Page 159 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 159

‫حول العالم ‪1 5 9‬‬                 ‫يؤكد «بيونغ تشول هان»‬        ‫إذا نظرنا إلى الوباء من هذا‬
                                   ‫أن الأشخاص قد أصبحوا‬         ‫المنظور أو حاولنا البحث‬
 ‫أو ًل»‪ ،‬وكما قال مارتن لوثر‬       ‫مستغلين ذاتيين بشكل‬         ‫عن مثل هذه الدلالة الخفية‬
    ‫كينغ منذ أكثر من نصف‬                ‫تلقائي‪ ،‬فهم ليسوا‬        ‫من ورائه‪ ،‬فإننا وبحق لا‬
                                     ‫سادة وعبي ًدا‪ ،‬بل أصبح‬
 ‫قرن‪« :‬ربما نكون قد وصلنا‬             ‫الفرد نفسه ما يسميه‬    ‫نزال نعيش في عصر ما قبل‬
    ‫على متن قوارب مختلفة‪،‬‬           ‫هان «موضو ًعا للإنجاز»؛‬      ‫الحداثة‪ :‬لأننا هنا نتعامل‬
   ‫لكننا جمي ًعا الآن في نفس‬        ‫حيث لا يعتقد الفرد أنه‬      ‫مع الكون الذي نعيش فيه‬
                   ‫القارب»‪.‬‬
                                 ‫«خاضع» لأشياء بل بالأحرى‬     ‫بوصفه شري ًكا في التواصل‬
                 ‫(‪)2‬‬                              ‫«لمشاريع»‬    ‫والتفاعل معنا‪ .‬ومن ناحية‬
                                                                   ‫أخرى‪ ،‬فإن ما يصعب‬
     ‫لماذا نحن متعبون‬                               ‫هان‬        ‫تصديقه ح ًّقا هو الزعم بأن‬
           ‫طيلة الوقت؟‬                                         ‫الأوبئة ليست سوى نتيجة‬

     ‫في خضم الأزمة التي‬                                      ‫للطوارئ الطبيعية في أقصى‬
  ‫أحدثها فيروس كورونا نجد‬                                       ‫درجاتها‪ ،‬وأنها حدثت هنا‬
‫أنفسنا أمام صنفين من البشر‪:‬‬                                    ‫والآن‪ ،‬ولا تحمل أية معاني‬
                                                               ‫أو دلالات خفية‪ .‬فنحن‪ ،‬في‬
    ‫هؤلاء مثل مق ِّدمي الرعاية‬
     ‫الصحية والطواقم الطبية‪،‬‬                                  ‫النظام الأكبر لعالم الأشياء‪،‬‬
      ‫الذين يعانون من إرهاق‬                                      ‫مجرد نوع ليس له أهمية‬
   ‫شديد يصل إلى حد الإنهاك‬                                                       ‫خاصة‪.‬‬
  ‫والاستنزاف البدني‪ ،‬وأولئك‬                                     ‫وفي ضوء التهديد الذي‬
  ‫الذين ليس لديهم ما يفعلونه‬                                     ‫يشكله تفشي هذا الوباء‪،‬‬
    ‫لأنهم في حالة من الحجر‬                                          ‫عرض رئيس الوزراء‬
  ‫الصحي سواء كان قسر ًّيا أو‬                                        ‫الإسرائيلي‪« ،‬بنيامين‬
   ‫طوعيًّا‪ .‬وباعتباري من الفئة‬                                       ‫نتنياهو»‪ ،‬على الفور‬
    ‫الثانية‪ ،‬أراني مضط ًرا إلى‬                                    ‫المساعدة والتنسيق مع‬
‫استعمال هذا التصنيف لاقتراح‬                                      ‫السلطة الفلسطينية؛ ليس‬
   ‫نهج من التفكير يفسر حالة‬                                         ‫بدافع أخلاقي أو بأي‬
  ‫المعاناة التي نعيشها جمي ًعا‪.‬‬                                   ‫اعتبارات إنسانية‪ ،‬وإنما‬
‫سأتجاهل هنا المفارقة المتمثلة‬                                    ‫لتيقنه بأنه من المستحيل‬
‫في حالة الخمول التي تصاحب‬
 ‫العزل القسري‪ ،‬والتي تجعلنا‬                                    ‫فصل اليهود والفلسطينيين‬
    ‫نشعر بالتعب‪ ،‬لكن دعوني‬                                   ‫هناك‪ ،‬وإذا ما تأثرت مجموعة‬
  ‫أبدأ بما يقوله «بيونغ تشول‬
 ‫هان» (‪،)Byung-Chul Han‬‬                                        ‫من المجموعتين‪ ،‬فستعاني‬
   ‫الفيلسوف الألماني المولود‬                                            ‫الأخرى لا محالة‪.‬‬
     ‫في كوريا الجنوبية‪ ،‬الذي‬
   ‫قدم سر ًدا منهجيًّا يشخص‬                                        ‫ومن خلال ما سبق‬
  ‫فيه كيف نعيش في «مجتمع‬                                       ‫كله‪ ،‬فإن الحقيقة الساطعة‬
                                                               ‫التي يجب أن نترجمها إلى‬
      ‫التعب» (‪The Burnout‬‬                                    ‫السياسة تتمثل في أن الوقت‬
  ‫‪ )Society‬ولماذا؟ وذلك في‬
‫تحفته التي تحمل الاسم نفسه‪،‬‬                                       ‫قد حان لإسقاط شعار‪:‬‬
                                                             ‫«أمريكا (أو أي شخص آخر)‬
   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164