Page 256 - Nn
P. 256

‫العـدد ‪35‬‬                                                  ‫‪254‬‬

                                                                                                           ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬  ‫د‪.‬أبو اليزيد‬
                                                                                                                        ‫الشرقاوي‬
       ‫تحت القبة وهم‪..‬‬
‫صورة العمل الجامعي كما‬

  ‫تعكسها السير الذاتية‬

    ‫بأسماء مستعارة ويتم توجيه‬         ‫الغموض غالبًا‪ ،‬والتناقض‪ ،‬وما‬       ‫إذا انطلقنا مما يثار حولنا في‬
    ‫اتهامات قاسية بحق أشخاص‬         ‫يتم نشره هو جزء من منظومة لا‬
‫ومؤسسات التعليم العالي‪ ،‬وهذا ما‬      ‫تنجح في التكتم على أخبارها ولا‬    ‫الميديا من قضايا التعليم العالي في‬
‫لم يكن موجو ًدا في القرن العشرين‪،‬‬    ‫تقدر على ممارسة الشفافية‪ ،‬ففي‬     ‫مصر في القرن الواحد والعشرين‬
  ‫لكن القرن العشرين ‪-‬نفسه‪ -‬لم‬
 ‫يخل ‪-‬بدوره‪ -‬من تبادل اتهامات‬         ‫الوقت الذي تزيد فيه بروباجندا‬        ‫لوجدنا أخبا ًرا متداخلة كثيرة‬
    ‫تم نشرها في صحف مصرية‪،‬‬          ‫تطوير التعليم العالي وتصريحات‬       ‫تتعلق بسرقة أبحاث وتلاعب في‬
     ‫واستمر بعضها في عدة أعداد‬
     ‫من الصحيفة‪ ،‬وقد قام حازم‬            ‫رؤساء الجامعات عن ارتقاء‬          ‫النتائج واعتراض على قرارات‬
   ‫هاشم بجمع جزء مما نشره في‬           ‫التعليم وجامعات الجيل الثالث‬     ‫الجامعة وقضاء ومحاكم ولجان‬
  ‫كتاب بعنوان‪( :‬صور من الفساد‬      ‫وإنشاء كليات وتخصصات مواكبة‬
 ‫الجامعي)(‪ ،)1‬سيبدو لمن يطالعه أن‬     ‫لتكنولوجيا العصر‪ ،‬لا تظهر أي‬             ‫تثار حولها تساؤلات عن‬
‫ما يثار من اتهامات في عصرنا هو‬        ‫مصداقية لهذه التصريحات على‬        ‫مشروعية تكوينها‪ ،‬وآلية عملها‪،‬‬
 ‫امتداد مريب لفساد تمت الإشارة‬       ‫أرض الواقع‪ ،‬ويكفي أن تنظر إلى‬       ‫وصناديق خاصة محل ريبة في‬
                                    ‫أي كلية قبل حصولها على الجودة‬
            ‫إليه في القرن الماضي‪.‬‬  ‫والاعتماد وبعد حصولها‪ ،‬وتسأل‪:‬‬           ‫كل كلية‪ ،‬وعمداء محل اتهام‪،‬‬
    ‫من هنا كان اختيار «شهادات»‬     ‫ما الجديد؟ وما الذي تغير؟ لتعرف‬     ‫ورئيس جامعة تتم إزاحته‪ ،‬وآخر‬
 ‫ثلاث قدمها أساتذة جامعيون من‬        ‫أن الموضوع لا يزيد عن «ملفات»‬     ‫يتم اتهامه بأبشع التهم‪ ،‬وأساتذة‬
   ‫أعرق جامعة في مصر‪ ،‬وتم عن‬        ‫يتم صنعها في مشهد يبدو كما لو‬     ‫تتحرش بطالبات‪ ،‬وفي نفس الوقت‬
‫قصد اعتماد هذه الشهادات الثلاث‬     ‫كان تواطؤا بين عدة جهات ليخرج‬       ‫أخبار عن تواجد بعض الجامعات‬
    ‫لاختلاف المرجعية الفكرية لكل‬   ‫المشهد السريالي على هذه الصورة‪.‬‬    ‫في قوائم التصنيف العالمي‪ ،‬وأبحاث‬
‫أستاذ‪ ،‬والتخصص والأيديولوجيا‪.‬‬        ‫ربما يتم الدفع بأن سهولة نشر‬     ‫منشورة في مجلات عالمية‪ ،‬وخروج‬
    ‫فالدكتور عبد الرحمن بدوي(‪)2‬‬    ‫معلومات مهما كانت درجة صحتها‬       ‫مصر من التصنيف العالمي للتعليم‬
     ‫بمنظومة فكرية فلسفية يغلب‬          ‫في الميديا الحديثة وراء شيوع‬
   ‫عليها البعد الوجودي‪ ،‬والدكتور‬      ‫هذه العبثية في المشهد الجامعي‪،‬‬     ‫في الوقت الذي تعمل فيه الهيئة‬
   ‫رؤوف عباس(‪ )3‬المؤرخ بتوجهه‬        ‫فما أكثر الاتهامات التي يسوقها‬        ‫القومية لضمان جودة التعليم‬
     ‫الناصري الصرف‪ ،‬والدكتور‬            ‫أشخاص مجهولو الهوية على‬         ‫والاعتماد بكل ثقة‪ ،‬فلا يمر شهر‬
                                       ‫وسائل التواصل الاجتماعي أو‬     ‫إلا ونجد إعلا ًنا عن حصول كلية ما‬
                                                                      ‫على الجودة والاعتماد أو تقدم كلية‬
                                                                        ‫للحصول على الجودة والاعتماد‪.‬‬
                                                                          ‫ستبدو أخبار التعليم العالي في‬
                                                                      ‫مصر سريالية إلى حد ما‪ ،‬ويشوبها‬
   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260   261