Page 260 - merit 42 jun 2022
P. 260

‫العـدد ‪42‬‬                                 ‫‪258‬‬

                                                                               ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

‫«كاسكا»‪ ،‬عندما‬

‫ترقص الفنطازيا‬
                                                    ‫د‪.‬فوزية ضيف الله‬
 ‫(تونس) على أنطولوجيا‬

‫الوجع الصاخب‬

‫قراءة تأويلية لرواية «الكاسكا»‪،‬‬
             ‫للروائ ّية رجاء الّرايس‬

 ‫كانت أرضية الرواية‪ ،‬هي نفسها‬          ‫تخترق الزمان والمكان‪ ،‬و ُتوقظ في‬  ‫«من دون الحب‪ُ ..‬كل المُوسيقى‬
‫أرضية الحياة في مدينة طرابلس‪،‬‬            ‫النفس صوت الحضارة الغائبة‪،‬‬      ‫ضجيج‪..‬كل الرقص جنون‪ ..‬كل‬
                                        ‫فنستنشق مع كل حرف مكتوب‬          ‫العبادات عبء»‬
  ‫حيث نشأت وترعرعت صاحبة‬                   ‫أديم أرض انتفضت وتراقص‬        ‫جلال الدين الرومي‬
   ‫الرواية‪ ،‬أو ربما هي تحاك على‬           ‫عليها أهلها رقصة «الكاسكا»‪،‬‬
 ‫أنغام نوستالجيا المكان والزمان‪.‬‬                                          ‫‪ -1‬أليست الغرب ُة ولاد ًة‬
‫فتنبثق الرواية حنينا خا ًّصا ذاتيًّا‪،‬‬  ‫ُمقاومة للموت والعطش وانتصا ًرا‬            ‫جديد ًة؟‬
  ‫ثم تحوله الكتابة السردية‪ ،‬بعد‬                  ‫للحياة والحب والفرح‪.‬‬
 ‫عدد من الانزياحات المتخيلة‪ ،‬الى‬                                             ‫قد تأخذنا الغربة بعي ًدا عن‬
   ‫قصة تهم جي ًل كام ًل أو وطنًا‬           ‫هكذا ولدت رواية «الكاسكا»‪،‬‬
                                       ‫لصاحبتها رجاء الرايس‪ُ ،‬مص ِّممة‬     ‫أوطاننا‪ ،‬لكنّنا نعود إليها في كل‬
     ‫بأسره‪ .‬يعني ذلك أن صدق‬            ‫أزياء «روجي» العالمية‪ ،‬جاءت من‬      ‫م ّرة على هيئة ما‪ .‬يسكن الوطن‬
      ‫الرواية لم يمنع من مغادرة‬                                             ‫ذاكرتنا ووجداننا وكياننا‪ ،‬وقد‬
     ‫الراوية رجاء الرايس لجملة‬           ‫مدينة طرابلس الليبية وارتحلت‬    ‫يحت ُّل جز ًءا من حرفنا وشعرنا أو‬
  ‫من الوقائع الحقيقية وتطعيمها‬            ‫نحو ميلانو لتنفتح روحها على‬    ‫رسمنا‪ .‬قد يعود الغريب إلى وطنه‬
   ‫بخيالها الواسع‪ ،‬بمشاهد تكاد‬         ‫عالم فني جمعت فيه بين عصرنة‬       ‫الذي صار بعي ًدا عنه‪ ،‬وهو يسكنه‬
 ‫تقترب من عوالم المجانين‪ .‬ورغم‬                                            ‫ويقطنه‪ ،‬إنيًّا ووجدانيًّا‪ ،‬على جهة‬
‫هذه الانزياحات‪ ،‬فإن الرواية تظل‬              ‫تراثها الليبي وإعادة تقديم‬
 ‫إلى آخر اللحظات راسخة في دنيا‬            ‫منسوجات وأقمشة الصواري‪،‬‬            ‫الإبداع فيكتبه لحنًا أو رقصة‬
 ‫الوقائعية‪ ،‬و ُمتمسكة بأن الخيال‬        ‫في شكل أنيق وفني‪ ،‬كما لو أنها‬
                                       ‫تحتمي بها من برودة الغربة ومن‬

                                                           ‫حدة الرياح‪.‬‬
   255   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265