Page 182 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 182

‫العـدد ‪١٩‬‬                               ‫‪182‬‬

                                ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                       ‫ما هو مطلوب لمكافحة فيروس‬
                                                                   ‫كورونا‪ ..‬إذا فعل ذلك أوباما‪،‬‬
      ‫كضرورة طبية؛ وإذا لم‬           ‫فإن ما يهم ح ًقا هو كيف‬        ‫فإن السياسيين الشعبويين‬
   ‫يصاحب الذعر من الناجين‬       ‫نغيره؟ وفي أي اتجاه؟ وما هي‬        ‫اليمينيين كانوا من دون شك‬
                                                                  ‫سينفجرون غضبًا‪ ،‬مدعين أنه‬
     ‫والباقين على قيد الحياة‬      ‫الإجراءات والتدابير المطلوبة‬
‫أبعا ًدا سياسية بشكل واضح‪،‬‬       ‫لذلك؟ وهناك حذر يسود الآن‪،‬‬      ‫يستغل الأزمة الصحية كذريعة‬
‫فإنه يجعلنا ننظر إلى الآخرين‬     ‫وفيه رسالة ظاهرة تقول بأننا‬      ‫لتطبيق الشيوعية في الولايات‬
‫بوصفهم مصدر تهديد مميت‬
                                    ‫جمي ًعا وفي ظل هذا الوباء‪،‬‬                      ‫المتحدة‪.‬‬
   ‫لنا‪ ،‬وليس رفا ًقا في الكفاح‬   ‫يجب أن ننسى السياسة‪ ،‬وأن‬          ‫وإذا كان المثل يقول‪« :‬في‬
      ‫ضد الوباء‪ .‬ومن جانبه‬       ‫نعمل فقط في انسجام وتناغم‬         ‫ظل الأزمة‪ ،‬كلنا اشتراكيون»‪،‬‬
                                 ‫لإنقاذ أنفسنا بأنفسنا‪ .‬إن هذه‬      ‫فإن ترامب نفسه يفكر الآن‬
  ‫يضيف «هان» بعض الرؤى‬          ‫الدعوة أو الرسالة تعد في رأيي‬        ‫في شكل من أشكال الدخل‬
    ‫المستمدة من الاختلافات‬      ‫خاطئة تما ًما‪ :‬فالسياسة مطلوبة‬   ‫الأساسي غير المشروط‪ ..‬شيك‬
       ‫الحضارية بين الشرق‬                                          ‫بمبلغ ألف دولار لكل مواطن‬
                                    ‫الآن‪ ،‬لأن القرارات المتعلقة‬    ‫بالغ‪ ..‬سيتم إنفاق تريليونات‬
 ‫والغرب‪ ،‬حيث يرى أن الدول‬        ‫بالتضامن ذات طبيعة سياسية‬         ‫الدولارات‪ ،‬في انتهاك واضح‬
 ‫الغربية المتقدمة ستبالغ في‬
  ‫رد الفعل لأنها اعتادت على‬                         ‫بامتياز‪.‬‬            ‫لكل قواعد السوق الحر‬
 ‫الحياة بدون أعداء حقيقيين‪،‬‬                                        ‫التقليدية‪ .‬لكن السؤال الملح‪:‬‬
                                               ‫(‪)10‬‬
   ‫ونظ ًرا لكونها منفتحة على‬                                          ‫كيف؟ وأين سيحدث هذا؟‬
      ‫الجميع ومتسامحة من‬            ‫الشيوعية العالمية‪،‬‬                  ‫ولمن؟ هل ستكون هذه‬
     ‫الدول الأخرى‪ ،‬ولم تكن‬                 ‫أو البربرية‪..‬‬
                                          ‫هكذا ببساطة‬              ‫الاشتراكية الاضطرارية التي‬
    ‫لتتعود على التحصين من‬                                           ‫بدأت بالفعل تلوح في الأفق‬
     ‫أوبئة وفيروسات مدمرة‬            ‫بداية من «آلان بادو»‬            ‫هي اشتراكية للأغنياء فقط‬
    ‫مثل فيروس كورونا هذا‪،‬‬            ‫إلى «بيونغ تشول هان»‬        ‫(كما كانت مع إنقاذ البنوك في‬
    ‫نظ ًرا لكل هذا‪ ،‬فإنه عندما‬       ‫(‪،)Byung-Chul Han‬‬           ‫عام ‪ ،2008‬بينما َف َق َد الملايين‬
  ‫ظهر لها تهدي ٌد حقيقي بمثل‬      ‫الفيلسوف الألماني المولود‬       ‫من الناس العاديين مدخراتهم‬
  ‫هذا الحجم‪ ،‬دخلت في حالة‬       ‫في كوريا الجنوبية‪ ،‬وفلاسفة‬        ‫الصغيرة)؟ وهل سيتم اختزال‬
    ‫من الذعر‪ .‬لكن هل الغرب‬           ‫آخرين‪ ،‬ومن الاتجاهات‬             ‫الوباء إلى فصل جديد في‬
   ‫المتطور متسامح ح ًّقا كما‬                                        ‫القصة الطويلة الحزينة التي‬
      ‫يدعي «هان»؟ ألا تتخلل‬             ‫اليمينية إلى الحركات‬
                                ‫اليسارية‪ ،‬كلهم وجهوا سهام‬              ‫أسمتها «نعومي كلاين»‬
       ‫الرؤى الفكرية الغربية‬     ‫النقد إل َّي‪ ،‬بل وبعضهم سخر‬        ‫(‪« )Naomi Klein‬رأسمالية‬
   ‫المروعة مجالهم السياسي‬                                          ‫الكوارث»؟ أم أنه من المرجح‬
‫والاجتماعي بأكمله‪ ،‬كالخوف‬           ‫مني عندما قلت بضرورة‬         ‫أن ينشأ نظام عالمي جديد أكثر‬
   ‫من تهديدات بكارثة بيئية‪،‬‬     ‫تبني نمط من الشيوعية نتيجة‬          ‫تواز ًنا‪ ،‬وربما أكثر تواض ًعا؟‬
                                ‫لهذا الوباء المتفشي في جميع‬      ‫جميعنا يقول اليوم إنه يتعين‬
       ‫والخوف من اللاجئين‬                                          ‫علينا تغيير نظامنا الاجتماعي‬
  ‫المسلمين‪ ،‬والدفاع المذعور‬          ‫أنحاء العالم‪ .‬اتفق هؤلاء‬    ‫والاقتصادي‪ .‬لكن‪ ،‬وكما لاحظ‬
                                  ‫على أن الرأسمالية قد تعود‬        ‫«توماس بيكيتي» (‪Thomas‬‬
    ‫عن ثقافتهم التقليدية ضد‬       ‫بشكل أقوى‪ ،‬مستغلة الوباء‬          ‫‪ )Piketty‬في تعليق حديث‪،‬‬
‫المثليين والمثليات ومزدوجي‬
                                    ‫لإنعاش وتجديد الكوارث‬
     ‫الميل الجنسي ومغايري‬          ‫من جديد‪ ،‬وسنقبل جمي ًعا‬
‫الهوية الجنسية؟ وما عليك إلا‬      ‫بهدوء السيطرة الكاملة على‬
 ‫أن تقول نكتة أو مزحة قذرة‬       ‫حياتنا من قبل أجهزة الدولة‬
                                  ‫على غرار الطريقة الصينية‬
   ‫وستشعر على الفور بقوة‬
   177   178   179   180   181   182   183   184   185   186   187