Page 161 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 161

‫حول العالم ‪1 6 1‬‬

   ‫وطلبت منهم المغادرة من‬           ‫جمي ًعا في نفس القارب‪.‬‬    ‫كثيرة في «الخارج غير الآمن»‬
   ‫أوروبا‪ ،‬وبدأت بالفعل في‬         ‫وهناك علامات تشير إلى‬        ‫حتى يتمكن هؤلاء الآخرون‬
 ‫نقلهم إلى الحدود اليونانية‪،‬‬    ‫أن ما ُيسمى بأوروبا يقترب‬      ‫من البقاء في الحجر الصحي‬
    ‫برر أردوغان هذا الإجراء‬                                                  ‫الخاص بهم‪.‬‬
  ‫لأسباب إنسانية برجماتية‪:‬‬            ‫أكثر بكثير من البلدان‬     ‫وأخي ًرا وليس آخ ًرا‪ ،‬يجب‬
    ‫فلم تعد تركيا قادرة على‬       ‫الأخرى من مصير سفينة‬           ‫أن نقاوم ذلك الإغراء الذي‬
  ‫احتضان العدد المتزايد من‬         ‫«أندريا جيل»(‪Andrea )2‬‬         ‫يدفعنا إلى إدانة الانضباط‬
    ‫اللاجئين‪ .‬يمثل هذا العذر‬        ‫‪ .Gail‬بيد أن هناك ثلاث‬      ‫الذاتي الصارم‪ ،‬والتفاني في‬
   ‫القبيح نو ًعا من المفارقات‬     ‫عواصف تخيم على العالم‬           ‫العمل‪ ،‬ونشر شعارات من‬
 ‫الساخرة؛ لأن تركيا بزعامة‬     ‫وتستجمع قوتها فوق أوروبا‪:‬‬           ‫قبيل‪« :‬حسنا‪ ،‬خذ الأمور‬
                                 ‫الأولى والثانية لا تقتصران‬      ‫بسهولة!»‪« ،‬فالعمل يجعلك‬
      ‫أردوغان تتجاهل كيف‬          ‫على أوروبا وحدها‪ ،‬وهما‪:‬‬        ‫ح ًرا» ‪ -‬وهو شعار لا يزال‬
      ‫شاركت هي نفسها في‬           ‫مرض كوفيد‪ 19 -‬بتأثيره‬           ‫هو الشعار الصحيح‪ ،‬على‬
     ‫الحرب الأهلية السورية‪،‬‬       ‫الجسدي المهلك والفوري‬          ‫الرغم من إساءة استخدامه‬
    ‫ودعم فصيل ضد الآخر‪،‬‬           ‫(الحجر الصحي‪ ،‬المعاناة‪،‬‬        ‫بوحشية كما فعل النازيون‬
‫وبالتالي فإنها مسئولة بشكل‬       ‫الوفاة)‪ ،‬وآثاره الاقتصادية‬
 ‫كبير عن تدفق اللاجئين إلى‬                                    ‫من قبل‪ .‬نعم‪ ،‬هناك عمل قا ٍس‬
    ‫أوروبا وإلى تركيا بشكل‬            ‫التي ستكون أسوأ في‬      ‫وشاق بالنسبة للكثيرين الذين‬
 ‫خاص‪ .‬والآن تريد تركيا من‬           ‫أوروبا لأن القارة راكدة‬   ‫يكافحون ويحدون من انتشار‬
‫بقية دول أوروبا أن تشاركها‬          ‫الآن بالفعل‪ ،‬وهي أي ًضا‬   ‫الوباء‪ ،‬لكنه عمل هادف لصالح‬
    ‫في تحمل عبء اللاجئين‬         ‫أكثر اعتما ًدا من غيرها على‬
  ‫السوريين‪ ،‬وهي بذلك تدفع‬        ‫الواردات والصادرات (على‬         ‫المجتمع الذي يجلب رضاه‬
  ‫ثمن سياساتها القاسية‪ .‬إن‬        ‫سبيل المثال‪ ،‬فإن صناعة‬        ‫عليهم‪ ،‬وليس مجرد مجهود‬
‫«الحل» المزيف لأزمة الأكراد‬          ‫السيارات تمثل العمود‬      ‫لاستمرار نجاح نظام السوق‬
   ‫في سورية ‪-‬حيث تحاول‬           ‫الفقري للاقتصاد الألماني‪،‬‬       ‫الحر‪ .‬وعندما يكون الطبيب‬
 ‫كل من تركيا وروسيا فرض‬        ‫وقد توقف تصدير السيارات‬          ‫أو مساعده منه ًكا من العمل‬
‫السلام حتى تتحكم كل منهما‬        ‫الفاخرة إلى الصين)‪ .‬وإلى‬        ‫الإضافي‪ ،‬فإن تعبه يختلف‬
‫بطريقتها‪ -‬ينهار الآن‪ ،‬كما أن‬       ‫جانب هاتين العاصفتين‪،‬‬       ‫عن تعب أولئك الذين يجرون‬
‫روسيا وتركيا لا تزالان حتى‬         ‫هناك عاصفة ثالثة يمكننا‬       ‫أعمالهم وينفذون ما تتطلبه‬
   ‫في وضع مثالي لممارسة‬                                         ‫منهم مهنتهم بطريقة قهرية‪.‬‬
   ‫الضغط على أوروبا‪ :‬فكلا‬              ‫تسميتها بـ(فيروس‬       ‫فتعب الأطباء ومساعدوهم هو‬
 ‫الدولتين تتحكم في إمدادات‬           ‫بوتوغان) والمتمثل في‬     ‫التعب الجدير بالاهتمام والثناء‬
‫النفط‪ ،‬وكذلك تدفق اللاجئين‪،‬‬       ‫الانفجار الجديد للعنف في‬
 ‫وبالتالي يمكن استخدام كل‬          ‫سورية بين تركيا ونظام‬                         ‫الحقيقي‪.‬‬
     ‫منهما كوسيلة للابتزاز‪.‬‬        ‫الأسد (وبدعم مباشر من‬
      ‫ومن ناحية أخرى لا‬               ‫روسيا)‪ .‬حيث يستغل‬                        ‫(‪)3‬‬
    ‫يجب أن ننخدع بالرقصة‬          ‫الجانبان (تركيا وروسيا)‬
     ‫الشيطانية بين أردوغان‬     ‫بحماقة شديدة معاناة ملايين‬           ‫نحو عاصفة تا ّمة‬
    ‫وبوتين‪ ،‬من الصراع إلى‬        ‫النازحين لتحقيق مكاسبهم‬                   ‫في أوروبا‬
     ‫التحالف‪ ،‬ثم العودة إلى‬
                                                ‫السياسية‪.‬‬      ‫نظ ًرا لأزمة الوباء العالمية‬
                                    ‫عندما بدأت تركيا في‬        ‫التي سببها فيروس كورونا‬
                                   ‫استجداء آلاف المهاجرين‬
                                                                   ‫المتفشي‪ ،‬فغالبًا ما نجد‬
                                                               ‫أصوات ودعوات تقول بأننا‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166