Page 144 - merit 43- july 2022
P. 144

‫يقف مكتوف الأيدي أو أن يصد‬                   ‫في حين أن الميل شبه الديني‬
  ‫تلك الدول المعتدية؟ أيحق لنا أن‬        ‫للإنسانية العالمية يحمي الحقيقة‬
‫نسمي الدفاع عن النفس بأنه غير‬       ‫العظيمة لمبدأ الإنسانية‪ ،‬فإنه قد يقيد‬
                                          ‫أي ًضا القوة الأخلاقية لتلك الحقيقة‬
                         ‫عادل؟‬
‫وعلي هذا‪ ،‬تكون الدول التي شنت‬              ‫ويمنع الملكية الأوسع للمبدأ‪ .‬إن‬
                                      ‫الحفاظ على مبدأ الإنسانية في سعي‬
   ‫الحرب بداية قد خاضت حر ًبا‬          ‫المنظمات الإنسانية يمكن أن يؤدي‬
   ‫عادلة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإذا كان هذان‬
 ‫المصطلحان «الحرب» و»العادلة»‬            ‫إلى فكرة خطيرة مفادها أنه بينما‬
                                      ‫ينبغي للعالم أن يصبح أكثر إنسانية‪،‬‬
     ‫بيدوان كأنهما متناقضان في‬
 ‫ظاهريهما‪ ،‬إلا أنهما متوائمان في‬              ‫يجب أن يصبح كذلك من خلال‬
‫حقيقتيهما؛ لأنه ليست كل الحرب‬                     ‫الوكالات الإنسانية وحدها‪.‬‬
‫عادلة بشكل مطلق‪ ،‬وكذلك ليست‬
 ‫كلها غير عادلة‪ ،‬وإن كانت هناك‬           ‫الموسوم بـ»الحرب العادلة»‪،‬‬        ‫الحرب المشروعة‪ ،‬والحرب‬
 ‫حروب عادلة وإن اعتراها بعض‬         ‫ويتساءلون ‪-‬ولهم الحق في ذلك‪-‬‬      ‫العادلة؛ هو أن الحرب المشروعة‬
                                     ‫كيف تكون حر ًبا وتكون عادلة؟!‬
                  ‫الجور أحيا ًنا‪.‬‬                                      ‫تقتصر على العدالة من الناحية‬
 ‫وهنا نتساءل‪ :‬إلى أي مدي تكون‬          ‫ألا يحمل هذا المصطلح تناق ًضا‬     ‫القانونية فحسب‪ ،‬في حين أن‬
                                    ‫بين جنباته؟! وكأنهم أرادوا بذلك‬    ‫الحرب العادلة تكون ذات صلة‬
      ‫الحرب عادلة وبأي معيار؟‬                                           ‫بما هو أخلاقي بشكل ريئس‪،‬‬
     ‫في الحقيقة أن تكون الحرب‬           ‫وصف كل حرب على الإطلاق‬        ‫وسياسي‪ ،‬واجتماعي‪ ،‬وإنساني‬
     ‫عادلة إذا تحقق فيها شروط‬        ‫بأنها غير عادلة‪ .‬ولكن يزول هذا‬
     ‫عدالة الحرب‪ ،‬وهي الشروط‬                                                          ‫بشكل ثانوي‪.‬‬
 ‫التي وضعها الفلاسفة والحكماء‬          ‫الاستغراب حين يسألوا‪ :‬أليس‬
       ‫كميثاق أخلاقي‪ ،‬وقانوني‪،‬‬         ‫من حق الدول التي تم الاعتداء‬   ‫هل توجد حرب عادلة‬
    ‫وسياسي‪ ،‬ودستوري ينبغي‬            ‫عليها أو ُيخطط للهجوم عليها أن‬    ‫وأخري غير عادلة؟‬
   ‫أن تلتزم به الدول جمي ًعا تجاه‬     ‫تدافع عن نفسها؟ وأن ترد على‬
 ‫بعضها بع ًضا‪ ،‬سواء قبل اندلاع‬          ‫تلك الدول التي بدأتها بالعنف‬      ‫إذا كان بعض المفكرين يري‬
    ‫الحرب أو على مستوي شنها‬         ‫والحرب‪ ،‬أو التي تنوي ذلك‪ ،‬بمثل‬     ‫أن مصطلحي «الحرب العادلة»‬
   ‫ابتدا ًء‪ ،‬أو أثناء خوضها أو بعد‬   ‫ما اعتدت عليها؟ وما الجرم الذي‬
                                    ‫ارتكبته بعض الدول ضعيفة العدة‬        ‫متناقضان ولا يمكن لهما أن‬
                  ‫الانتهاء منها‪.‬‬        ‫والعتاد من أن تنتهكها وتشن‬        ‫يجتمعا‪ ،‬فكيف يمكن اعتبار‬
      ‫وقبل الدخول إلى مضمون‬         ‫الحرب عليها دول أخري أشد قوة‬          ‫الحرب التي تؤدي إلى موت‬
    ‫الموضوع لا بد في البداية من‬       ‫وأكثر جم ًعا؟ أليس في ذلك ظلم‬     ‫العديد من الأبرياء بأنها حرب‬
   ‫تعريف الحرب والمقصود منها‬           ‫وعدوان لتلك الدول الضعيفة؟‬     ‫عادلة؟ ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إن‬
‫حتى نعرف على أي شيء نتحدث‪.‬‬           ‫وهل على مجلس الأمم المتحدة أن‬    ‫كثي ًرا ما يستنكر بعض المثقفين‪،‬‬
 ‫في حقيقة الأمر توجد العديد من‬                                         ‫بل والعوام أي ًضا‪ ،‬هذا المصطلح‬
‫التعريفات للحروب ولأنواعها من‬
‫حيث العلاقات الدولية والداخلية‪،‬‬
     ‫تنقسم إلى‪ :‬حروب لها صفة‬
  ‫الدولية أي بين الدول وبعضها‬
‫البعض‪ ،‬وحروب أخرى داخلية أو‬
‫يطلق عليها الحرب الأهلية‪ ،‬والتي‬
   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149