Page 66 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 66

‫العـدد ‪37‬‬   ‫‪64‬‬

                                                     ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

                                ‫ونحن ساكنيه‪.‬‬                     ‫وحده بدر كان يع ِّرج إلى السماء‬
‫اليوم تحيط بنا المقابر ونعيش حياتنا بالموت‪ ،‬نحيا‬                     ‫ترافقه بجعات ورديات(‪،)12‬‬

              ‫فحيح في المكان ينبئ بوجود خفي به‪.‬‬

‫أين نحن الآن وما هو غدنا وكيف يكون زماننا‬                        ‫كأنني أرى حملة دفوف‬

              ‫بالموت؟‬                                            ‫ورهط من الملائكة صفوف‪ ..‬أو ما أرى!‬

‫ولكنني ما زلت آمل أن موت بدر هو استثناء فهل‬                      ‫يزفون بد ًرا إلى أم الخير‬
                          ‫يموت الموت بعد بدر‪،‬‬                     ‫يزفون بد ًرا إلى منتهاه‪.‬‬

         ‫أم إن الموت سيفاجئنا بتعاريفه ال ُأخر؟‬                              ‫كنت أتبعه‬

      ‫‪-١٣‬‬                                                        ‫بح ًرا أمامي‪ ،‬وقامته تسد الشمس‬
                                                                           ‫دع عنك روحك يا بدر‬
‫إنها الثانية عشرة ظه ًرا‪ ..‬ساعة القيظ‬                                           ‫وأسلمني روحي‬
  ‫هنا عند هذه الأسوار أُسجي البدر‬
         ‫كنت هناك ساعة الحشرجة‬                                   ‫البحر أصغر منك فما أنت بغريق‬
             ‫أنا وبدر والموت ثالثنا‪،‬‬                                   ‫البحر في داخلك يا صديقي‬
                   ‫كان بدر يبكيني‬                                              ‫وفي داخلي الخواء‪.‬‬
   ‫ما أغرب بكاء الموتى على الأحياء‪.‬‬                                      ‫ماذا تراني فاعل يا بدر؟‬

                                                                  ‫فأنا امتلأت بكل أسباب الرحيل‬

‫سيقولون إنه مات في حروب صرواح(‪ )13‬التي لا‬                                          ‫ولم أعد اتبين الأرجاء‬
                                     ‫تنتهي‪..‬‬                     ‫أنا لم أعد شمعتك ولم يعد لي ألق الضياء‪،‬‬

                       ‫في الساحل الغربي(‪..)14‬‬                                       ‫اتركني يا صاحبي‪..‬‬
                  ‫في حي الأشراف التعزي(‪..)15‬‬                                                  ‫أفلت يدي‬
‫سيقولون إنهم كانوا رفقته في الحد الجنوبي(‪..)16‬‬
 ‫وإنه مات عشرين ميتة في الفرضة(‪ )17‬و ُب ِع َث في‬                                      ‫دعني ألملم جيفتي‬
                                                                                   ‫استقل القارب الأخير‬
                                  ‫الجوف(‪..)18‬‬                              ‫للهاربين بلا هدى نحو المغيب‪.‬‬

‫وإنه كان مع الداخلين إلى المكلا(‪ )19‬أو الشيخ‬                                    ‫هامش‪:‬‬
                               ‫سالم(‪..)20‬‬
                                                     ‫غريب هذا الموت الحاضر ما بيننا‪ ،‬أراه في كل‬
                                                                                           ‫منعطف‪.‬‬
‫أقول لكم ها هنا في كالتكس(‪ )21‬قبل بلوغ ليلة القدر‬       ‫الموت صار صناعتنا المحلية وبكل فخر بعد أن‬
                           ‫في هذه التربة المالحة‬
                                                                        ‫أضعنا صناعة الحياة والأمل‪،‬‬
                       ‫أسلم بدر بصمته الوراثية‬             ‫فالدجال يبيع ويشتري في الموت باسم الله‪،‬‬
         ‫هنا ما زالت ملائكته ترفرف في الأرجاء‪،‬‬       ‫وتجار الحروب وجدوا في الموت تجارتهم الرابحة‪،‬‬
                                                           ‫والفقراء صارت أرزاقهم تدور حول الموت‪،‬‬
             ‫والبجعات الورديات يتأهلن للرحيل‪،‬‬               ‫حتى صرنا نقول إن الموت طريقنا للحياة!‬
            ‫ولأنني وعدته بعد أن أفصح لي مرا ًرا‬         ‫نحن من جعلنا الموت مو ًتا فلا حقيقة له دوننا‬
            ‫عن أم الخير‪ ،‬تفاحة الاشتهاء الأخير‪.‬‬
                                                                                     ‫وخارج واقعنا‪.‬‬
                      ‫قلت‪« :‬لا عليك يا صاحبي‪:‬‬                ‫للموت عادات تشربناها منذ بدء الخليقة‪،‬‬
    ‫نصلي ركعتين على هذا السياج المبارك و ندخل‬          ‫حتى ليبدو أننا لن نعبر البرزخ نحو الأبدية من‬

                      ‫ال ِش ْع َب(‪ )22‬نخطب أم الخير‬
‫ونح ُّج اشتا ًتا إلى العيدروس(‪،)23‬‬                               ‫دونه‪.‬‬

‫ولك السلام»‪.‬‬  ‫الموت نحن وقوده ونحن حجارته ونحن مدافنه 			‬
   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71