Page 265 - merit 42 jun 2022
P. 265

‫‪263‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

  ‫ينص ُّب فوق معالمي قد ًرا ساخنًا‬     ‫يتكلم لغته العنيدة والصادقة‪.‬‬          ‫زوجها‪ ،‬وأبنائها‪ ،‬وقاومت كل‬
           ‫فأستقبله بر ًدا قار ًسا‬   ‫وتعود بنا الراوية رجاء الرايس‬            ‫الأوجاع لتحصد ثمار عرقها‬
                                                                            ‫في يوم من الأيام‪ .‬وبعد الصبر‬
‫أنام على خيباته وأنهض كما جئت‬            ‫إلى زمن البداية‪ ،‬زمن كتابة‬           ‫على الأوقات العجاف‪ ،‬ازدانت‬
                                      ‫القصة‪ ،‬مستعيرة ضمير الغيبة‬           ‫الأرض بثمارها واخض َّر الأديم‪،‬‬
                ‫للدنيا دون كلام‬                                            ‫وانبتت آثار الجنية ربي ًعا جمي ًل‬
                                          ‫لتصف شعور غالية قائلة‪:‬‬                ‫ُيحاكي صبر السنوات التي‬
‫تشكلت آثار الطريق فوق ملابسي‬        ‫«لذلك اختارت لغة الجسد لتخلق‬             ‫قضتها غالية بمفردها تعتصر‬
                                     ‫بحروفها رقصة الكلمات‪ ،‬كلمات‬            ‫دموعها وأوجاعها وتسقي منها‬
      ‫وبين أظافري نمت أعشاب‬                                               ‫الح َّي واليابس‪ .‬تنتصر غالية على‬
                                         ‫حرة بلا وزن ولا قافية تلك‬           ‫الموت والخرافة فتصرخ قائلة‪:‬‬
                  ‫وتم َّردت ألوان‬   ‫الرقصة التي يتل َّذذ فيها ألمها وفي‬      ‫في الماضي‪ ،‬تجارب حزن وألم‬
 ‫فرشاتي القديمة مسحت دمعتي‬          ‫الآن نفسه يتح َّداها‪ .‬فرفعت يديها‬          ‫ورثاء‪ ..‬دموع‪ ،‬شجن‪ ،‬كآبة‪،‬‬
                                                                               ‫حسرة وحدة تعاسة فانتفاء‬
   ‫ولوحتي فرحت عندما صارت‬             ‫بسطتهما يمينًا ويسا ًرا وتركت‬
                                      ‫مسامير الزمن ُتد ُّق في راحتيها‬            ‫وانطواء‪ ..‬أ َّما الآن سأكفر‬
       ‫بيتًا لنا ُتشاركني الترحال‬   ‫ووجدت نفسها معلَّقه على صليب‬             ‫بالماضي‪ ،‬بك ِّل آلامه وسأندفع‬
 ‫مراسم الفرح تبدأ كلَّما أمسكتها‬    ‫المسؤولية التي ترادف في فؤادها‬        ‫نحو الأمل‪ ،‬نحو السماء‪ ،‬منذ الآن‬
                                                                             ‫سأؤمن بالحياة‪ ،‬لا شيء غير‬
‫تنشرح وترقص ُتؤجج الألوان في‬            ‫معنى العذاب‪ .‬فسلَّمت أمرها‬
                       ‫أراضيها‬        ‫لتلك المسامير تد ُّق رؤوسها في‬                             ‫الحياة»‪.‬‬
                                       ‫ثنايا كتفيها‪ ،‬ساقيها وتجاعيد‬
‫وتزرع في القلب عا ًما من النسيان‬                                           ‫‪-8‬هل للرقص أحزان؟‬
    ‫لقد كان جرحك يضحك باكيًا‬                             ‫راحتيها»‪.‬‬
    ‫وكان فرحي غريبًا بلا عنوان‬      ‫وظلت غالية ترقص على أحزانها‪،‬‬            ‫تحدث المفاجأة في آخر الرواية‪،‬‬
    ‫لوحتي سميتها وج ًعا يرقص‬                                                ‫يوم الاحتفال بالانتصار‪ ،‬بينما‬
            ‫فهل للرقص أحزان؟‬          ‫رقصة الكاسكا‪ ،‬رقصة غريبة‪،‬‬
                                       ‫رقصة مجنونة‪ ،‬سكنها الحب‪،‬‬                 ‫كان حفيد ْي غالية يرقصان‬
  ‫ألوانها الفياضة من جوفي تجلَّت‬       ‫ث ّم غادرها‪ ،‬بعد أن نخر ألفتها‬        ‫رقصة الكاسكا‪ .‬تحضر زوجة‬
                                       ‫وأوجع روحها‪ .‬تواصل رحلة‬             ‫أصلان الإيطالية لتطالب بمنابها‬
             ‫وأينعت ور ًدا بقلبي‬     ‫التحدي راقصة‪ ،‬ومتسائلة‪« :‬هل‬          ‫من الأرض‪ ،‬بتسليمها المزرعة وما‬
             ‫فهل للورد وجهان؟‬                                             ‫عليها‪ ،‬طبقا لما جاء في نص وصية‬
                                                ‫للرقص أحزان؟(‪.»)1‬‬          ‫أصلان‪ .‬عندها لن تفكر غالية في‬
     ‫هوامش‪:‬‬                                                                ‫شيء آخر غير أن تترك جسدها‬
                                      ‫ه ْل للرقص أحزان؟‬
    ‫* أستاذة الفلسفة المعاصرة‬
‫والتأويليات‪ ،‬جامعة تونس المنار‪.‬‬      ‫مشى العمر فوق حدائقي حافيًا‬
 ‫‪ -‬قصيد‪« ،‬هل للرقص أحزان؟»‬            ‫وتر َّجل في ثنايا الطريق ُمغام ًرا‬

   ‫للشاعرة د‪.‬فوزية ضيف الله‪.‬‬                             ‫بلا سؤال‬
   260   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270