Page 32 - merit 43- july 2022
P. 32

‫الحفاظ عليها بأي طريقة‬                                       ‫العـدد ‪43‬‬                              ‫‪30‬‬
 ‫أخرى سوى الحرب‪ .‬كذلك‬
                                                                                  ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬    ‫)‪(Friedrich Nietzsche‬‬
    ‫فإن الحرب العادلة هي‬                                                                       ‫(‪ )1900 -1844‬على خطى‬
   ‫التي يتم إدارتها بطريقة‬          ‫فيها العديد من المفكرين‬
  ‫تحترم الحقوق الأساسية‬                 ‫وفلاسفة السياسة‬                                           ‫هيجل‪ ،‬وهيراقليطس من‬
    ‫لغير المقاتلين‪ ،‬بما فيها‬                                                                     ‫قبلهما‪ ،‬مب ِّش ًرا في فلسفته‬
   ‫حقوق الأفراد (الجنود)‬          ‫والأخلاق‪ ،‬ومن بين هؤلاء‬
‫الذين أصبحوا غير مقاتلين‬          ‫نذكر الفيلسوف الأمريكي‬                                            ‫بإنسان جديد يتجاوز‬
   ‫استنا ًدا إلى استسلامهم‬         ‫«مايكل ولتزر» ‪Michael‬‬                                          ‫الإنسان العادي و َيفوقه‬
    ‫أو َأ ْس ِرهم‪ .‬وأخي ًرا فإن‬                                                                   ‫من حيث القوة‪ ،‬ويعيش‬
  ‫الحرب تكون عادلة عندما‬             ‫‪..-1935( Walzer‬؟)‪.‬‬                                            ‫حياة المغامرة والحرب‪،‬‬
    ‫تنتهي إلى إقرار السلام‬          ‫وتحاول الحرب العادلة‬                                       ‫وتتَّحد فيه إرادة الحياة مع‬
    ‫العادل؛ أي عندما تكون‬                                                                      ‫إرادة القوة‪ ،‬بحيث يصيران‬
  ‫الحقوق الأساسية لأولئك‬               ‫وضع قواعد العدالة‬                                         ‫شيئًا واح ًدا‪ .‬فالحياة هي‬
 ‫الذين يشتركون في الحرب‬              ‫التي تدور حول كيفية‬                                         ‫القوة‪ ،‬والقوة هي الحياة‪،‬‬
                                 ‫الاستخدام العادل للقوة من‬                                    ‫والحياة إنما هي في جوهرها‬
      ‫‪-‬أي كل من الفائزين‬          ‫جانب الدول أو المجتمعات‬                                       ‫استيلاء وانتهاك للضعيف‬
‫والخاسرين‪ُ -‬مصانة بشكل‬             ‫السياسية لحماية حقوق‬                                        ‫و َقم ٌع وقسو ٌة ضد الغريب‪،‬‬
                                   ‫أفرادها‪ .‬ومن هنا تستند‬                                     ‫وبالتالي فالطبيعة البشرية لا‬
   ‫أكثر مما كانت عليه قبل‬          ‫نظرية الحرب العادلة إلى‬                                    ‫يحكمها سوى مبدأ واحد هو‬
           ‫اندلاع الحرب‪.‬‬           ‫حقوق المجتمع السياسي‬                                        ‫«إرادة الق َّوة»‪ ،‬وأن المجتمع‬
                                  ‫في وحدة أراضيه الإقليمية‬                                         ‫لا يمكن أن يحافظ على‬
    ‫إن هذا يعني أن للحرب‬                                                                        ‫نفسه إ َّل من خلال الكفاح‬
       ‫العادلة ثلاثة أركان‬             ‫وسيادته السياسية‪،‬‬                                        ‫المنظم ضد القوى المنافسة‬
                 ‫رئيسية‪:‬‬                 ‫وبعبارة أعم فإنها‬                                    ‫التي ُته ِّدد وجوده‪ .‬ومن هنا‬
         ‫(‪« )1‬عدالة اللجوء‬                                                                     ‫يظل الصراع في نظر نيتشه‬
      ‫إلى الحرب» ‪“jus ad‬‬            ‫ترتكز على مجموعة من‬                                        ‫ظاهرة أساسية بين الأفراد‬
                                  ‫الحقوق الأساسية للأفراد‬                                          ‫والجماعات‪ ،‬بل ونجده‬
   ‫”‪ ،bellum‬و َتن َص ُّب على‬                                                                   ‫يدعو الإنسان إلى أن يبحث‬
    ‫الدوافع التي تؤدي إلى‬            ‫والمجتمعات السياسية‪،‬‬                                     ‫دائ ًما عن عدو له‪ ،‬وأن يكون‬
     ‫إشعال الحرب أسا ًسا‪.‬‬             ‫بحيث يمكن القول إن‬                                       ‫السلام حالة مؤقتة وطارئة‬
  ‫(‪« )2‬عدالة إدارة الحرب»‬         ‫الحرب العادلة هي الحرب‬
 ‫”‪ ،“jus in bello‬و َتن َص ُّب‬     ‫التي ُتش ُّن من أجل الدفاع‬                                        ‫بين الأفراد والشعوب‬
‫على القواعد التي ينبغي على‬          ‫عن حقوق الأفراد عندما‬                                      ‫الإنسانية‪ .‬ومن هذا المنطلق‬
  ‫الدول أن َتتبعها في إدارة‬      ‫تكون تلك الحقوق لا يمكن‬                                       ‫يذهب نيتشه إلى أن الحرب‬
   ‫الحرب‪ .‬وأهم مبدأ تقوم‬                                                                      ‫تأكي ٌد لعظمة الحياة‪ ،‬وتحقيق‬
‫عليه عدالة إدارة الحرب هو‬                                                                       ‫لكل ما هو عظيم ومشرق‪،‬‬
  ‫أن المدنيين وغير المقاتلين‬
‫لا ينبغي أن يكونوا موضع‬                                                                            ‫أما السلام أو الإحجام‬
   ‫استهداف مباشر أو غير‬                                                                         ‫عن الحرب فيمثل في نظره‬
    ‫مباشر بالقوة المسلحة‪.‬‬                                                                       ‫رف ًضا لعظمة الحياة ذاتها!‬
‫(‪« )3‬عدالة ما بعد الحرب»‬                                                                         ‫في ضوء هذا تطورت على‬
     ‫”‪،“jus post bellum‬‬
                                                                                                   ‫مدى عدة قرون نظرية‬
                                                                                                ‫الحرب العادلة‪ ،‬التي أسهم‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37