Page 150 - merit 43- july 2022
P. 150

‫العـدد ‪43‬‬                               ‫‪148‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬

   ‫شيء من الحركة المسكونية في‬              ‫إيما ًنا خا ًّصا ببعض فاعلي‬       ‫الموت والعنف أكثر من مسؤولية‬
‫العمل الإنساني اليوم‪ ،‬وهو تجمع‬        ‫الخير بد ًل من كونها مبدأً عالميًّا‪،‬‬     ‫القادة العسكريين والسياسيين‬
                                                                                 ‫العنيفين‪ ،‬والإهمال الدولي أو‬
    ‫التقاليد الإنسانية ذات العقيدة‬      ‫وهي طقوس تطهير في الحرب‬                 ‫التواطؤ في عنف حروب اليوم‬
       ‫القوية (الأرثوذكس) وغير‬           ‫والعنف لا ُيطلب من مرتكبي‬             ‫والإبادة الجماعية‪ .‬اقترن مزيج‬
                                      ‫الحرب ومؤيديها ممارستها ولا‬
     ‫الملتزمين للاتفاق على أساس‬       ‫ُتفرض عليهم‪ .‬باختصار‪ ،‬يصبح‬            ‫قوي من النقد من قبل الأكاديميين‬
‫عقيدة عالمية قد تختلف إلى حد ما‬         ‫مبدأ الإنسانية شيئًا يحتفظ به‬           ‫والسياسيين ووسائل الإعلام‬
‫من الناحية العملية ولكن ليس من‬           ‫العاملون في المجال الإنساني‬          ‫بشبه جائحة من اتهامات الذات‬
 ‫حيث المبدأ‪ .‬قد يكون الأرثوذكس‬          ‫ولكن الآخرين لا يفعلون ذلك‪.‬‬             ‫والشك بين العاملين في المجال‬
                                     ‫وهذا بالتأكيد يضعف عالمية مبدأ‬               ‫الإنساني أنفسهم‪ .‬في بعض‬
       ‫هم حركة الصليب الأحمر‬          ‫الإنسانية‪ .‬يمكن للمرء أن يتخيل‬
‫والجيوش الغربية الذين عملوا م ًعا‬    ‫كيف يجب على القادة العسكريين‬            ‫الأحيان‪ ،‬خلق هذا انطبا ًعا سخي ًفا‬
‫لفترة طويلة في هذه القضايا وهم‬       ‫والسياسيين العنيفين والشركات‬             ‫بأن العاملين في المجال الإنساني‬
                                     ‫الدولية الكبري وسياسيي القوي‬
 ‫على دراية جيدة بقانون وطقوس‬           ‫العظمي أن ينظروا بسعادة إلى‬               ‫وليس السياسيين ومجرمي‬
      ‫الإنسانية الحديثة‪ .‬إن تزايد‬    ‫أثر التملك الإنساني الذي يحصر‬             ‫الحرب والقوي القوية الأخرى‬
                                          ‫ممارسة إيمانها على طقوس‬
  ‫حضور المنظمات غير الحكومية‬             ‫الإغاثة الخاصة بها‪ ،‬وبالتالي‬            ‫هم الذين يجب أن يكونوا في‬
    ‫في مناقشات المبادئ الإنسانية‬        ‫المبالغة في التأكيد على الجانب‬        ‫قفص الاتهام بسبب حرب اليوم‬
    ‫قد يشير إلى نسيم خافت من‬         ‫الكهنوتي من حركتها على حساب‬
  ‫الحماسة النبوية وغير المطابقين‬    ‫دعوتها النبوية‪ .‬ويمكن أن يبدو أن‬                   ‫والأعمال اللاإنسانية‪.‬‬
 ‫التي تهب من خلال العملية‪ .‬ومع‬       ‫هذا التشديد يجعل مبدأ الإنسانية‬              ‫وبالتالي‪ ،‬فإن ميل الإنسانية‬
