Page 152 - merit 43- july 2022
P. 152

‫العـدد ‪43‬‬                            ‫‪150‬‬

                                    ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬

                 ‫«بنية للخطيئة»‪.‬‬     ‫فه ًما أكثر «دقة» لأسباب وطبيعة‬          ‫إذا كانت الحرب عادلة أم لا‪.‬‬
    ‫بالتالي‪ ،‬فإن العنف الشخصي‬        ‫العنف في الحرب الأهلية الحالية‪.‬‬      ‫نحتاج إيجاد المسؤول عن الحرب‬
  ‫والعنف الهيكلي متميزان أخلاقيًّا‬                                         ‫بالدرجة الأولى‪ :‬هل هم أصحاب‬
     ‫ولكنهما عمليان‪ ،‬يعملان م ًعا‬        ‫انتقل التحليل إلى ما هو أبعد‬
                                           ‫من النظريات العامة المذهلة‬          ‫أصحاب النفوذ والسلطة أم‬
         ‫لإحداث الحرب والأعمال‬           ‫لجميع الحروب التي طرحها‬         ‫الأفراد الأقل شا ًنا منهم؟ وهل من‬
    ‫اللاإنسانية‪ .‬يتم إطلاق العنف‬      ‫كابلان وهنتنغتون ولخصاها في‬
      ‫الشخصي الخام في الحرارة‬          ‫شعاراتهما الخاصة («الفوضي‬           ‫المنطقي أن يتحمل أفراد المجتمع‬
                                      ‫القادمة» و»صراع الحضارات»)‬            ‫جرائم حرب ارتكبتها دولهتم؟‬
       ‫الشديدة للقوى الاجتماعية‬      ‫في تحليل أكثر تفصي ًل لكل حرب‬          ‫وهل هناك جرائم حرب أص ًل؟‬
 ‫والاقتصادية والسياسية لتصبح‬          ‫على النحو الذي وضعه مراقبون‬
                                                                         ‫من يتحمل المسؤوليات‬
     ‫أكثر صلابة وشدة في أعمال‬                       ‫أكثر ذكاء ودقة‪.‬‬       ‫الإنسانية في الحرب؟‬
    ‫وحشية فردية شديدة تتجاوز‬        ‫تشترك هذه النظريات الأكثر ذكا ًء‬
  ‫حدود معدنها الأصلي‪ .‬وهنا‪ ،‬في‬                                              ‫أصبح تحليل أصحاب المصالح‪،‬‬
 ‫هذا التمييز القديم بين الشخصي‬          ‫في موضوعين رئيسيين‪ .‬أو ًل‪،‬‬          ‫مثل تحليل الإطار المنطقي‪ ،‬أم ًرا‬
  ‫والاجتماعي‪ ،‬ربما نجد أصحاب‬           ‫الحقيقة غير السارة المتمثلة في‬    ‫رائ ًعا في العمل الإنمائي والإنساني‬
   ‫المصالح الأساسيين والثانويين‬         ‫المنطق السياسي والاقتصادي‬
   ‫في عنف اليوم‪ .‬عضو في فصيل‬          ‫والعقلانية للعنف‪ .‬ثانيًا‪ ،‬التعقيد‬       ‫المعاصر‪ .‬يحب المانحون مثل‬
‫ليبري أو جماعة هوتو المتطرفة أو‬                                               ‫وزارة التنمية الدولية التابعة‬
‫منظمة إرهابية في أيرلندا الشمالية‬         ‫الغريب بين المصالح العالمية‬         ‫للحكومة البريطانية (‪)DFID‬‬
     ‫يضغط على الزناد‪ ،‬باستخدام‬      ‫والمحلية في مثل هذه الحروب‪ .‬وما‬      ‫والمكتب الإنساني التابع للمفوضية‬
‫منجل أو الضغط على زر لقتل طفل‬                                             ‫الأوروبية (‪ )ECHO‬أدوات إدارة‬
‫قد يكون السبب الرئيسي والمباشر‬         ‫يبرز هو صورة لاستراتيجيات‬          ‫المشاريع هذه لأنها «تبرز» بشكل‬
