Page 186 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020

‫العـدد ‪١٩‬‬ ‫‪186‬‬

‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬ ‫«الشيوعية»‪ ،‬ولا أرى بدي ًل‬
‫لها سوى البربرية التي تتخذ‬
‫«ألينكا زوبانتشيتش»‪ ،‬مؤخ ًرا‪،‬‬ ‫معنى له‪ .‬وكذلك الإدراك‬
‫بإعادة تأويل نص للمنظر‬ ‫المتزايد بأن عدم التسامح مع‬ ‫من قانون الغاب مبد ًءا لها‪.‬‬
‫الأدبي الفرنسي «موريس‬ ‫الأجناس والثقافات الأخرى‪،‬‬ ‫لكن إلى أي مدى ستتطور‬
‫بلانشوت» (‪Maurice‬‬ ‫الشيوعية؟ لا أستطيع أن‬
‫أو الأقليات‪ ،‬يتضاءل إلى‬ ‫أجيب إجابة واضحة‪ ،‬لكنني‬
‫‪ )Blanchot‬من حقبة الحرب‬ ‫حد ضئيل مقارنة بحجم‬ ‫أعلم أن الحاجة إليها الآن‬
‫الباردة يتناول فيه الخوف من‬ ‫الأزمة التي نواجهها‪ .‬هذا‬
‫هو السبب أي ًضا في أنه على‬ ‫ضرورة قصوى في كل‬
‫التدمير النووي للإنسانية‪.‬‬ ‫الرغم من الحاجة إلى وجود‬ ‫مكان‪ ،‬وكما رأينا‪ ،‬ينزع بعض‬
‫يوضح «بلانشوت» أن‬ ‫تدابير في زمن الحرب‪ ،‬فإني‬
‫رغبتنا اليائسة في البقاء‬ ‫أجد صعوب ًة في استخدام‬ ‫السياسيين ورجال الدولة‬
‫مصطلح «الحرب» في كفاحنا‬ ‫الآن إلى تطبيقها‪ ،‬كما وجدنا‬
‫لا تعني موق ًفا من «نسيان‬ ‫ضد الفيروس‪ ،‬لأن الفيروس‬
‫التغييرات‪ ،‬بل تعني أننا‬ ‫ليس عد ًوا لنا لديه خطط‬ ‫رئيس الوزراء البريطاني‬
‫واستراتيجيات لتدميرنا‪ ،‬إنه‬ ‫يقوم بتأميم خطوط السكك‬
‫نحافظ على الوضع الحالي‬ ‫مجرد شيء تافه؛ كائن ذاتي‬ ‫الحديدية ولو مؤقتًا‪ ،‬وهو‬
‫للأشياء‪ ،‬وإنقاذ حياتنا العارية‬ ‫يتوالد ويتكاثر بطريقة آلية‬
‫(البيولوجية الأساسية) فقط»‪.‬‬ ‫بالتأكيد ليس شيوعيًّا‪.‬‬
‫محضة‪.‬‬ ‫ما يفصلنا عن البربرية‬
‫لكني أرى أن العكس هو‬ ‫هذا هو ما يفتقده أولئك‬ ‫الجديدة خط بسيط‪ .‬وإحدى‬
‫الصحيح‪ :‬فمن خلال جهودنا‬ ‫الذين يقللون من خطورة‬
‫علامات الحضارة اليوم‬
‫لإنقاذ البشرية من التدمير‬ ‫الوباء وينددون بهوسنا‬ ‫هي التصور المنتشر بأن‬
‫الذاتي‪ ،‬نحن نخلق إنسانية‬ ‫بضرورة البقاء‪ .‬وقد قامت‬ ‫استمرار الحروب في العالم‬
‫جديدة‪ .‬وفقط من خلال هذا‬ ‫هو شيء أحمق تما ًما ولا‬
‫التهديد المميت يمكننا أن ُنبدع‬

‫إنسانية موحدة‬

‫هوامش‪:‬‬

‫* أكاديمي ومترجم متخصص في الفلسفة السياسية‪ ،‬يعمل مدر ًسا للفلسفة السياسية بكلية الآداب‪ -‬جامعة سوهاج‪.‬‬
‫‪ -١‬بمعنى آخر‪ ،‬إن الحافز‪ ،‬والمشروع‪ ،‬والمنافسة‪ ،‬والنزوع إلى المبادرة‪ ،‬تشكل جميعها جز ًءا من تقنية «السياسة السيكولوجية» ‪( Psychopolitics‬أو‬
‫السياسة النفسية)‪ ،‬التي تميز طابع الهيمنة في النظام النيوليبرالي‪ .‬فمن النظام السلطوي «الغبي» ثقيل الحركة و«القمعي» ‪ repressive‬الذي يفرض جب ًرا‬
‫طقو ًسا للطاعة والولاء غالبًا ما تكون من طبيعة فيزيولوجية جسدية‪ ،‬إلى «النظام الذكي» ‪ ،Smart Power‬و«الإباحي» ‪ ،Permissive‬الذي يجعل الناس‬
‫ُيخضعون أنفسهم بأنفسهم إلى طقوس هيمنة يعتبرونها‪ ،‬بالعكس‪ ،‬أدوا ٍت للتعبير عن حرياتهم‪ .‬ويستنتج هان‪ :‬هذه السلطة التي تستحث وتثير الرغبة‪ ،‬أكثر‬
‫فعالية من السلطة التي ُتلزم‪ ،‬وتهدد وتحظر‪ .‬رمزها هو زر «‪( »Like‬على صفحات الفيس بوك) حيث ُيخضع المرء نفسه للهيمنة حين يستهلك ويتواصل‪،‬‬
‫وحين يضغط على زر «‪ ،»Like‬ومن هنا فالنيوليبرالية هي رأسمالية الـ‪( .Like‬هذه الفقرة مقتبسة من مقال آخر بعنوان‪ :‬سلافوي جيجيك‪ :‬الاستبداد (قد‬

‫يكون) مستقبل العالم‪ ،‬والثورة التقليدية جنون! نص‪ :‬علاء خزام‪ ،‬إذاعة مونت كارلو الدولية‪ -‬باريس‪ ،‬منشور بتاريخ‪( .)2018 /12 /19 :‬المترجم)‪.‬‬

‫‪ -2‬سفينة صيد تجارية أمريكية تاهت و ُفقدت في البحر بكل من عليها أثناء العاصفة التامة في عام ‪.1991‬‬

‫‪ -3‬فيكتور أوربان‪ :‬رجل قانون وسياسي مجري شغل منصب رئيس وزراء جمهورية هنغاريا منذ ‪ ،2010‬ويوصف بأنه الرجل الأكثر خطورة في أوروبا‪،‬‬

‫وهو يميني متطرف‪.‬‬