‫ذلك‪ ،‬فهي ضعيفة الإلمام بالقانون‬          ‫مسؤولية المنظمات الإنسانية‬           ‫الغربية إلى الإعلان والوصف في‬
 ‫الإنساني ومتشعبة في ممارسات‬        ‫وليس مسؤولية العنف والحساب‬                ‫نفس الوقت لمعتقدها الأساسي‪،‬‬
   ‫الإغاثة‪ ،‬إلا أنها تأتي من تقليد‬       ‫السياسي والاستثمار‪ .‬ولكن‬                ‫ليكون عالميًّا وحصر ًّيا في آن‬
   ‫نبوي نشط‪ .‬يبدو الأمر كما لو‬         ‫كما ستجادل هذه المقالة‪ ،‬وكما‬         ‫واحد‪ ،‬هو ميل ذو حدين‪ .‬قد يكون‬
   ‫أننا جمي ًعا نتجه نحو ما يعادل‬       ‫تعلم الإنسانية جي ًدا‪ ،‬فإن هذه‬          ‫من المنطقي ضمان أن العقيدة‬
 ‫جيل الألفية من المجالس العظيمة‬     ‫المجموعات قبل كل شيء هي التي‬              ‫ليست فاسدة‪ .‬إن الإيمان (بمبدأ‬
 ‫للكنيسة المبكرة التي سيقوم فيها‬      ‫يجب أن تأخذ مبدأ الإنسانية في‬         ‫الإنسانية) وكتبه المقدسة (القانون‬
   ‫الصليب الأحمر والمنظمات غير‬      ‫قلوبها وتمتلكه كمبدأ عالمي يحمل‬            ‫الإنساني الدولي) له «مسئول»‬
 ‫الحكومية ووكالات الأمم المتحدة‬                                              ‫في اللجنة الدولية للصليب الأحمر‬
 ‫والقوات العسكرية التابعة للأمم‬           ‫في طياته التزامات صارمة‪.‬‬          ‫ونظام متزايد الطقوس من «قواعد‬
    ‫المتحدة بتسوية النقاط الدقيقة‬                                                ‫السلوك» و «معايير الخدمة»‬
  ‫للعقيدة الإنسانية ويظهرون مع‬        ‫إعادة تأكيد العنصر‬                        ‫التي تعمل على تقديس كهنوت‬
   ‫عقيدة إنسانية قوية وراسخة‪.‬‬          ‫النبوي للإنسانية‬                         ‫الوكالات النقية والمتمرسة بما‬
                                                                            ‫يكفي لإرشاد الإنسانية‪ .‬لكن الميل‬
      ‫نتيجة لهذا اللقاء‪ ،‬قد يصبح‬           ‫إن تزايد الاهتمام بالمبادئ‬         ‫نحو الكهنوت الإنساني والملكية‬
    ‫الكهنوت أكثر نبوية قلي ًل وقد‬          ‫الإنسانية وإعادة اكتشافها‬        ‫الخالصة لمبدئه التوجيهي يعملان‬
                                         ‫من جانب وكالات الإغاثة في‬              ‫أي ًضا على إعطاء الانطباع بأن‬
      ‫يصبح النبوي أكثر كهنو ًتا‪.‬‬       ‫السنوات الأخيرة قد أسفر عن‬              ‫الإنسانية ليست حك ًرا على غير‬
     ‫ولكن مثل المجالس المسيحية‬                                                   ‫العاملين في المجال الإنساني‪.‬‬
   ‫السابقة‪ ،‬فإن الشيء البارز في‬                                                  ‫ويمكن عندئذ إساءة تصنيف‬
‫المجالس المعاصرة حول الإنسانية‬                                                     ‫النزعة الإنسانية باعتبارها‬
    ‫هو جوهرها‪ .‬إنهم أحيا ًنا أكثر‬
     ‫عرضة للشعور بالأسي على‬
   145   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155