Page 165 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 165

‫حول العالم ‪1 6 5‬‬

‫بها‪ ،‬على الأقل بالنسبة لقوتها‬              ‫يجب أن نذكر أنفسنا‬         ‫إعلامهم أنه عندما ينتهي‬
     ‫التدميرية المطلقة (مث ًل‪،‬‬                                      ‫الوباء‪ ،‬سيضطر الناس إلى‬
                                         ‫أنه في العقود الأخيرة‪،‬‬
  ‫تدمير البيانات أو محركات‬                                            ‫العمل أيام السبت والأحد‬
    ‫الأقراص الثابتة «وحدات‬               ‫تم استخدام مصطلحي‬        ‫للحاق بالركب‪ .‬لكن في مقابل‬

  ‫التخزين»)‪ .‬ما نراه الآن هو‬              ‫«فيروس» و«فيروسي»‬           ‫كل هذه الأحلام الوردية‪،‬‬
   ‫عودة كلية ومستفحلة إلى‬                                              ‫من المهم الاعتراف بأن‬
                                          ‫للإشارة إلى الفيروسات‬    ‫التهديد لا يزال قائ ًما‪ ،‬وحتى‬
     ‫المعنى الحرفي الأصلي‬                                            ‫لو انحسرت موجة الوباء‪،‬‬
       ‫للمصطلح‪ :‬حيث تعمل‬              ‫الرقمية التي تصيب شبكة‬        ‫فمن المحتمل أن تظهر مرة‬
     ‫العدوى الفيروسية جنبًا‬                                           ‫أخرى في أشكال جديدة‪،‬‬
   ‫إلى جنب في كلا البعدين‪:‬‬              ‫الويب الخاصة بنا‪ ،‬والتي‬   ‫وربما أكثر خطورة‪ .‬فالحقيقة‬
   ‫«الحقيقي» و«الافتراضي»‪.‬‬                                         ‫التي مؤداها أن لدينا بالفعل‬
       ‫ظاهرة غريبة أخرى‬                  ‫لم نكن على دراية بها‪،‬‬       ‫مرضى نجوا من الإصابة‬
       ‫يمكننا ملاحظتها وهي‬                                             ‫بفيروس كورونا‪ ،‬وأُعلن‬
  ‫العودة المتزايدة لما ُيسمى‬         ‫على الأقل بالنسبة لقوتها‬         ‫علاجهم‪ ،‬ثم أصيبوا مرة‬
     ‫«الروحانية الرأسمالية»‪،‬‬                                        ‫أخرى‪ ،‬هي علامة مشؤومة‬
     ‫أعني النظر إلى الأسواق‬               ‫التدميرية المطلقة‪ ..‬ما‬
   ‫أو رأس المال المالي مثلما‬                                                  ‫في هذا الاتجاه‪.‬‬
   ‫نتعامل مع الكيانات الحية‪.‬‬            ‫نراه الآن هو عودة كلية‬        ‫لهذا السبب‪ ،‬يمكننا أن‬
  ‫إذا انصت المرء إلى وسائل‬                                          ‫نتوقع أن الوباء الفيروسي‬
‫إعلامنا الكبيرة‪ ،‬فإن الانطباع‬            ‫ومستفحلة إلى المعنى‬         ‫سيؤثر على أكثر تفاعلاتنا‬
  ‫الذي سيخرج به منا هو أن‬
 ‫ما يجب أن نقلق بشأنه ليس‬              ‫الحرفي الأصلي للمصطلح‬             ‫الأوليّة مع الأشخاص‬
   ‫الآلاف الذين ماتوا بالفعل‬                                       ‫والأشياء الأخرى من حولنا‪،‬‬
     ‫والكثير ممن سيموتون‪،‬‬            ‫يجب عليك أن تتعلم كيف‬        ‫بما في ذلك أجسامنا‪ :‬ستزداد‬
‫ولكن من حقيقة أن «الأسواق‬           ‫تحكم وتسيطر على نفسك!‬         ‫التعليمات حول كيفية التعامل‬
 ‫أصبحت مذعورة»‪ ،‬ففيروس‬               ‫وربما سيتم اعتبار الواقع‬       ‫مع هذه الأزمة؛ مثل‪ :‬تجنب‬
   ‫كورونا يزعج أكثر من أي‬         ‫الافتراضي هو وحده المكان‬          ‫لمس الأشياء التي قد تكون‬
    ‫وقت مضى الأداء السلس‬          ‫الآمن‪ ،‬وربما كذلك يتم التنقل‬
    ‫للسوق العالمية‪ .‬ألا يشير‬        ‫بحرية في مساحة مفتوحة‬             ‫(غير مرئية) متسخة‪ ،‬ولا‬
 ‫كل هذا بوضوح إلى الحاجة‬                                           ‫تلمس ال َخ ّطافات‪ ،‬ولا تجلس‬
‫ال ُمل ّحة لإعادة تنظيم الاقتصاد‬      ‫للجزر المملوكة للأثرياء‪.‬‬    ‫في المراحيض العامة أو على‬
 ‫العالمي بحيث لا يكون تحت‬            ‫لكن حتى على مستوى‬              ‫المقاعد في الأماكن العامة‪،‬‬
 ‫رحمة آليات السوق؟ نحن لا‬         ‫الواقع الافتراضي والإنترنت‪،‬‬        ‫وتجنب معانقة الآخرين أو‬
‫نتحدث هنا عن الشيوعية من‬           ‫يجب أن نذكر أنفسنا أنه في‬       ‫المصافحة باليد‪ ..‬وكن حذ ًرا‬
 ‫الطراز القديم‪ ،‬وإنما عن نوع‬      ‫العقود الأخيرة‪ ،‬تم استخدام‬
   ‫من المنظمات العالمية التي‬                                          ‫بشكل خاص حول كيفية‬
  ‫يمكنها التحكم في الاقتصاد‬              ‫مصطلحي «فيروس»‬           ‫التحكم في جسمك وإيماءاتك‬
    ‫وتنظيمه‪ ،‬وكذلك الحد من‬           ‫و«فيروسي» للإشارة إلى‬
    ‫سلطة الدول القومية عند‬            ‫الفيروسات الرقمية التي‬        ‫العفوية؛ فلا تلمس أنفك أو‬
                                  ‫تصيب شبكة الويب الخاصة‬            ‫تفرك عينيك‪ ..‬باختصار‪ ،‬لا‬
                                  ‫بنا‪ ،‬والتي لم نكن على دراية‬       ‫تلعب مع نفسك‪ .‬لذا‪ ،‬ليست‬
                                                                   ‫الدولة والهيئات الأخرى هي‬
                                                                    ‫وحدها التي تتحكم فينا‪ ،‬بل‬
   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170