Page 136 - merit 43- july 2022
P. 136

‫العـدد ‪43‬‬   ‫‪134‬‬

                                                    ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬

‫بسمة يحيى حامد‬

‫اعترافات للطبيب النفسي‬

 ‫المعسل أمام الجميع كل عام في شهر رمضان؛ فلما‬           ‫قاطعه معظم الأصدقاء والأقارب بسبب تكراره‬
                           ‫أراكم دائ ًما بالأسفل؟‬     ‫لسؤال «هل قوى الطبيعة تتحكم بالإله؟»‪ ،‬بدعوى‬
                                                       ‫أنه مجرد رجل كبير السن مخرف أصابته كثرة‬
  ‫نهض الشاعر الشيوعي منسي المعروف بقصائده‬
             ‫الجريئة وجلس بجوار الشيخ نيتشة‪.‬‬             ‫القراءة بالجنون‪ ،‬حتى أخته الصغيرة قاطعته‪.‬‬
                                                        ‫حديثه على أنه كان قطة فرعونية وقد تم ذبحه‬
     ‫قال‪ :‬أنت لا تعلم سبب جلوسي بالأسفل‪ ،‬فأنا‬          ‫ليقدم قربا ًنا للإله آتون أكد للجميع خلله العقلي‪.‬‬
 ‫مختلف تما ًما عنهم‪ ،‬لا أعرف هل سبق لك ومررت‬         ‫لعل حبه الكبير لوطنه وتأليف القصائد الطوال في‬
                                                    ‫مدحه كان يحفظ له آخر ما تبقى من ماء وجهه عند‬
          ‫بمحاولة تغيير الواقع الظلامي وفشلت؟‬
  ‫إذا كانت الإجابة نعم بالطبع ستعرف لماذا أجلس‬                                     ‫أقاربه من العائلة‪.‬‬
                                                          ‫ينفعل كثي ًرا حينما لا يصدقه طبيبه النفسي‪،‬‬
                            ‫دائ ًما أسفل المنضدة‪.‬‬     ‫فالقصص التي يسردها عن آلة السفر عبر الزمن‬
  ‫سرحت قلي ًل في ذكرياتي مع صديقي الزرقاوي‪.‬‬           ‫أو فك طلاسم التعويذة لم تقنع الطبيب بواقعيتها‬

    ‫تذكرت حينما قال لي‪ :‬لتذهب معي نذكر الله في‬                                                 ‫أب ًدا‪.‬‬
                        ‫حلقة الذكر لعله يغفر لك‪.‬‬     ‫يقول‪« :‬لقد كانت رحلة التعويذة مليئة بالمغامرات‪،‬‬
                                                      ‫فكنت أحاول أن أجمع أجزاء القرص الذهبي الذي‬
‫ذهبت معه ليس لأنني دروي ًشا أو صوفيًّا مث ًل لكن‬
                      ‫من باب الضحك والفرفشة‪.‬‬                                      ‫يمثل مفتاح الآلة»‪.‬‬
                                                          ‫الطبيب‪ :‬يبدو أنك عدت لنوبة الهذيان مجد ًدا‪.‬‬
      ‫قلي ًل لأعلى أطوح رأسي يمينًا أرى الزرقاوي‬      ‫أمسك ورقة وقل ًما من على مكتب الطبيب ثم كتب‪:‬‬
     ‫يذكر الله‪ ،‬يسا ًرا أرى رج ًل كبير السن يرتدي‬         ‫جلس ليقرأ الجريدة ويدخن سيجار كوهيبا‪،‬‬
 ‫ملابس بيضاء‪ ،‬طوحت رأسي أكثر فأكثر‪ ،‬لاحظت‬            ‫يضحك بصوت عال يسأل الشعراء‪ :‬لماذا تجلسون‬
  ‫تصر ًفا غريبًا من الرجل كبير السن؛ حيث اقترب‬
  ‫من الزرقاوي ورمى له خات ًما كبي ًرا ذهبي اللون‪،‬‬                                   ‫أسفل المنضدة؟!‬
  ‫انحنى الزرقاوي ليمسك الخاتم المكتوب عليه (ع‪.‬‬                   ‫متى يموت خوفكم من القيل والقال؟‬
‫د) أي عفريت الدولارات‪ ،‬فرك الخاتم فأتاه الخادم؛‬        ‫ها أنا أمامكم أدخن في العلن وبجوارنا صديقكم‬
‫فزعت من المشهد وظننت أنها هلاوس بسبب إطاحة‬            ‫الروائي غريب الأطوار الذي يرتدي ثيا ًبا متداخلة‬
                                                     ‫الألوان ويضحك كثي ًرا بلا سبب ويقرأ دائ ًما كتاب‬
                                 ‫الرأس فتوقفت‪.‬‬           ‫«هكذا تكلم زراديشت»‪ ،‬يشرب الشاي ويدخن‬
  ‫طلب منه العفريت أن يقرأ التعويذة بعد أن أعطاه‬

                             ‫أموا ًل كثيرة في يده‪.‬‬
‫قرأ‪ :‬الأمل أمامك يناديك أسفل (هـ‪.‬خ) يوجد الجزء‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141