Page 190 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 190

‫العـدد ‪١٩‬‬                               ‫‪190‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                          ‫كان زكي في تلك اللحظات‬
                                                                     ‫هو طالب الثانوي أحمد الفقير‬
   ‫الشمس» ‪ ،1978‬وتجريبية‬                  ‫الشخصية في مراحلها‬         ‫مشروع الشاعر الذي يحافظ‬
 ‫فنية إلى أقصى حد بمقاييس‬             ‫العمرية المختلفة‪ ،‬ليس فقط‬
                                      ‫من خلال الخطوة والحركة‬           ‫على كرامته وكبريائه حين‬
   ‫زمنها في «إسكندرية ليه»‬                                             ‫وصل شعوره بالمهانة إلى‬
  ‫‪ ،1979‬وتجارية إلى أقصى‬                ‫والصوت‪ ،‬ولكن أي ًضا من‬
‫الحدود في «الباطنية» ‪.1980‬‬              ‫خلال الإحساس الداخلي‬                             ‫الذروة‪.‬‬
                                         ‫بذا ِتها كطال ٍب في الأزهر‬      ‫هذه المشاهد الصغيرة‬
        ‫وهو يبحر مع هذه‬               ‫أو دارس في السوربون أو‬           ‫وتلك المساحات القليلة من‬
  ‫الشخصيات نحو الشواطئ‬              ‫وزير للمعارف لديه طموحاته‬         ‫التأ ُّلق مع ظهو ٍر محدود في‬
                                      ‫وأحلامه التى تتجاوز الذات‬         ‫أدوار صغيرة في السينما‬
    ‫بأمان ونجاح فهو متولي‬                ‫إلى عموم الوطن وأبنائه‬         ‫أتاحت له الفرصة الكبيرة‬
    ‫الفلاح الشاب اليافع الذي‬         ‫الفقراء الذين جاء من بينهم‪.‬‬       ‫والمساحات الواسعة زمنيًّا‬
 ‫يسوقونه من الدار إلى النار‪،‬‬         ‫ق َّدم أحمد زكي للتليفزيزن‬         ‫وفنيًّا في دور عميد الأدب‬
  ‫والذي يوا ِجه محنة التقاليد‬        ‫والمسرح أعما ًل أخرى قليلة‬
 ‫ليقت َل أخته وكأ َّنه يقتل ذاته‪..‬‬       ‫ولكن يظ ُّل إنجازه الأهم‬           ‫العربى طه حسين في‬
‫وهو الضابط المتن ِّكر في هيئة‬        ‫والأساسي في مجال التمثيل‬          ‫مسلسل «الأيام» ‪-‬أحد أهم‬
    ‫شاب متخلِّف ليقتحم حي‬             ‫السينمائي‪ ،‬الذي من المؤ َّكد‬   ‫الأعمال في تاريخ التليفزيون‬
   ‫المخدرات الشهير وينتزع‬           ‫أنه عشقه فاستأثر بالمساحة‬           ‫المصري‪ -‬حيث التقى مع‬
    ‫الإعجاب حين يكشف عن‬             ‫الأكبر من اهتمامه منذ ظهوره‬       ‫المخرج الكبير يحيى العلمي‬
    ‫شخصيته الحقيقة بتح ُّول‬         ‫على الشاشة بعد تخ ُّرجه بعام‬       ‫ليتيح الفرصة له للانطلاق‬
   ‫مدهش‪ ،‬وهو الفتى الأسمر‬           ‫واحد في فيلم «ولدي» ‪1972‬‬
   ‫العاشق لمواطنته اليهودية‬             ‫ثم «بدور» ‪ 1973‬و«شلة‬                    ‫عاب ًرا كل الحدود‪.‬‬
  ‫الشقراء في تعبير مل ِفت عن‬         ‫المشاغبين» و«أبناء الصمت»‬                ‫وأدرك زكي قيمة‬
‫الحب بكل جوارحه‪ ،‬فيشعرك‬                                                 ‫الشخصية وعمقها وذاتها‬
                                                 ‫‪ 1974‬وغيرهم‪.‬‬           ‫الكبيرة التى قهرت الظلام‬
      ‫بأن روحه تطير وتهفو‬             ‫ويأتي أول ظهور بارز له‬          ‫والفقر ووصلت إلى مكانتها‬
  ‫نحو حبيبته حتى لو غادرت‬           ‫في عام ‪ 1978‬بفيلمي «شفيقة‬          ‫الكبيرة أكاديميًّا واجتماعيًّا‬
 ‫الإسكندرية لتعيش في أرض‬                                               ‫وإنسانيًّا بذكائها وطموحها‬
‫الميعاد المزعومة لأبناء دينها‬           ‫ومتولي» و«العمر لحظة»‬         ‫وج َلدها على العمل وقدرتها‬
‫من اليهود في أرض فلسطين‬                  ‫الذى يترك فيه أث ًرا طيبًا‬        ‫على التك ُّيف مع أصعب‬
                                      ‫من خلال شخصية الجندي‬              ‫الظروف والتعالي على كل‬
                    ‫العربية‪.‬‬          ‫المصاب في الحرب والم ِرح‬           ‫الصغائر‪ .‬وكشف لنا عن‬
    ‫ينتقل بعد ذلك مباشر ًة‬               ‫والمحب للحياة ويخطف‬           ‫جوانبها الإنسانية ومناطق‬
    ‫إلى مرحلة البطولة‪ ،‬حين‬                ‫قلوب المشاهدين حين‬           ‫قوتها وضعفها ومخاوفها‪..‬‬
  ‫رأت السينما أنه يستح ُّق أن‬                                            ‫كان أحمد زكي يتألَّق في‬
‫يكون أحد أهم فتيانها الأوائل‪،‬‬                    ‫يختطفه الموت‪.‬‬        ‫المشاهد التي تعكس ثقة طه‬
   ‫على الرغم من اختلافه عن‬           ‫وسرعان ما يصبح الوجه‬                ‫بذاته وذكائه بنفس القدر‬
‫الشكل التقليدي لفتى الشاشة‬                                             ‫الذى أبدع فيه في المشاهد‬
    ‫ببشرته السمراء ونحافته‬             ‫الجديد بط ًل أو شري ًكا في‬       ‫التي تعكس إحباطه وخيبة‬
    ‫المفرطة‪ ،‬فينطلق في عام‬             ‫البطولة أو في ظهور مميَّز‬
‫‪ 1981‬مع الفنان رأفت الميهي‬             ‫في مرحلة انتشار يتع َّرف‬                  ‫أمله وهواجسه‪.‬‬
     ‫في فيلم «عيون لا تنام»‬            ‫فيها على السينما بمختلف‬           ‫واستطاع أن يعبر عن‬
  ‫ومع محمد خان في «موعد‬
    ‫على العشاء» و«طائر على‬                 ‫أشكالها‪ ،‬جادة إلى ح ِّد‬
                                     ‫الجهامة والخطابية في «وراء‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195