Page 160 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 160

‫العـدد ‪١٩‬‬                                  ‫‪160‬‬

                                  ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                           ‫حيث يرى أن دوافع المثابرة‪،‬‬
                                                                        ‫والطموح إلى الكفاءة‪ ،‬تجعلنا‬
 ‫هذا التوتر هو الذي يجعل هذا‬              ‫«لو كانت الصين ُتعلي‬         ‫نتمسك بالتضامن والتضحية‬
    ‫«العمل الجماعي الإبداعي»‬
    ‫ُمره ًقا للغاية‪ .‬ولهذا فإنهم‬           ‫من شأن حرية التعبير‬            ‫في الوقت نفسه‪ ،‬وبالتالي‬
                                                                         ‫ندخل في دوامة من ترسيم‬
  ‫مسئولون عن نجاح الشركة‪،‬‬                 ‫والرأي‪ ،‬لما كانت هناك‬          ‫الحدود والاستغلال الذاتي‬
  ‫في حين أن عملهم الجماعي‬
    ‫ينطوي أي ًضا على منافسة‬                 ‫أزمة فيروس كورونا‪.‬‬              ‫والانهيار‪ .‬ويؤكد «هان»‬
    ‫فيما بينهم ومع مجموعات‬                                                ‫أن الأشخاص قد أصبحوا‬
  ‫أخرى‪ .‬وبصفتهم المسئولين‬                 ‫وسوف تتكرر مثل هذه‬          ‫مستغلين ذاتيين بشكل تلقائي‪،‬‬
  ‫عن تنظيم سير العمل‪ ،‬فإنهم‬                                             ‫فهم ليسوا سادة وعبي ًدا‪ ،‬بل‬
 ‫يتقاضون رواتبهم مقابل أداء‬                 ‫الأزمة ما دام أن حرية‬       ‫أصبح الفرد نفسه ما يسميه‬
    ‫الأدوار التي تخص تقليد ًّيا‬                                           ‫هان «موضو ًعا للإنجاز»؛‬
 ‫الرأسماليين‪ .‬وهكذا‪ ،‬ومع كل‬           ‫التعبير والحقوق الأساسية‬
 ‫مخاوف ومسئوليات الإدارة‪،‬‬                                                   ‫حيث لا يعتقد الفرد أنه‬
  ‫بينما يبقى من يعملون بأجر‬            ‫للمواطنين غير مكفولة‪»..‬‬         ‫«خاضع» لأشياء بل بالأحرى‬
  ‫غير آمنين بمستقبلهم‪ ،‬فإنهم‬                                          ‫«لمشاريع»‪ ،‬وبالتالي فنحن في‬
   ‫يحصلون على أسوأ ما في‬               ‫الصحافية المقيمة في هونغ كونغ‬    ‫الواقع بإزاء نوع أكثر فاعلية‬
                                                                       ‫من الاستعباد والقهر‪ .‬فالفرد‪،‬‬
                   ‫العالمين‪.‬‬                            ‫«فيرنا يو»‬     ‫كمشروع‪ ،‬وإن كان خاليًا من‬
      ‫مثل هذه الانقسامات‬                                               ‫القيود الخارجية والطارئة‪ ،‬إلا‬
   ‫الطبقية اكتسبت بع ًدا جدي ًدا‬     ‫الإدارة العليا أو المالكين أو‬      ‫أنه الآن ُيخضع نفسه للقيود‬
‫في ظل حالة الذعر التي سببها‬            ‫أصحاب رؤوس الأموال‪.‬‬
   ‫فيروس كورونا‪ .‬لقد أُجبرنا‬                                            ‫الداخلية والذاتية‪ ،‬التي تتخذ‬
  ‫على العمل من داخل المنزل‪،‬‬       ‫يتعامل هؤلاء «على نحو مبدع»‬              ‫شكل الإنجاز والتحسين‬
    ‫في حالة من العزل الآمن‪.‬‬       ‫مع التنظيم الاجتماعي للإنتاج‪،‬‬                         ‫القهري(‪.)1‬‬
  ‫لكن ما هي المجموعات التي‬
     ‫يمكنها القيام بذلك؟ إنهم‬          ‫لكن دورهم غامض‪ :‬فمن‬               ‫يواجهنا فيروس كورونا‬
‫المدرسون وأساتذة الجامعات‪،‬‬          ‫ناحية‪« ،‬من خلال تخصيص‬                ‫بالعمل داخل منازلنا وعدم‬
    ‫والمديرون القادرون على‬        ‫وظائف ريادة الأعمال‪ ،‬يتعامل‬
‫مباشرة العمل من خلال البريد‬         ‫العمال مع الطابع الاجتماعي‬                ‫الاختلاط في الخارج‪،‬‬
  ‫الإلكتروني والاجتماعات عن‬                                                 ‫لكن العمال غير الثابتين‬
     ‫بعد‪ ،‬بحيث إنه حتى وهم‬             ‫ومعنى عملهم في الشكل‬               ‫(المؤقتين)‪ ،‬الذين يعملون‬
    ‫في هذه الحالة‪ ،‬فإن العمل‬          ‫المحدود للربحية»‪ ،‬ذلك أن‬          ‫خلف شاشات الكمبيوتر في‬
   ‫يستمر بسلاسة تامة‪ ،‬وهم‬              ‫«القدرة على تنظيم العمل‬          ‫المنازل ليسوا هم فقط الذين‬
 ‫من ناحية أخرى لديهم الوقت‬            ‫والتعاون المشترك بكفاءة‬          ‫يستنفدون أنفسهم من خلال‬
 ‫الكافي لـ «استغلال أنفسهم»‪.‬‬         ‫وبشكل اقتصادي‪ ،‬والتفكير‬            ‫الاستغلال الذاتي على النحو‬
     ‫لكن ماذا عن أولئك الذين‬          ‫في الطابع المفيد اجتماعيًّا‬          ‫الذي يتحدث عنه «هان»؛‬
 ‫يجري عملهم في الخارج؛ في‬          ‫للعمل‪ ،‬هي عمل مفيد للبشرية‬           ‫فهناك أي ًضا مجموعة أخرى‬
‫المصانع والحقول‪ ،‬في المتاجر‬           ‫وسيظل كذلك دائ ًما»‪ .‬ومع‬           ‫ُيشار إليها عاد ًة بالمصطلح‬
 ‫والمستشفيات ووسائل النقل‬             ‫هذا فإنهم يفعلون ذلك في‬         ‫المضلل (فريق العمل الجماعي‬
  ‫العام؟ يجب أن تحدث أشياء‬           ‫ظل التبعية المستمرة لرأس‬          ‫الإبداعي)‪ .‬وهؤلاء هم العمال‬
                                                                            ‫الذين ُيتوقع منهم القيام‬
                                        ‫المال؛ أعني بهدف جعل‬               ‫بوظائف ريادية نيابة عن‬
                                    ‫الشركة أكثر كفاءة وربحية‪..‬‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165