     ‫لوفاة ذلك الطفل‪ ،‬ولكن هناك‬     ‫سياسية واقتصادية شديدة العنف‬           ‫فعال المصالح المختلفة وعلاقات‬
‫أشخاص آخرون ومنظمات أخرى‬                                                      ‫القوة والأهداف لأي برنامج‬
    ‫وسياسات أخرى يمكن القول‬            ‫تستند إلى الخوف من الخسارة‬          ‫وبالتالي تجعل مستويات التأثير‬
    ‫إنها تشكل هيك ًل أوسع يعمل‬         ‫في أوساط المهمشين على هامش‬         ‫وخطوط المساءلة مرسومة بشكل‬
   ‫كسبب ثانوي أو متساهل‪ .‬هذا‬           ‫العولمة‪ ،‬وتلعب في الوقت نفسه‬        ‫أكثر وضو ًحا‪ .‬وبالمثل‪ ،‬قد يكون‬
‫الهيكل الأوسع ‪-‬وهو في الأساس‬                                                ‫من المفيد‪ ،‬وإن كان ذلك بشكل‬
   ‫الاقتصاد الأخلاقي والسياسي‬           ‫دور الجشع لدي أولئك الذين‬             ‫عام‪ ،‬تناول مسألة المسؤولية‬
‫لحرب معينة‪« -‬يسمح لهم» بالقتل‬       ‫يوضعون في صميمها بشكل آمن‪.‬‬             ‫الإنسانية في أعمال العنف اليوم‬
  ‫(وف ًقا لـ ‪ )Waltz‬أو «يتعاونون»‬                                        ‫باستخدام تحليل أصحاب المصالح‬
                                        ‫في لغة كينيث والتز ‪Kenneth‬‬             ‫وأفكارهم المتعلقة بأصحاب‬
      ‫في أفعالهم بشكل مباشر أو‬       ‫‪ Waltz‬في الخمسينيات من القرن‬           ‫المصالح الرئيسيين والثانويين‪،‬‬
   ‫غير مباشر (وف ًقا لـ ‪)Vatican‬‬      ‫الماضي‪ ،‬كان لعنف حروب اليوم‬            ‫وبعد تحديد أصحاب المصالح‬
    ‫بحيث يكون لكل جزء من هذا‬        ‫«أسباب مباشرة» داخل مجتمعات‬               ‫هؤلاء‪ ،‬يمكننا عندئذ أن نضع‬
                                                                              ‫المسؤولية عن مبدأ الإنسانية‬
     ‫الهيكل أي ًضا مصلحة في مثل‬        ‫معينة و»أسباب باطنية» تغطي‬              ‫مباشرة على أبوابهم‪ .‬لقد تم‬
   ‫هذا العنف‪ .‬ويمكننا أن نتحدث‬       ‫مساحة واسعة من النظام الدولي‪،‬‬        ‫اتخاذ خطوات كبيرة في السنوات‬
    ‫عن هذه الأجزاء ‪-‬سواء كانت‬                                               ‫القليلة الماضية نحو اكتساب ما‬
 ‫منظمات أو سياسات أو اتجاهات‬             ‫تلك الأشياء المحلية التي تبدأ‬        ‫أسماه ريتشاردز ‪Richards‬‬
   ‫دولية‪ -‬باعتبارها ذات مصلحة‬       ‫الحرب وتدفعها وتلك الديناميكيات‬
 ‫أخلاقية في هذا العنف‪ ،‬ولها أي ًضا‬
                                      ‫العالمية التي تسمح بهذه الحرب‬
                                        ‫بل وتسهلها‪ .‬أو بلغة الكنيسة‬
                                       ‫الكاثوليكية‪ ،‬العنف هو التلاقي‬
                                          ‫الرهيب (ولكن الحتمي) بين‬

                                     ‫«الخطيئة الشخصية» و «الخطيئة‬
                                      ‫الاجتماعية» التي تجتمع لتشكل‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157