Page 167 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 167

‫حول العالم ‪1 6 7‬‬

      ‫لقد فقدنا خصوصيتنا‪،‬‬         ‫النفايات‪ ،‬ويمكننا استثمار‬     ‫(الأمل في أن نؤجل بطريقة‬
   ‫وزمن الحريات الشخصية‬           ‫بعض الوقت؛ وأي ًضا هناك‬       ‫ما أو نقلل من قدر الحقيقة‪:‬‬
                                   ‫جوانب جيدة لذلك‪ ،‬حيث‬          ‫«حسنًا‪ ،‬دعني أعيش لأرى‬
     ‫قد انتهى)؛ وأخي ًرا يأتي‬  ‫يمكننا زراعة الخضروات في‬
      ‫القبول (التحكم الرقمي‬      ‫جزيرة جرينلاند في مملكة‬           ‫أطفالي يتخرجون»)؛ ثم‬
 ‫يمثل تهدي ًدا لحريتنا‪ ،‬ويجب‬      ‫الدنمارك‪ ،‬وستكون السفن‬      ‫«الاكتئاب» (الاستثمار السلبي‬
   ‫أن يكون الناس على دراية‬      ‫قادرة على نقل البضائع من‬      ‫للرغبة الليبيدية (الشهوانية)‪:‬‬
‫بجميع أبعاده ونشغل أنفسنا‬       ‫الصين إلى الولايات المتحدة‬
                               ‫بشكل أسرع بكثير على الممر‬        ‫«سأموت بعد فترة وجيزة‪،‬‬
                ‫بمحاربته!)‪.‬‬      ‫الشمالي الجديد‪ ،‬وستصبح‬       ‫فلماذا أنزعج من أي شيء؟»)؛‬
   ‫وفي العصور الوسطى‪،‬‬             ‫الأراضي الخصبة الجديدة‬      ‫وأخي ًرا مرحلة «القبول» («بما‬
   ‫كان رد فعل سكان المدينة‬       ‫متوفرة في سيبيريا بسبب‬
 ‫المتضررة بالطاعون بطريقة‬        ‫ذوبان التربة الصقيعية في‬        ‫أنه لم َي ْعد بوسعي مقاومة‬
  ‫مماثلة‪ :‬الإنكار‪ ،‬ثم الغضب‬      ‫القطب الشمالي‪ ،)..‬ثم تأتي‬           ‫المرض‪ ،‬فإني سأكون‬
    ‫على حياتنا الشريرة التي‬        ‫مرحلة الاكتئاب (لقد فات‬
   ‫ُنعا َقب عليها‪ ،‬أو حتى على‬     ‫الأوان‪ ،‬نحن مفقودون‪)..‬؛‬          ‫مستع ًدا له»)‪ .‬وفي وقت‬
‫قسوة الإله الذي سمح بذلك‪،‬‬                                       ‫لاحق‪ ،‬طبقت «كوبلر روس»‬
    ‫ثم المساومة (الأمر ليس‬          ‫وأخي ًرا نصل إلى مرحلة‬    ‫هذه المراحل على جوانب من‬
                                   ‫القبول‪ ..‬نحن نتعامل مع‬      ‫الخسارة الشخصية الكارثية‬
     ‫بسيئ‪ ،‬دعنا نتجنب فقط‬         ‫تهديد خطير‪ ،‬وعلينا تغيير‬       ‫(مثل البطالة‪ ،‬وفاة شخص‬
     ‫المرضى‪ )..‬ثم الاكتئاب‬
 ‫(حياتنا انتهت‪ ،)..‬ثم‪ ،‬المثير‬         ‫طريقة حياتنا بأكملها!‬      ‫عزيز لدينا‪ ،‬الطلاق‪ ،‬إدمان‬
   ‫للاهتمام‪ ،‬العربدة (بما أن‬        ‫وينطبق الشيء نفسه‬           ‫المخدرات)‪ ،‬وأكدت أن هذه‬
   ‫حياتنا أوشكت على الفناء‪،‬‬     ‫على التهديد المتزايد للتحكم‬
    ‫فل ُنخرج منها كل الملذات‬   ‫الرقمي في حياتنا‪ :‬أو ًل‪ ،‬نميل‬       ‫المراحل الخمس لا تأتي‬
  ‫التي لا تزال ممكنة‪ -‬شرب‬        ‫إلى إنكار ذلك (إنها مبالغة‪،‬‬     ‫بالضرورة بنفس الترتيب‪،‬‬
‫المسكرات‪ ،‬ممارسة الجنس)‪،‬‬            ‫جنون العظمة اليساري‪،‬‬       ‫كما أن بعض المرضى قد لا‬
‫وأخي ًرا القبول (ها نحن الآن‪،‬‬    ‫ولا يمكن لأي هيئة التحكم‬        ‫يقعون في بعض المراحل‪.‬‬
 ‫دعونا نعمل قدر الإمكان كما‬         ‫في نشاطنا اليومي)؛ ثم‬
    ‫لو استمرت الحياة بشكل‬           ‫ننفجر في الغضب (إزاء‬            ‫وفي ضوء هذا يمكن‬
                                 ‫الشركات الكبرى ال ُمصنعة‪،‬‬        ‫أن نحدد المراحل الخمس‬
                   ‫طبيعي)‪.‬‬           ‫وأجهزة الدولة السرية‬        ‫نفسها كلما واجه المجتمع‬
‫وبالمثل ألا تنطبق المراحل‬          ‫التي تعمل على التجسس‬          ‫ككل مر ًضا معينًا أو بعض‬
                                 ‫على الأفراد وتستخدم هذه‬          ‫الانفصال المؤلم‪ .‬ولنأخذ‬
   ‫نفسها على التهديدات التي‬          ‫المعرفة للسيطرة علينا‬      ‫التهديد الذي تسببه الكارثة‬
 ‫أحدثها فيروس كورونا الذي‬      ‫والتلاعب بنا)؛ بعد ذلك‪ ،‬تأتي‬       ‫البيئية‪ :‬أو ًل‪ ،‬يميل البعض‬
‫بات يهدد الأفراد والمجتمعات‬       ‫المساومة (للسلطات الحق‬         ‫إلى إنكارها (إنها بارانويا؛‬
‫الإنسانية؟ أو ًل‪ ،‬كان هناك في‬     ‫في البحث عن الإرهابيين‪،‬‬          ‫وكل ما يحدث هو مجرد‬
‫بداية الأزمة «إنكار» (لا يوجد‬        ‫لكن ليس لها أن تتعدى‬        ‫تذبذبات معتادة في أشكال‬
                                  ‫على خصوصيتنا‪)..‬؛ يتبع‬           ‫الطقس)؛ ثم يأتي الغضب‬
   ‫شيء خطير يحدث‪ ،‬بعض‬             ‫ذلك الاكتئاب (فات الأوان‪،‬‬
   ‫الأفراد غير المسئولين هم‬                                         ‫(إزاء الشركات الكبرى‬
  ‫فقط الذين ينشرون الذعر)؛‬                                         ‫التي تسبب تلوث البيئة‪،‬‬
‫ثم «الغضب» (عادة في شكل‬                                           ‫والحكومات التي تتجاهل‬
                                                                  ‫مثل هذه الأخطار)؛ ويتبع‬
    ‫عنصري أو معا ٍد للدولة‪:‬‬                                       ‫ذلك المساومة (حسنًا‪ ،‬ما‬
                                                               ‫علينا إلا القيام بإعادة تدوير‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172