Page 40 - merit 43- july 2022
P. 40
العـدد 43 38
يوليو ٢٠٢2 الكثيرين يعتقدون بأنه يتنبأ
بقيام حضارة كونية جديدة
على إعادة صياغة نفسها 1962كان توينبي يصر
بطريقة مغايرة .وتتكشف على أن “قرار أمريكا بتبني بقيادة الولايات المتحدة،
الطبيعة الانزياحية للهوية لكنه كان مثله مثل كثير
دور روما الإمبراطورية من المثقفين الأوروبيين
في ضوء السياقات كان أم ًرا واض ًحا وأنه منقسم الرأي حول الدور
الاجتماعية والتاريخية
المتنوعة والمتبدلة التي سوف يؤدي إلى المصير الجديد الذي يمكن أن
تتأسس عليها ،وبكون نفسه” .وكانت أمريكا تؤديه الولايات المتحدة
الهوية رهانات استراتيجية في عالم ما بعد الحرب،
عليها أن تتجاوب مع تمثل لتوينبي كل ما كان ومع اعتقاده بأن أمريكا
الأحوال المتغيرة ،فهي يحتقره في أوروبا :المعرفة قد غدت الدولة العظمى
ُعرضة للتغ ُّير وإعادة التكنولوجية ،الثقة الزائدة وسيدة الموقف وأبعد من
الصياغة باستمرار .بحيث بالنفس حد الخيلاء والنزعة أن تنالها أية دولة عظمى
لا يمكن أن تكون ثابتة أو الدول العظمى مجتمعة،
وطبيعية ومكتفية ذاتيًّا ،بل الإمبراطورية التوسعية. وأن السياط الأمريكية خير
ظرفية وقابلة للتفاوض، وفي عام 1969كتب« :إن من العقارب الروسية،
وتتأسس في الواقع عبر الولايات المتحدة وإسرائيل لكنه يرى أن «احتكار دولة
لعبة الفروق ،ومن خلال اليوم هما أخطر دولتين عظمى وقوية تقرير وتنفيذ
العلاقات المتغيرة بهويات بين المائة وخمس وعشرين السياسات التي تتوقف
أخرى .إذ لا تنطوي على دولة التي تقتسم سطح عليها حياة مصائر الشعوب
معنى إيجابي واضح ،بل هذا الكوكب اليوم»( .)11وهذا الدائرة في فلكها يحمل في
تستمد تمايزها مما ليس طياته مشكلة دستورية لا
هي ،ومما تستبعده ،ومن ما جعله يعلق مستقبل يحلها إلا صورة من صور
موقعها في حقل الفروق البشرية على الأمم المتحدة الاتحاد الفيدرالي ،وأن
(خليفة عصبة الأمم) لكبح الولايات المتحدة قد غدت
والاختلافات. جماح روما الجديدة ،فإن ملتزمة فع ًل بحكم تاريخها
ومنذ بدء القرن التاسع الأمم المتحدة تصبح المعادل نفسه بقبول مبدأ الاتحاد
عشر وبعد اتساع الأعمال الحديث لفيدراليات المدن–
الاستكشافية الجغرافية الدول في اليونان القديمة الفدرالي»(.)10
وقد كان توينبي قبل
والاستشراقية ،أخذ المرتبطة م ًعا من أجل الحرب يصف الأمريكيين
الأوروبيون يهتمون الدفاع المتبادل في عالم ما بـ(البرابرة) وكان يرى
بالفروق العرقية ،إذ اقترح قبل الهلينية ،بهدف تنمية أن أمريكا هي الخطر
كل من (يوهان فردريك السلام العالمي ،مع تجنب الأكبر على السلام العالمي،
بلومنباخ وجورجكوفير وفي عام 1945قال« :إذا
تقسي ًما ثلاثيًّا للجنس هيمنة قوة واحدة. نشبت حرب جديدة فإن
البشري هو :الجنس لقد اكتسبت العنصرية الأمريكيين سيكونون
الشرقي أو المغولي، عبر تاريخ الصراع بين هم المعتدين ،لكن تذبذب
والزنجي أو الحبشي، موقف توينبي من أمريكا
والأبيض أو القوقازي. الجماعات والشعوب لم يدم طوي ًل .وبحلول عام
هذا الفرع من المعرفة الذي والدول صي ًغا وأشكا ًل
يطلق عليه الأنثروبولوجيا،
متنوعة بوصفها
استراتجيات هوية ،فالهوية
تنبني وتنهدم وتعيد الانبناء
والانهدام وف ًقا للوضعيات،
فهي في حركة دائبة ،إذ
يحملها كل تغيير اجتماعي