Page 255 - merit 42 jun 2022
P. 255

‫‪253‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

      ‫كل لوحة هي مخاض بحث‬           ‫والتوليف بين الخامات‪ ‬والأنسجة‬        ‫لوحة «طبيعة غرائبية» و»هجرة‬
       ‫وتجريب وتذوق فيه متعة‬                                ‫اللونية‪.‬‬     ‫حضرية» لتتشكل المساحات بين‬
  ‫مبصومة بترسبات تشكلت عبر‬                                              ‫الصرامة والعفوية بتباينات تنحو‬
 ‫ديناميات الألوان والأشكال التي‬         ‫هذا الأسلوب يحتكم في كليته‬        ‫أحيا ًنا إلى سيطرة اللون الواحد‬
‫أضفت على بنية لوحاتي ترنيمات‬             ‫للآثار التي صاغتها إمكانات‬     ‫وأحيا ًنا أخرى إلى التعدد والتدرج‬
     ‫ترجمت بأبعادها اللامتناهية‬
     ‫الإحساسات النفسية المعتملة‬             ‫الصدفة‪ ‬والضرورة وفق‬                ‫والتوالد اللوني لخلق ثراء‬
   ‫في ذهني‪ ،‬ولبت بداخلى‪ ‬القدرة‬       ‫ديناميكية الخط والكتلة واللمسة‬     ‫ملمسي وحركي متراسل مع بقية‬
   ‫على طرح مشروع يلائم منطق‬
 ‫العصر لأسجل معر ًضا‪ ‬يستجيب‬               ‫من حيث التوظيف الرمزي‬            ‫المواد والخامات‪ .‬في هذا‪ ‬المجال‬
‫للأساسيات الكلاسيكية ولموجبات‬          ‫والعلاماتي فيما يخص تناسق‬              ‫تحضر‪ ‬اللمسات واللطخات‬
  ‫الحداثة والمعاصرة م ًعا‪ .‬تلك هي‬     ‫الألوان ومزج الخطوط بالدوائر‬           ‫بين‪ ‬المادية اللونية وميوعتها‬
 ‫أنطولوجيا الذات في تأويل المكان‬       ‫والرموز بالعلامات‪ .‬هو تمازج‬
  ‫واستذكار الماضي والسفر نحو‬          ‫في نطاق من التجاور والتماسك‬        ‫وبين عفوية الأشكال وهندستها‬
    ‫عوالم من الخيال والتخيل(‪.)10‬‬                                         ‫وما تولد عنها من حركية تحيلنا‬
     ‫في الأخير هي تجربة جمالية‬           ‫لخلق تباين وتوازن بين كل‬         ‫إلى «زمنية مجازية»(‪ )8‬لها قدرة‬
 ‫تفرض علينا فه ًما دقي ًقا لحيثيات‬     ‫مكونات اللوحة حتى يوفر هذا‬        ‫إيحائية تتأتى من إشارات المكان‬
 ‫التشكيل الفني المنفتح على جميع‬        ‫التكامل مسل ًكا تعبير ًّيا يؤسس‬    ‫والمحسوسات المادية التي ُب ِع َثت‬
      ‫الآليات الفكرية والإمكانيات‬     ‫لمنهج أسلوبي ذاتي متفرد‪ .‬ذلك‬      ‫في السطح التصويري من التأليف‬
        ‫المادية لتكون تجربة كلية‬     ‫هو الجوهر الحقيقي للعالم الذي‬
      ‫مبصومة بالذاتية‪ ،‬لأن أكثر‬     ‫أردت منه تجاوز المنطق والقانون‬
     ‫الأمور فعالية في التعامل مع‬     ‫بأسلوب يحول اللوحة إلى فضاء‬
    ‫هذا العالم هي مواجهة الواقع‬     ‫تجريبي يجمع التفاعلات الحسية‬
  ‫باللاواقع‪ ،‬والمعقول باللامعقول‬     ‫والمادية أين تكمن متعة التجريب‬
                                     ‫والتفاعل والتغيير بحسب رؤيتنا‬
              ‫والمرئي باللامرئي‬     ‫لهذا العالم وعلى رأي مارلو بونتي‬
                                     ‫لم تعد رؤية الرسام مجرد نظرة‬
                                        ‫إلى الخارج أي علاقة فيزيائية‬
                                    ‫بصرية فقط‪ ،‬بل الرسام هو الذي‬

                                                  ‫يولد في الأشياء(‪.)9‬‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260