Page 31 - merit 43- july 2022
P. 31
رؤية من قريب 2 9
إيمانويل كانط برتراند راسل فريدريك نيتشه طبيعتها الوجودية الخاصة.
ومن َث َّم تصبح السياسة
هكذا كانت الحرب في رأي تحيا الأمة وتخلد في التاريخ.
هيجل وشميت ،وهكذا فالحرب في رأي هيجل ُتجدد بهذا المعنى صرا ًعا لا ينتهي
شباب الدولة وتضخ الدماء من أجل البقاء الجماعي،
ستظل ما دامت البشرية
موجودة ،وهو ما حدا في كيان الأمة بحيث لا والتَّ َف ُّرد الثقافي ،وحفظ كيان
بهيجل إلى التأكيد على تجعلها تتكاسل أو تستكين، الأمة واستقلالها .هكذا كانت
السياسة وهكذا ستظل دو ًما
فكرة العداوة بين الدول، أما الدولة وهي في حالة
وأن الدولة القومية القوية سلام طويل فإنها تصير في رأي شميت .إن هذه
تتجسد من خلال وضعية في حالة موت ،ومن شأن الدعوة تقابلها دعوات أخرى
الحرب .وهو يتصور الدولة ذلك أن ُيف ِقد الأمة حياتها
بوصفها كيا ًنا «متجاو ًزا» ووجودها .ومن هنا َن َزع من جانب بعض الفلاسفة
هيجل إلى تمجيد الحرب؛ الذين دعوا إلى السلام
”،“transcendental
وكمعنى وقيمة في حد لأنها في رأيه دلي ٌل على العالمي بين الدول والشعوب
ذاتها لأنها َت َج ٍّل لل ُّروح الصحة وسلامة الأخلاق، الإنسانية ،وعلى رأس هؤلاء
المطلق .بل أن الحرب -في وعن طريقها تتجسد كل
نظره -فضيلة لأنها تدفع تجلِّيات ال ُّروح في الدولة. كان الفيلسوف الألماني
إلى تماسك الك ِّل وتضامن والحرب في رأيه كذلك هي إيمانويل كا ْنط في كتابه
الأفراد جمي ًعا .ومن هنا مصدر كل الإنجازات ،أما (مشروع لل َّسلام الدائم)
آمن بأن الكفاح هو الأداة السلام الطويل ،ناهيك عن والفيلسوف الإنجليزي
الوحيدة الكفيلة بتوحيد السلام الدائم ،فهو حالة «برتراند راسل» “Bertrand
الأمة ووجودها السياسي. طارئة وقد يؤدي إلى فساد ”.)1970 -1872( Russell
وبالمثل سار «نيتشه» وإذا ما عدنا إلى الدعوات
الأمم! الفلسفية الأولى التي تؤكد
على أن الحرب هي قانون
الإنسانية ،سنجد هنا
الفيلسوف الألماني «ج .ف.
ف .هيجل» (G. W. F.
))1831 -1770( Hegel
-أعظم فلاسفة العصر
الحديث على الإطلاق ،بل
وهو في نظر كارل شميت
نفسه أعظم فيلسوف
استطاع أن َيس ُبر غور
السياسة -الذي ينزع في
فلسفته إلى التأكيد على أن
الحرب هي القوة المهيمنة
والخلاقة في العالم؛ وليست
الحر ُب في نظره ظاهرة
عارضة أو شر مطلق ،بل
هي «ضرورة» لكي تبقى
الدولة حيَّة ومتجددة ،ولكي