Page 142 - merit 43- july 2022
P. 142

‫العـدد ‪43‬‬                           ‫‪140‬‬

                                        ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬

                                            ‫د‪.‬عادل عوض‬

‫القواعد الإنسانية‬
       ‫في الحروب‬

  ‫على طريقتين مختلفتين يفكر من‬             ‫الرصاص؛ بالنسبة لآخرين‪ ،‬لا‬          ‫عالمنا اليوم نري‬           ‫في‬
    ‫خلالهما الفلاسفة السياسيون‬           ‫يمكن لأي نظرية أخلاقية معقولة‬         ‫حرو ًبا بين أفراد‬
     ‫والأخلاقيون بالحرب (لازار‬                                              ‫الشعب الواحد‪ ،‬ينتج‬
   ‫وفالنتيني لاح ًقا)‪ .‬أو ًل‪ ،‬المقاربة‬        ‫أن تبيح الفظائع الاستثنائية‬     ‫عنها مئات الآلاف‬
   ‫المؤسساتية‪ ،‬حيث يكون الهدف‬               ‫للحرب‪ .‬المجموعة الأولي تضم‬        ‫بل الملايين من الضحايا‪ ،‬كما‬
                                           ‫من نسميهم بالواقعيين‪ ،‬وتضم‬        ‫أن المدنيين يشكلون في سياق‬
  ‫الأول للفلاسفة أن يحددوا كيف‬           ‫الثانية السلاميين [دعاة السلام‪-‬‬        ‫هذه الحروب هد ًفا مباش ًرا‬
   ‫يجب أن تكون المؤسسات التي‬               ‫‪ .]pacifist‬تتمثل وظيفة نظرية‬      ‫للهجمات‪ ،‬لا سيما أن التزاوج‬
  ‫تنظم الحرب‪ .‬على وجه التحديد‪،‬‬           ‫الحرب العادلة ‪just war theory‬‬
‫علينا هنا أن نصوغ قواني َن مبرر ًة‬        ‫بالبحث عن طريق يتوسط هؤلاء‬              ‫بين التكنولوجيا الحديثة‬
 ‫أخلاقيًّا للحرب‪ ،‬ومن ثم أن ُنعلِّم‬        ‫وأولئك‪ :‬لتبرير بعض الحروب‬        ‫وعمليات القصف الاستراتيجي‬
‫الأفراد والجماعات أن عليهم اتباع‬           ‫على الأقل‪ ،‬ولكن أي ًضا لتقييدها‬   ‫أفرزت قدرة غير مسبوقة على‬
  ‫هذه القوانين‪ .‬في المقاربة الثانية‪،‬‬                                        ‫إسقاط الآلاف من القتلي‪ ،‬وكأن‬
  ‫علينا أن نركز أو ًل على الأسباب‬             ‫(‪ .)1961 Ramsey‬رغم أن‬
‫الأخلاقية التي تنطبق مباشر ًة على‬       ‫للواقعية‪ ،‬بلا شك‪ ،‬أنصارها ولكن‬          ‫المنخرطين في هذه الحروب‬
‫أفعال الأفراد والجماعات‪ ،‬من دون‬          ‫القليل من الفلاسفة يجدها مقنعة‬     ‫يقولون لنا‪« :‬عندما تقرع طبول‬
‫العامل التوسطي للمؤسسات‪ .‬هنا‪،‬‬
‫نعلِّم الأفراد والمجموعات أن عليهم‬           ‫يتأتي التحدي الفعلي لنظرية‬        ‫الحرب فلتذهب الأخلاق إلى‬
‫أن يفعلوا بما تمليه عليهم أسبابهم‬            ‫الحرب العادلة من السلامية‪،‬‬                         ‫الجحيم»‪.‬‬
  ‫الأخلاقية‪ .‬بما أن هذه المقاربة لا‬          ‫وعلينا أن نتذكر‪ ،‬منذ البداية‪،‬‬
   ‫تركز على المؤسسات التي تدير‬            ‫أن هذا التحدي حقيقي؛ قد تبدو‬      ‫يرفض البع ُض مقولة «أخلاقية‬
                                                                              ‫الحرب» بحد ذاتها‪ ،‬ومن بين‬
                                                   ‫الحرب العادلة سرا ًبا‪.‬‬    ‫هؤلاء من ينكر أن للأخلاقيات‬
                                        ‫تنطوي الفلسفة التحليلية المعاصرة‬         ‫موقعها متي ما بدأ إطلاق‬
   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147