Page 53 - merit 43- july 2022
P. 53

‫رؤية من قريب ‪5 1‬‬

‫هربرت شيللر‬  ‫نجيب محفوظ‬       ‫مصطفى محمود‬                         ‫الوعي من خلال تعاطيه‬
                                                                 ‫مع أحداث الحرب العالمية‬
‫الحسين الآمن‪« :‬هذا الحي‬           ‫أجنبية تخوض حروبها‬
‫في حمي الحسين رضوان‬             ‫المصيرية بنفسها من أجل‬                           ‫الثانية‪.‬‬
 ‫الله عليه‪ ،‬وهو حي الدين‬                                        ‫ففي رواية «خان الخليلي»‬
                                  ‫قضايا‪ ،‬عادلة أو ظالمة‪،‬‬         ‫نقرأ هذا الحوار بين أبناء‬
  ‫والمساجد‪ ،‬والألمان أعقل‬        ‫تؤمن بها‪ ،‬إنما يرجع إلى‬       ‫الحي بعد سماعهم لطلقات‬
      ‫من أن يضربوا قلب‬                                         ‫نارية مدوية تضيء السماء‬
                                   ‫أسباب تخص الداخل‪،‬‬
‫الإسلام وهم يخطبون ود‬               ‫اقتصادية واجتماعية‬                  ‫بالأنوار الكاشفة‪:‬‬
‫المسلمين‪( .‬المرجع السابق‪،‬‬     ‫وسياسية وثقافية‪ ،‬ساهمت‬           ‫«‪ -‬لن ُتعاد مأساة الضرب‬
                                  ‫جميعها في تشكيل نمط‬
                 ‫ص‪)١٠‬‬          ‫من الوعي الذاهل والعقلية‬                         ‫الأعمى‪..‬‬
   ‫والوعي المثقف يحتمي‬        ‫الانهزامية التي فقدت ثقتها‬         ‫‪ -‬لقد اعتذر راديو برلين‬
                                   ‫بنفسها‪ ،‬فراحت تبحث‬          ‫عن غارة منتصف سبتمبر!‬
         ‫بالحكمة القديمة‬         ‫عن الحل في الأنا الماضي‬
   ‫المستخلصة من الشعر‬            ‫(البعيد زمانيًّا) أو الآخر‬         ‫‪ -‬كانت غارة إيطالية‪،‬‬
‫رمز الماضي‪ ،‬بنحو ما نجد‬           ‫المعاصر (البعيد مكانيًّا)‬          ‫فالألمان لا يخطئون!‬
 ‫في شخصية أحمد عاكف‬           ‫وكلاهما بعيد ثقافيًّا وعلميًّا‪.‬‬         ‫فابتسم أحمد راشد‬
   ‫الموظف المثقف تقليد ًّيا‪،‬‬      ‫فالوعي الشعبي يحتمي‬
    ‫أو يحتمي بالفلسفات‬           ‫بالدين بنحو ما نلمح في‬        ‫‪-‬استطاع أن يبتسم ثانية‪-‬‬
    ‫المعاصرة‪ ،‬كالفرويدية‬          ‫مقولة والد أحمد عاكف‬                    ‫وقال لصاحبه‪:‬‬
                              ‫الذي انتقل بالأسرة من حي‬
     ‫والماركسية‪ ،‬بنحو ما‬        ‫السكاكيني‪ ،‬الذي تعرض‬                   ‫‪ -‬أرأيت إلى هؤلاء‬
 ‫تب َّدى في حوارات المحامي‬          ‫للغارات‪ ،‬للسكن بحي‬         ‫المتعصبين الألمان؟! وأنت؟!‬
 ‫الشاب أحمد راشد‪ ،‬الذي‬
‫كان يرى الأمل في روسيا‬                                                  ‫هل أنت كهؤلاء؟!‬
  ‫الشيوعية أن تنقذ العالم‬                                              ‫وكان عاكف يتلذذ‬
                                                                     ‫‪-‬كعادته‪ -‬بمشاركة‬
                                                                  ‫المغلوبين عواطفهم‪ ،‬ولما‬
                                                                ‫كانت الغلبة للألمان في ذاك‬
                                                               ‫الوقت فقد قال بغير تردد‪:‬‬
                                                               ‫‪ -‬كلا‪ ..‬إني مع الحلفاء قلبًا‬

                                                                          ‫وقالبًا‪ ،‬وأنت؟!‬
                                                               ‫فسوى المنظار الأسود على‬

                                                                             ‫عينيه وقال‪:‬‬
                                                               ‫‪ -‬لي أمل واحد‪ :‬أن ينتصر‬
                                                               ‫الروس ويحرروا الدنيا من‬
                                                               ‫الأغلال والأوهام!»‪( .‬نجيب‬

                                                                   ‫محفوظ‪ ،‬خان الخليلي‪،‬‬
                                                                 ‫مكتبة مصر‪ ،‬صص‪-٧٠‬‬

                                                                                    ‫‪)٧١‬‬
                                                                  ‫هذا الانقسام‪ ،‬في الوعي‬
                                                               ‫الجمعي‪ ،‬حول حرب عالمية‬
                                                                ‫لم نكن طر ًفا مباش ًرا فيها‪،‬‬
                                                                 ‫وانحيازنا المتعصب لدول‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58