Page 37 - merit 43- july 2022
P. 37

‫رؤية من قريب ‪3 5‬‬

‫البيجا محمد‬  ‫ارنولد توينبي‬   ‫أوزولد شبنجلر‬                   ‫لأهل «إسبرطة” أنهم لن‬
                                                             ‫يفشوا أمرهم للفرس‪ ،‬إذ‬
   ‫بل يمكن ملاحظته عند‬              ‫الذي اكتسب صبغة‬          ‫إن هناك اعتبارات كثيرة‬
      ‫كل المجتمعات‪ ،‬فكل‬        ‫قومية متزمتة منذ بدايته‪،‬‬     ‫وقوية تمنعنا من أن نفعل‬
                                                           ‫ذلك حتى لو كنا نريد‪ .‬أو ًل‬
 ‫إنسان يرى نفسه مركز‬              ‫إذ اعتقد اليهود بأنهم‬   ‫وأسا ًسا هناك صور منازل‬
 ‫الكون‪ ،‬وكل جماعة ترى‬           ‫وحدهم الذين اصطفاهم‬
                              ‫الله لتبليغ كلمته إلى سائر‬       ‫الآلهة‪ ،‬الآثار المحروقة‬
     ‫نفسها بداية ونهاية‬         ‫الشعوب الأخرى‪ ،‬وكان‬             ‫والمدفونة هذه تحتاج‬
  ‫التاريخ وخاتمته‪ .‬وكان‬                                      ‫إلى أن ننتقم لها بأقصى‬
  ‫تفوق الحضارة العربية‬            ‫لهذه الفكرة العنصرية‬        ‫ما نستطيع بد ًل من أن‬
                                 ‫أثر كبير في التمييز بين‬      ‫نصل إلى تفاهم مع من‬
       ‫الإسلامية في أوج‬          ‫«نحن وهم”‪ ،‬بين أبناء‬        ‫ارتكب تلك الأفعال‪ .‬ثانيًا‬
     ‫ازدهارها في القرنين‬        ‫الله وأبناء الشيطان‪ ،‬بين‬   ‫الجنس الإغريقي من نفس‬
  ‫الثالث والرابع الهجري‬        ‫المتحضرين والمتوحشين‪.‬‬        ‫الدم واللغة نفسها عمو ًما‬
     ‫والإحساس المتعاظم‬       ‫ويعتقد أهل الصين في بداية‬       ‫وعاداتنا المتشابهة‪ ..‬ولن‬
   ‫بالقوة والتميز قد ح َّفز‬      ‫العصور الحديثة «أنهم‬     ‫يخون الأثينيون ذلك أب ًدا»(‪)3‬‬
‫بعض الكتاب على الاعتقاد‬          ‫أبناء السماء»(‪ )4‬ويعتقد‬    ‫وقد كانت روما المسيحية‬
    ‫بأن العرب هم أفضل‬        ‫الهنود بأن السر الإلهي قد‬     ‫عند القديس أوغسطين هي‬
                              ‫حل فيهم‪ ،‬وأن النرفانا هي‬      ‫«مدينة الله” مقابل مدينة‬
      ‫الشعوب وأنهم هم‬          ‫طريق خلاص الروح من‬             ‫الشيطان البابلية المدينة‬
‫الحضارة‪ ،‬والآخرين عجم‬                                      ‫الأرضية‪ ،‬المدينة السياسية‬
‫متبربرين‪ ،‬حيث يعلن ابن‬                         ‫الجسد‪.‬‬
                             ‫في الواقع أن ظاهر التمركز‬                     ‫المدنسة»‪.‬‬
  ‫موسكويه «بأن الأتراك‬                                    ‫واعتقد الفرس أنهم وحدهم‬
     ‫والعجم هم أشبة إلى‬           ‫حول الذات لم يقتصر‬
                                ‫على شعب من الشعوب‪،‬‬           ‫أهل الحضارة وصناعها‬
 ‫القرود والخنازير»! وفي‬                                     ‫مقابل العرب المتوحشين‪،‬‬
  ‫العصور الحديثة أطلقت‬
                                                                 ‫وإذا كان الإسلام في‬
                                                                ‫بداية أمره قد ساوى‬
                                                             ‫بين جميع بني البشر إلا‬
                                                              ‫بالتقوى‪ ،‬إذ لا فرق بين‬
                                                           ‫عربي وعجمي إلا بالتقوى‬
                                                           ‫«والناس سواسية كأسنان‬
                                                              ‫المشط”‪ ،‬فالإسلام دين‬
                                                               ‫عالمي موجه إلى الناس‬
                                                                ‫كافة‪ ،‬قال تعال «وما‬
                                                           ‫أرسلنك إلا رحمة للعالمين”‬
                                                               ‫(الأنبياء‪“ ،)107 :‬وما‬
                                                             ‫أرسلناك إلا كافة للناس‬
                                                            ‫بشي ًرا نذي ًرا» (سبأ‪،)28 :‬‬
                                                            ‫على عكس الدين اليهودي‬
   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42