Page 149 - merit 43- july 2022
P. 149

‫‪147‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

‫الإنسانية العالمية صريحة في المبدأ‬      ‫وإضفاء الطابع النظامي عليها في‬       ‫القانون وأعمال الإغاثة‪ ،‬يجب على‬
    ‫العظيم لإيمانها ومتحمسة في‬         ‫نهاية المطاف هو التكيف التدريجي‬       ‫الإنسانية أن تفعل المزيد لتحريره‬
   ‫تطبيقها في الإغاثة ولكن بشكل‬
                                          ‫لهذين الدورين في نظام واحد‪.‬‬           ‫على العالم‪ ،‬مع استكمال جميع‬
‫بخيل إلى حد ما في تمكين الآخرين‬             ‫في مثل هذه العملية‪ ،‬عادة ما‬          ‫الالتزامات التي ينطوي عليها‬
    ‫بنفس المبدأ‪ .‬ربما هناك سببان‬                                              ‫للسياسيين والمقاتلين والشركات‬
                                         ‫يفوز الكهنوت الأكثر تح ُّف ًظا على‬
‫رئيسيان لذلك‪ .‬أو ًل‪ ،‬على الرغم من‬       ‫النبوات الأكثر منطقية‪ .‬الإنسانية‬                 ‫الكبري وكل إنسان‪.‬‬
 ‫عالمية الإنسانية‪ ،‬لا يزال العاملون‬      ‫المعاصرة‪ ،‬حيث أصبحت نظامية‬
                                        ‫بشكل متزايد في العصر الحديث‪،‬‬         ‫حدود الكهنوت الإنساني‬
    ‫في المجال الإنساني يميلون إلى‬       ‫كهنوتية بشكل مفرط وتحتاج إلى‬
‫رؤية مبدأ الإنسانية على أنه «مبدأ‬        ‫استعادة بعض قوتها النبوية إذا‬       ‫‪THE LIMITS OF HUMANI-‬‬
‫خاص بهم» بطريقة ما‪ .‬ثانيًا‪ ،‬نظ ًرا‬       ‫كانت تريد أن يمتد مبدأها الأول‬        ‫‪TARIAN PRIESTHOOD‬‬

   ‫لأن التصميم على عدم الإساءة‬                         ‫ليشمل الآخرين‪.‬‬         ‫كمثال على تلك الظاهرة المتناقضة‬
  ‫هو الروح المهيمنة لطريقة العمل‬            ‫في حين أن الميل شبه الديني‬              ‫الأكثر فضو ًل ‪-‬وهي دين‬
                                         ‫للإنسانية العالمية يحمي الحقيقة‬
   ‫الإنسانية مع التزامها بالنزاهة‬        ‫العظيمة لمبدأ الإنسانية‪ ،‬فإنه قد‬       ‫علماني‪ -‬فإن الإنسانية العالمية‬
 ‫والحياد‪ ،‬ناد ًرا ما يتم التعبير عن‬       ‫يقيد أي ًضا القوة الأخلاقية لتلك‬        ‫تتعرض لخطر أي عقيدة‪ .‬إنه‬
  ‫الدعوة إلى الإنسانية نبو ًّيا‪ .‬وبما‬      ‫الحقيقة ويمنع الملكية الأوسع‬           ‫ُيظهر المفارقة الغريبة والتي‬
 ‫أن المساعدة الإنسانية قد تطورت‬               ‫للمبدأ‪ .‬إن الحفاظ على مبدأ‬
                                             ‫الإنسانية في سعي المنظمات‬        ‫يحتمل أن تهزم نفسها المتمثلة في‬
    ‫بعد الحرب عبر القرون‪ ،‬فهي‬          ‫الإنسانية يمكن أن يؤدي إلى فكرة‬       ‫مزج العالمية مع التفرد‪ .‬من ناحية‪،‬‬
  ‫طقوس كهنوتية للتطهير ووضع‬               ‫خطيرة مفادها أنه بينما ينبغي‬
                                          ‫للعالم أن يصبح أكثر إنسانية‪،‬‬            ‫تسعي الإنسانية إلى توسيع‬
      ‫الحدود في الحرب أكثر منها‬          ‫يجب أن يصبح كذلك من خلال‬               ‫إيمانها بمبدأ الإنسانية ليشمل‬
   ‫حركة نبوية للتحدي السياسي‬              ‫الوكالات الإنسانية وحدها‪ .‬إن‬          ‫جميع أنحاء العالم‪ .‬ومن ناحية‬
                                          ‫إضفاء الطابع النظامي على هذا‬         ‫أخري‪ ،‬ولأسباب تتعلق بالتشدد‬
      ‫والاجتماعي للحرب نفسها‪.‬‬                ‫المبدأ يمكن أن يجعل النزعة‬
        ‫وهاتان السمتان ‪-‬التملك‬                                                     ‫والسيطرة‪ ،‬فإنها تحتفظ في‬
                                                                              ‫الوقت نفسه بشيء من الاحتكار‬
   ‫والكهنوت‪ -‬تعملان على تيسير‬                                                 ‫للمبدأ عن طريق مساواة المفهوم‬
    ‫العمل الإنساني الذي تقوم به‬                                                ‫الإنساني بطائفة صغيرة نسبيًّا‬
     ‫الوكالات الإنسانية‪ ،‬ولكنهما‬
                                                                                ‫من أنشطة الإغاثة التي يديرها‬
       ‫خطرتان على المفهوم الأعلي‬                                                  ‫كادرها الخاص من المنظمات‬
 ‫للبشرية لأنهما على وجه التحديد‬                                                  ‫الإنسانية للسكان المتضررين‪.‬‬

     ‫تخففان الضغط عن الآخرين‬                                                   ‫من الناحية الدينية‪ ،‬هذه المفارقة‬
   ‫لاعتناق المبدأ بأنفسهم والوفاء‬                                             ‫هي التوتر بين النبوة والكهنوت‪،‬‬

     ‫بالتزاماتهم الإنسانية‪ .‬تؤدي‬                                                  ‫بين الإيمان والتنظيم‪ .‬يواجه‬
      ‫هذه السمات أي ًضا إلى وهم‬                                                  ‫النبي المجتمع بالحقيقة ويهتم‬
      ‫خبيث يوضح أنه إذا لم يكن‬                                                 ‫بالتحول الشخصي والاجتماعي‬
   ‫العالم إنسانيًّا‪ ،‬فيجب أن يكون‬                                                ‫والسياسي‪ .‬يسعي الكاهن إلى‬
      ‫بطريقة ما خطأ العاملين في‬                                                 ‫تكريس هذه الحقيقة وسنها في‬
    ‫المجال الإنساني‪ .‬لقد كان هذا‬                                                 ‫الطقوس والحفاظ على معايير‬
‫العامل واض ًحا للغاية في السنوات‬                                              ‫النقاء والانتماء والعبادة‪ .‬إن نمو‬
        ‫الأخيرة‪ ،‬حيث ربما يكون‬                                                   ‫أي حركة دينية أو شبه دينية‬
  ‫العاملون في المجال الإنساني قد‬
  ‫أفسدوا المزيد‪ ،‬ومسؤوليتهم عن‬
   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154