Page 266 - merit 42 jun 2022
P. 266

‫العـدد ‪42‬‬              ‫‪264‬‬

                                                                ‫يونيو ‪٢٠٢2‬‬

                                   ‫المحارم‪..‬‬

‫فكري داود بين‬
                                                  ‫أيمن الأسمر‬
‫حكايات القرية‬

‫وحكايات الاغتراب‬

     ‫بشكل ما مع السيرة الذاتية‬        ‫مصيرك‪ ،‬وها أنت حي لا تزل‪،‬‬            ‫عرفنا فكري داود سار ًدا‬
     ‫لكاتبها في مرحلة من حياته‪،‬‬    ‫رغم قضائك عامين بديرة مجهولة‬
‫والإشارات الدالة على ذلك كثيرة‪،‬‬    ‫الطريق‪ ،‬وسط الجبال والحيوانات‬               ‫يستمد مادة أغلب أعماله‬
‫ابتداء من قرية «السوالم‪ -‬دمياط»‬                                                ‫القصصية والروائية من‬
   ‫مسقط رأس الكاتب والمذكورة‬           ‫والحشرات‪ ،‬كما بات استقدام‬            ‫رافدين رئيسيين‪ ،‬الأول هو‬
‫صراحة في الرواية‪ ،‬مرو ًرا بمدينة‬    ‫أسرتك متا ًحا‪ ،‬في أي وقت تشاء‪.‬‬            ‫القرية المصرية ‪-‬وهو أحد‬
   ‫«تثليث‪ -‬السعودية» التي و َّثق‬                                         ‫أبنائها‪ -‬والتحولات الاجتماعية‬
  ‫الكاتب في نهاية روايته السابقة‬      ‫لماذا إذن تتحين الفرصة للتلكك‬       ‫والاقتصادية التي تمر بها على‬
  ‫«خلخلة الجذور» أنه بدأ كتابتها‬    ‫والانسحاب؟ هيا يا «عبد البديع»؛‬      ‫مدار عقود‪ ،‬والخلفية السياسية‬
 ‫بها‪ ،‬إضافة إلى إشارته الصريحة‬      ‫هيا أيها البطل‪ ،‬اقتل هواجسك في‬      ‫لتلك التحولات‪ ،‬أما الرافد الثاني‬
      ‫في مواضع متعددة إلى بطل‬       ‫مهدها؛ لم يزل بيتك في حاجة إلى‬           ‫فحكايات الغربة والاغتراب‬
     ‫الرواية كأديب وعضو اتحاد‬                                           ‫وبصورة خاصة بالمملكة العربية‬
                                     ‫بناء‪ ،‬وبقاؤك دون عربة خاصة‬        ‫السعودية‪ ،‬وفي الحالتين يسرد لنا‬
                        ‫الكتاب‪:‬‬       ‫رذيلة يتجنبها الأغنياء‪ ،‬وشقق‬      ‫وقائع وأحداث أعماله بخبرة من‬
      ‫“رفعت الرواية في مواجهة‬       ‫دمياط الجديدة‪ ،‬والقديمة‪ ،‬ورأس‬      ‫عاش التجربة هنا وهناك وعمدته‬
  ‫الهندي‪ ،‬مشي ًرا إلى اسم “جمال‬
‫الغيطاني” فوق غلافها‪ ،‬قائ ًل‪ :‬أنا‬         ‫البر‪ ،‬لك حلال بلا عناء؟»‪.‬‬                             ‫نارها‪.‬‬
  ‫كاتب مثل هذا‪ .‬وعندما لاحظت‬          ‫ترافقه في الرحلة من دمياط إلى‬         ‫في مستهل روايته «المحارم»‬
   ‫عدم استيعابه‪ ،‬قلت بإنجليزية‬     ‫السعودية شخصية أخرى سيكون‬               ‫الصادرة عن «أفاتار للطباعة‬
                                                                             ‫والنشر» ‪ 2021‬ينتقل «عبد‬
                        ‫بدائية‪:‬‬          ‫لها شأنها في أحداث الرواية‬        ‫البديع» بطل الرواية من عالم‬
   ‫(‪.”)I am a writer like this‬‬           ‫«الأستاذة سهير» ومحرمها‬           ‫القرية «السوالم‪ -‬دمياط» إلى‬
   ‫“في صبيحة الغد‪ ،‬وبعد انتهاء‬         ‫«صابر المخطط»‪ ،‬بعد أن جمع‬        ‫عالم الغربة «تثليث‪ -‬السعودية»‬
                                       ‫بينهم على غير موعد ما يجمع‬            ‫في رحلة الإعارة ‪-‬كمعلم‪-‬‬
     ‫الحصة الأولى‪ ،‬فاجأني نداء‬           ‫المعارون عند إنهاء أوراقهم‬     ‫مخاطبًا نفسه في منولوج داخلي‪،‬‬
  ‫الزملاء عليَّ بالأديب‪ ،‬علمت على‬                                        ‫وموض ًحا الهدف الرئيسي لكل‬
  ‫الفور أن بيومي قد سرب إليهم‬                      ‫استعدا ًدا للسفر‪.‬‬     ‫معار‪« :‬أنت لست محر ًما يسهل‬
 ‫معلومت ْي الكتابة وعضوية اتحاد‬         ‫القراءة المتمهلة للرواية تفتح‬     ‫تبديلك‪ ،‬أو مكفو ًل لبدوي بيده‬
                                         ‫أفا ًقا واسعة للتأويل‪ ،‬فبطل‬
                      ‫الكتاب”‪.‬‬       ‫الرواية «عبد البديع» ‪-‬في تأويلي‬
                                   ‫الشخصي للنص‪ -‬ليس إلا فكري‬
                                   ‫داود نفسه‪ ،‬أي أن الرواية تتماس‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271