Page 154 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 154

‫العـدد ‪١٩‬‬                              ‫‪154‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                       ‫هو أن هذا الوباء سيدمر كل‬
                                                                        ‫أسس حياتنا‪ ،‬مما يسبب‪،‬‬
    ‫الأساسية للمواطنين غير‬                     ‫يجب أن نقاوم ذلك‬           ‫ليس فقط ك ًّما هائ ًّل من‬
      ‫مكفولة‪ ..‬وإذا كان يبدو‬                                            ‫المعاناة‪ ،‬بل أي ًضا جوانب‬
‫للبعض أن حقوق الإنسان في‬                   ‫الإغراء الذي يدفعنا إلى‬
‫الصين لا علاقة لها بما يحدث‬                                           ‫من الدمار الاقتصادي أسوأ‬
  ‫في بقية العالم‪ ،‬فإنه ‪-‬وكما‬                ‫إدانة الانضباط الذاتي‬        ‫بكثير من مرحلة الركود‬
      ‫رأينا بسبب هذه الأزمة‬
    ‫وغيرها‪ -‬يمكن أن تحدث‬                      ‫الصارم‪ ،‬والتفاني في‬      ‫الاقتصادي (الأزمة المالية‬
     ‫كارثة مماثلة عندما تكبل‬                                          ‫العالمية في ‪ .)2008‬وليس‬
   ‫الصين حريات مواطنيها‪..‬‬               ‫العمل‪ ،‬ونشر شعارات من‬
 ‫ويقينًا حان الوقت لأن يأخذ‬                                               ‫ثمة أية بادرة أمل تلوح‬
 ‫المجتمع الدولي هذه القضية‬                 ‫قبيل‪« :‬حسنا‪ ،‬خذ الأمور‬      ‫في الأفق القريب أو البعيد‬
                                                                        ‫تنبئ بالعودة إلى الوضع‬
           ‫على محمل الجد»‪.‬‬                    ‫بسهولة!»‪« ،‬فالعمل‬        ‫الطبيعي‪ ،‬وبالتالي سيتعين‬
  ‫صحيح أن أجهزة الدولة‬                                                  ‫علينا بناء «وضع طبيعي»‬
   ‫الصينية تعمل في تعارض‬                               ‫يجعلك حًرا»‬     ‫الجديد على أنقاض حياتنا‬
                                                                     ‫القديمة‪ ،‬أو أننا سنجد أنفسنا‬
        ‫مع شعار ماو القديم‬              ‫الرغم من تحذير العلماء‬       ‫في حالة جديدة من الهمجية‪،‬‬
    ‫«ثق بالناس!»‪ ،‬والحق أن‬                  ‫بشأنها منذ سنوات؟‬            ‫ولعل علاماتها تبدو الآن‬
   ‫حكومتها تعمل على أساس‬                                              ‫ظاهرة وواضحة للعيان كما‬
    ‫أنه لا يتعين عليها أن تثق‬                       ‫(‪)1‬‬
   ‫في الشعب‪ :‬فإذا كان عليها‬                                                ‫سنبين ذلك بالتفصيل‪.‬‬
   ‫أن تجعل الناس محبوبين‪،‬‬                ‫اليوم‪ ،‬نحن جمي ًعا‬               ‫شي ٌء آخر مهم يجب‬
  ‫ومحميين‪ ،‬ولديهم ما يكفي‬                   ‫في قارب واحد‪.‬‬              ‫أن نضعه في الاعتبار إزاء‬
‫من الخدمات الصحية‪ ،‬وبحيث‬                                               ‫فيروس كورونا المستجد‪،‬‬
  ‫يمكن السيطرة عليهم‪ ..‬لكن‬          ‫أصبح الطبيب الصيني «لي‬           ‫وهو أنه لا يكفي التعامل مع‬
  ‫لا ينبغي عليها أن تضع ثقة‬            ‫وينليانغ» بط ًل حقيقيًّا من‬      ‫هذا الوباء على أنه حادث‬
  ‫في الشعب! هذا الشك الذي‬            ‫أبطال عصرنا‪ ،‬مثل «إدوارد‬         ‫مؤسف‪ ،‬حتى لو كنّا نسعى‬
 ‫يخالج كل السلطات الصينية‬                ‫سنودن»‪ ،‬أو «تشيلسي‬               ‫جادين إلى التخلص من‬
   ‫باستمرار هو مجرد تتويج‬              ‫مانينغ»‪ ،‬لذلك لا عجب أن‬          ‫عواقبه والعودة إلى الأداء‬
    ‫لنفس الموقف الذي تبنته‬             ‫أثارت وفا ُته غضبًا عار ًما‪.‬‬  ‫الرخو والمستقر في الطريقة‬
 ‫عندما تعاملت مث ًل مع ردود‬          ‫ولعل أفضل رد فعل متوقع‬           ‫القديمة التي كانت تعمل بها‬
      ‫الفعل على الاحتجاجات‬                                           ‫الأشياء‪ ،‬مع بعض التعديلات‬
 ‫البيئية أو على مشاكل تتعلق‬         ‫على تعامل السلطات الصينية‬          ‫التي ربما ستطول ترتيبات‬
     ‫بصحة العمال‪ .‬ويبدو أن‬             ‫معه هو ما جاء في تعليق‬          ‫وإجراءات الرعاية الصحية‬
     ‫الصين غالبًا ما تلجأ إلى‬                                           ‫في كل دولة‪ .‬يتعين علينا‪،‬‬
     ‫مثل هذا الإجراء المحدد‪:‬‬         ‫الصحافية المقيمة في هونغ‬        ‫في ظل هذه الأزمة‪ ،‬أن نطرح‬
‫فعندما يختفي شخص (سواء‬                 ‫كونغ‪« ،‬فيرنا يو» (‪Verna‬‬        ‫التساؤل الرئيسي التالي‪ :‬ما‬
    ‫كان ناش ًطا بيئيًّا‪ ،‬أو طالبًا‬        ‫‪« :)Yu‬لو كانت الصين‬         ‫وجه الخطأ في النظام العام‬
‫ماركسيًّا‪ ،‬أو رئيس الإنتربول‪،‬‬                                          ‫الذي يحكمنا‪ ،‬والذي جعلنا‬
 ‫أو داعية دينيًّا‪ ،‬أو ناش ًرا في‬     ‫ُتعلي من شأن حرية التعبير‬            ‫غير مستعدين لمواجهة‬
   ‫هونغ كونغ‪ ،‬أو حتى ممثلة‬           ‫والرأي‪ ،‬لما كانت هناك أزمة‬       ‫الكارثة والقضاء عليها‪ ،‬على‬

                                        ‫فيروس كورونا‪ .‬وسوف‬
                                    ‫تتكرر مثل هذه الأزمة ما دام‬

                                       ‫أن حرية التعبير والحقوق‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159