Page 12 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 12
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
إن كل ذلك من شـأنه هدم أسـس النظام ،بل هدم ج -البطالة وانحسار فرص العمل:
أسـس الدولـة ككل اقتصاديـا وسياسـيا ،إلـى جانـب
البعـد الاجتماعـي المؤثـر فـي المواطنـة والـولاء ُيعـد تقلـص فـرص العمـل أمـام المواطنيـن
مـن القادريـن علـى العمـل مـن أهـم المشـكلات
للمجتم ـع. الاجتماعيـة التـي تبـرز عامـا محوريـا أمـام تحقيـق
الأمـن القومـي ،فالعمـل هـو محـور حيـاة البشـر،
د -الأمية وتحديات الأمن القومي: فمـن خلالـه يسـد الفـرد ليـس فقـط حاجاتـة الماديـة،
بـل هـو أكثـر مـن ذلـك فهـو يشـبع حاجاتـه المعنويـة
تُعـد قضيـة التعليـم مـن أهـم القضايـا المؤثـرة فـي الإنسـانية بصـورة مباشـرة أو غيـر مباشـرة ،حيـث
تكويـن شـخصية الفـرد ،بـل تشـكيل شـخصية الأمـة يحقـق أيضـا قيمـة الشـعور بتحقيـق الـذات ،والشـعور
كما أوضح بجلاء عميد الأدب العربي طه حسين،
وكـذا الباحثـون فـي مجـال علـم الاجتمـاع وعلـوم بالأمـان والأمـن الاجتماعـي.
التربيـة والتعليـم والثقافـة. هـذا وتعكـس البيانـات الرسـمية والإحصـاءات
الوطنيـة الصـادرة عـن الجهـاز المركـزي للتعبئـة
ومـن ثـم كلمـا ارتقـى المسـتوى التعليمـي العامـة والإحصـاء المصـري والبيانـات الدوليـة
فـي أمـة مـن الأمـم تعاظمـت مكانتهـا بيـن الأمـم الصـادرة فـي تقاريـر التنميـة البشـرية انحسـار
وأصبحـت صانعـة للحضـارة والتقـدم ،فبـدون التعليـم فـرص العمـل أمـام الإنسـان المصـري رغـم قدرتـه
الجيـد تختفـي درجـات الوعـي لـدى المواطنيـن،
وتضعـف بالتالـي عناصـر قـوة الدولـة ممثلـة فـي علـى العمـل.
مواطنيهـا ومـدى قدرتهـم علـى مواجهـة تحديـات
العصر؛ عصر الثورة المعرفية والمعلوماتية ،وزمن كمـا تعكـس البيانـات الإحصائيـة قضيـة مهمـة
مـا بعـد الحداثـة ،والتقـدم التكنولوجـي وسـرعة التطور فـي شـأن التنميـة الاقتصاديـة والاجتماعيـة ،حيـث
التقنـي فـي كافـة مجـالات الحيـاة بمـا تحملـه مـن تؤكـد علـى أن إهمـال قضيـة توفيـر فـرص العمـل
تقـدم لتحقيـق الرفاهيـة الاجتماعيـة للمجتمـع البـارع للقادريـن علـى العمـل تُعـد مـن أكثـر القضايـا المؤثـرة
فـي سياسـات التعليـم والتقـدم الحضـاري ،وفـي نفـس علـى ضعـف انتمـاء المواطـن المصـري؛ وبالتالـي
الوقـت مـا تخفيـه مـن قيـم تدميريـة فـي المجتمعـات غيـاب مصالـح الدولـة فـي تفكيـره والتركيـز علـى
مصالحـه الشـخصية ،ومـن ثـم تبـرز ظاهـرة الهجـرة،
التـي تتميـز بتدنـي مسـتوى ونوعيـة التعليـم. خاصـة لـدى القـوة الرئيسـية فـي المجتمـع المصـري
ألا وهـم الشـباب ،وهـو مـا يعاظـم مـن ثقافـة النقـد
حيـث تتبايـن الأمـم بيـن نمطيـن مـن أنمـاط
التعليـم ،المجتمـع ال ارغـب فـي التحضـر المعرفـي، غيـر الموضوعـي للنظـام وللدولـة.
والمجتمـع الجاهـل بأمـور التعليـم وجودتـه ،لـذا
انقسـمت المجتمعـات معرفيـا بيـن رقـي علمـي وفي سبيل البحث عن إشباع حاجاتهم المادية
لمواجهـة تحديـات متناميـة ،وأخـرى تفتقـد لذلـك وكـذا المعنويـة يتـم اسـتغلالهم فـي عمليـات غيـر
فتنحـو نحـو الخ ارفـة والجهـل والتخلـف ،بـل أصبحـت وطنيـة ،إلـى جانـب تغييـب القانـون فهـم يبحثـون إمـا
السـيطرة الآن بعقـول بشـر لهـم طموحـات كبـرى عـن واسـطة تؤهلهـم للعمـل علـى حسـاب الكفـاءات
لصالـح بلدانهـم وعقـول تقبـل السـيطرة والتبعيـة والمواهـب التـي يتحلـى بهـا الغيـر ،أو ينخرطـون
والمحـاكاة للغيـر ،وهنـا يصبـح الفـرق بيـن الرقـي فـي أعمـال غيـر شـرعية أو الانسـحاب الطوعـي أو
والبحـث عـن البقـاء. القصـري مـن المشـهد الاجتماعـي العـام.
12