Page 252 - merit 42 jun 2022
P. 252

‫وتحرره من خصوصيته ومن‬                                    ‫العـدد ‪42‬‬                          ‫‪250‬‬
‫ذاتيته الضيقة المنعزلة التي تشكل‬
                                                                           ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬  ‫واعية مبدعة لا تشعر بقيمتها إلا‬
   ‫الطابع الجزئي لحياته الفردية‬                                                           ‫في حقل الذوات الفاعلة المتأملة‬
    ‫حتى ينفتح أكثر على الكوني‪.‬‬      ‫من العناصر والمفردات المستعارة‬                        ‫في العالم والوجود‪ ،‬لتحوله من‬
‫نذكر أي ًضا لوحة «توهج مناخي»‬        ‫من الحياة الحضرية‪ ‬والمعاصرة‬                           ‫الإيحاءات الواقعية إلى أخرى‬
 ‫وهي من اللوحات التي تتكئ على‬        ‫على حد السواء‪ .‬إنها الحساسية‬                                      ‫ماورائية خفية‪.‬‬
‫تكوينات وبناءات داخلية اكتسبت‬                                                           ‫وباعتبار أن الفن هو نتاج الفكر‬
 ‫قواها من سيطرة ووهج الألوان‬             ‫القصوى في التعبير الدلالي‬                           ‫وهو تج ٍّل للروح؛ يحل هذا‬
  ‫التي حولتها إلى موجات متدفقة‬      ‫المراهن على الجوهر المنفرد الذي‬
   ‫مشحونة بالدلالات في محاولة‬       ‫يوحي بتعبيرات حبلى بالمدلولات‬                       ‫المعرض كتجربة حسية وروحية‬
    ‫لتخليص هذه البنى من قيدها‬                                                                ‫ووجدانية ليضم العديد من‬
    ‫الأصلي و»الفينومولوجي»(‪،)5‬‬             ‫والمعاني المتأتية من تعدد‬
‫لتنفتح أكثر‪ ‬على المطلق‪ .‬إنه الممكن‬    ‫المشهديات في اللوحة الواحدة‪.‬‬                       ‫اللوحات‪ ،‬نذكر منها «المدينة في‬
                                       ‫ذلك التعدد الذي يأتي كتعبير‬                         ‫زمن الكورونا» و»في متاهات‬
                                    ‫عن دلالات الأرض والسماء وما‬
                                    ‫بينهما ليغوص بالمتلقي في عوالم‬                     ‫المدينة» و»هجرة حضرية» و»ضد‬
                                     ‫ميتافيزيقية ماورائية أسطورية‬                        ‫عدوى الكورونا» و»بين السماء‬
                                                                                           ‫والبحر والأرض» و»بانوراما‬
                                         ‫تحضه على الخيال والحلم‪،‬‬                        ‫على الحضري» و»المدينة في حالة‬
                                                                                            ‫من الفوضى» و»بين القصة‬
                                                                                             ‫والأسطورة»‪ ..‬وغيرها من‬
                                                                                         ‫اللوحات التي كانت نتاج الأزمة‬

                                                                                       ‫التي نعيشها‪ ،‬أو تلك التي تؤسس‬
                                                                                         ‫لعلاقات بالمحيط والطبيعة‪ .‬هي‬
                                                                                        ‫تجربة ارتبطت بمخزون الذاكرة‬
                                                                                             ‫والطفولة والحساسية التي‬
                                                                                          ‫نشأت عندي لتكون في النهاية‬
                                                                                           ‫حالة من‪ ‬الانتماء والإحساس‬

                                                                                       ‫بالوجودية عبر تجليات معاصرة‬
                                                                                              ‫ارتبطت باستذكار الأمكنة‬

                                                                                       ‫واستثمارها كصور ذهنية مقترنة‬
                                                                                       ‫بالمعنى الهيغلي أين يبدو «الجمال‬
                                                                                       ‫في الطبيعة إلا انعكا ًسا للجمال في‬
                                                                                        ‫الذهن‪ ،‬فالجمال الفني أسمى من‬

                                                                                                     ‫الجمال الطبيعي»‪.‬‬
                                                                                            ‫هذا ما يتأكد مع لوحة «بين‬
                                                                                         ‫السماء والبحر والأرض» حيث‬
                                                                                       ‫أخضع ُت هذه التكوينات‪ ‬لتطلعاتي‬
                                                                                            ‫الأنطولوجية الذاتية‪ ،‬ليكون‬
                                                                                           ‫هاجسي الأساسي‪ ‬البحث في‬
                                                                                           ‫الاختزال والتجريد لأعلن عن‬
                                                                                        ‫مشاهد متعددة الأبعاد تنبني في‬
                                                                                        ‫ذات الوقت على قوة تأثير المكان‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257