Page 162 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 162

‫العـدد ‪١٩‬‬                                 ‫‪162‬‬

                                ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                             ‫الصراع مرة أخرى‪ :‬فكلا‬
                                                                    ‫الطرفين يمثل جز ًءا من نفس‬
   ‫التهديد إلى مصدر شرقي‬            ‫أ َّدى الانتشار الواسع لهذا‬
 ‫(الصين)‪ .‬ولكن إذا اختلطت‬                                              ‫اللعبة الجيوسياسية على‬
‫المسألتان م ًعا‪ ،‬وإذا تم النظر‬            ‫الوباء الفيروسي إلى‬          ‫حساب الشعب السوري‪.‬‬
‫إلى اللاجئين على أنهم سبب‬                                          ‫ليس فقط لأن أ ًّيا من الطرفين‬
                                       ‫انتشاٍر مماثل لوباء آخر‬          ‫لا يهتم بمصلحة الشعب‬
    ‫من أسباب انتشار الوباء‬           ‫هو ما نسميه الفيروسات‬         ‫السوري‪ ،‬بل أي ًضا لأن كليهما‬
   ‫(وبالطبع من المحتمل أن‬                                            ‫يستغل معاناته‪ .‬ما لا يمكن‬
   ‫يكون هناك انتشار واسع‬                 ‫الأيديولوجية الكامنة‬         ‫إلا أن يلفت الانتباه هنا هو‬
     ‫النطاق لفيروس كورونا‬                                          ‫التشابه بين بوتين وأردوغان‪،‬‬
                                        ‫في مجتمعاتنا‪ :‬الأخبار‬         ‫اللذين يمثلان أكثر من أي‬
       ‫بين اللاجئين أنفسهم‬                                              ‫وقت مضى نسختين من‬
       ‫نظ ًرا للظروف السيئة‬                  ‫المز َّيفة‪ ،‬النظريات‬        ‫النظام السياسي نفسه‪،‬‬
     ‫في المخيمات المكتظة)‪،‬‬                                         ‫بقيادة شخصية مركبة يمكننا‬
    ‫فإن الأصوات العنصرية‬                    ‫المذعورة للمؤامرة‪،‬‬        ‫أن نطلق عليها (بوتوغان)‪.‬‬
      ‫الشعبوية ستكون عند‬                                              ‫لهذا السبب نفسه يجب‬
   ‫ذروتها ومستواها الأكبر‪:‬‬                ‫انفجارات العنصرية‪،‬‬          ‫علينا أن نكف عن التساؤل‬
 ‫وبالتالي ستكون قادرة على‬                                          ‫عن المسئول أكثر عن الأزمة؛‬
 ‫تبرير استبعادها وتهجيرها‬                          ‫وما إلى ذلك‬          ‫أهو أردوغان‪ ،‬أم بوتين؟‬
      ‫للأجانب لدعاوى طبية‬                                               ‫فكلاهما أسوأ من الآخر‪،‬‬
 ‫«علمية»‪ .‬ويمكن للسياسات‬           ‫القصور الرئاسية الفخمة!‬           ‫ويجب معاملتهما على أنهما‬
‫المتعاطفة التي تسمح بوجود‬         ‫يمكننا الآن أن ندرك أن‬               ‫من مجرمي الحرب الذين‬
  ‫اللاجئين أن تؤدي بسهولة‬       ‫الجمع بين العواصف الثلاثة‬          ‫يستغلون معاناة الملايين من‬
 ‫إلى رد فعل من الذعر‪ .‬وكما‬      ‫يجعل العاصفة مثالية وتامة‬             ‫الشعب السوري ويدمرون‬
   ‫ادعى «فيكتور أوربان»(‪)3‬‬         ‫في أوروبا بشكل خاص‪:‬‬                ‫البلاد لتحقيق أهدافهما بلا‬
   ‫(‪ ،)Viktor Orbán‬رئيس‬         ‫يمكن أن يكون لموج ٍة جديدة‬              ‫رحمة‪ ،‬ومن بينها تدمير‬
 ‫الوزراء المجري‪ ،‬في خطاب‬         ‫من اللاجئين‪ ،‬تنظ ُمها تركيا‬           ‫أوروبا الموحدة‪ .‬وعلاوة‬
    ‫أخير له‪ ،‬يمكن أن تصبح‬        ‫وترعاها‪ ،‬عواق َب كارثية في‬         ‫على ذلك‪ ،‬فإنهما يفعلان ذلك‬
‫المجر نموذ ًجا يحتذي به كل‬         ‫هذا التوقيت بالذات الذي‬           ‫في سياق وباء عالمي ‪-‬في‬
                                                                        ‫وقت أصبح فيه التعاون‬
                    ‫أوروبا‪.‬‬          ‫يداهمنا فيه هذا الوباء‪.‬‬         ‫العالمي أكثر إلحا ًحا من أي‬
 ‫من أجل منع هذه الكارثة‪،‬‬           ‫وإلى جانب الواقع المؤلم‬              ‫وقت مضى‪ -‬باستخدام‬
 ‫فإن أول شيء يجب السعي‬            ‫الذي جعلنا ندرك بوضوح‬                 ‫الذعر المتفشي كوسيلة‬
                                ‫ضرورة الحاجة إلى التعاون‬             ‫لتحقيق أهدافهم العسكرية‪.‬‬
   ‫إلى تنفيذه هو شيء شبه‬            ‫والتضامن العالمي‪ ،‬فإن‬           ‫والحق أننا إذا كنّا نعيش في‬
    ‫مستحيل‪ :‬تعزيز الوحدة‬          ‫أحد الأشياء الجيدة القليلة‬        ‫عالم يتمتع بالحد الأدنى من‬
 ‫التشغيلية لأوروبا‪ ،‬وخاصة‬         ‫هو أن الوباء لم ُينسب إلى‬        ‫العدالة‪ ،‬فإن مكانهما المناسب‬
‫التنسيق بين فرنسا وألمانيا‪.‬‬      ‫المهاجرين واللاجئين‪ -‬مع‬           ‫سيكون في المحكمة الجنائية‬
     ‫وبنا ًء على هذه الوحدة‪،‬‬    ‫الوضع في الاعتبار أن بعض‬            ‫الدولية في لاهاي‪ ،‬وليس في‬
 ‫يتعين على أوروبا عندئ ٍذ أن‬      ‫الأصوات العنصرية نسبت‬
  ‫تتعامل مع أزمة اللاجئين‪.‬‬
‫ومؤخ ًرا في نقاش تليفزيوني‬

       ‫أخير‪ ،‬قدم «جريجور‬
  ‫جيسي» (‪،)Gregor Gysi‬‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167