‬وغياب المشروع الوطني‬            ‫ولاء لها إلا لنفسها‪ ،‬ولأفكارها‬                           ‫بلوغها‪.‬‬
    ‫الجامع‪ ،‬وتديين المجال العام‪،‬‬       ‫التي تنطوي على تصورات وقيم‬
     ‫واستغلال أخطاء السلطة في‬          ‫سلبية تشد إلى الخلف‪ ،‬كما دلَّت‬      ‫وقد تكون الضربة قوية فتسقط‬
  ‫مواجهة الإخوان وغيرهم‪ ،‬حين‬          ‫على ذلك التصورات التي تقدمها‪،‬‬            ‫هذه الجماعات متراجعة إلى‬
‫تقصر الأمر على الجوانب الأمنية‪،‬‬                                                 ‫الخلف بعي ًدا‪ ،‬لتصير دائرة‬
  ‫التي تمارس بإفراط‪ ،‬بما يكسب‬              ‫والتصرفات التي تقوم بها‪.‬‬
  ‫التيار الإسلامي تعاط ًفا‪ ،‬علاوة‬    ‫ولا يعود هذا “التطور الحلزوني”‬       ‫صغيرة محاصرة‪ ،‬وأحيا ًنا تكون‬
‫على كل هذا هناك الدور الخارجي‪،‬‬                                            ‫الضربة ضعيفة فتتراجع خطوات‬
‫حيث توظف القوى الكبرى‪ ،‬وعلى‬                  ‫إلى الذكاء التنظيمي لهذه‬
  ‫رأسها الولايات المتحدة‪ ،‬وكذلك‬       ‫الجماعات‪ ،‬إنما هناك عوامل عدة‬            ‫قليلة إلى الوراء‪ ،‬فإذا واتتها‬
‫القوى الإقليمية‪ ،‬هذه الجماعات في‬                                              ‫ظروف مساعدة تكون رحلة‬
                                         ‫تغذيه وتزكيه وتقويه‪ ،‬بعد أن‬       ‫الصعود سريعة‪ ،‬أما إن عاندتها‬
               ‫خدمة مصالحها‪.‬‬            ‫تصنع وجوده‪ ،‬وهي هنا أشبه‬             ‫فقد تستغرق هذه الرحلة زمنًا‬
  ‫نعم هذا التطور الحلزوني ليس‬          ‫بمن يحمل زيتًا يصبه على النار‬      ‫طوي ًل‪ ،‬إذ إنها أحيا ًنا تجد نفسها‬
                                     ‫كلما خبتت‪ .‬وفي وضعها هذا باتت‬           ‫مضطرة إلى البدء من الصفر‪.‬‬
       ‫َق َد ًرا‪ ،‬فعبر التاريخ سادت‬  ‫تلك الجماعات وكأنها العنقاء التي‬        ‫في رحلة الصعود تلك تستفيد‬
   ‫جماعات ثم تراجعت واختفت‪،‬‬          ‫تبعث دو ًما عفيَّ ًة من تحت الرماد‪،‬‬   ‫هذه الجماعات ‪-‬إلى حد ما‪ -‬من‬
  ‫لكن حتى الآن لا يلوح في الأفق‬      ‫وبصورة أكثر دقة‪ ،‬تبدو سيزيف‬            ‫تجارب الماضي‪ ،‬ليس في تغيير‬
‫ما يدل على أن الإخوان قد صاروا‬        ‫الذي لا يكف عن رفع الحجر على‬        ‫الخطاب وإصلاحه‪ ،‬ولا في تعديل‬
‫من الماضي‪ ،‬لأن البديل السياسي‬           ‫ظهره‪ ،‬والصعود به‪ ،‬فلما يكاد‬        ‫الممارسة بحيث تصبح أكثر ألفة‬
                                                                           ‫مع المجتمع‪ ،‬وتآل ًفا مع كل القيم‬
      ‫المدني القوي لا يزال غائبًا‪.‬‬        ‫يبلغ القمة يسقط منه‪ ،‬فيهبط‬          ‫الإيجابية المفيدة فيه‪ ،‬إنما في‬
                                       ‫ليحمله من جديد‪ .‬وهذه العوامل‬         ‫صناعة الحيل والتدابير الخفية‬
     ‫هل ثمة أمل أن تكون‬               ‫هي‪ :‬حاجة السلطة السياسية لها‬          ‫التي تصم تعاملها مع السلطة‪،‬‬
‫مصر دولة مدنية بالمفهوم‬              ‫لضرب التيار المدني‪ ،‬أو استعمالها‬

     ‫الليبرالي الغربي‪ ،‬من‬
      ‫حيث تداول السلطة‬

        ‫والحريات العامة‬
‫والخاصة وحرية التعبير‬

      ‫والحركة والتحديث‬
      ‫والتعامل مع مسألة‬
     ‫الدين‪ ..‬إلخ؟ ما الذي‬
  ‫ينقصنا لنكون كذلك من‬

            ‫وجهة نظرك؟‬

‫ليس من الضروري أن تسير‬
‫الأمور مستقب ًل وفق نموذج‬
‫ليبرالي غربي‪ ،‬المهم أن يكون‬
   249   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259