Page 87 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 87

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                 ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫أن تهـب الجسـد الفانـي إلـى وليدهـا – إن الله هـو‬          ‫من البعد المتفاوت أدركه مسـتديًار إذا كان متسـاوي‬
‫الـذي ُيخصـب فكرنـا «بكلمتـه»‪ ،‬إنـه ليـس فحسـب‬             ‫الأقطـار ومسـتطيلا إذا كان مختلـف الأقطـار‪...‬‬
‫السـيد الداخلـي أو المسـيطر الباطنـي بوصفـه صوتًـا‬         ‫وأمثـال هـذه المعانـي كثيـرة وكثيـرة الأنـواع‪ .‬وجميـع‬
‫يهمـس فـي أذن العقـل‪ ،‬وإنمـا هـو النـور الـذي يجعلـه‬       ‫مـا يدركـه البصـر علـى هـذه الصفـة فهـو غالـط‬

‫يـرى أو هـو «النـور الحقيقـي الـذي ُينيـر كل إنسـان‬        ‫في ـه»‪)20(.‬‬

‫إذن فالأغـاط أو المغالطـات الناشـئة عـن آت إلـى العالـم»‪)22(.‬‬

‫الصـور أو الم اريـا المختلفـة‪ ،‬والتـي أثـارت فلاسـفة وإذا انتقلنـا إلـى عصـر النهضـة الأوروبيـة وجدنـا‬

‫مثـل‪« :‬أفلاطـون» و»أبوليـوس»‪ ،‬قـد صيغـت محاولـة لمعرفـة الله أو المجـد الإلهـي مـن خـال‬

‫صياغـات رياضيـة مـع ب ارهيـن هندسـية‪ ،‬وأخـذت آثـاره وصـوره‪ ،‬ويتضـح هـذا ممـا كتبـه السـير «والتـر‬

‫شـكل النظريـات عنـد «إقليـدس» ‪ –323( Euclid‬ارلـي» ‪)1618–1552( RaleighSir Walter‬‬

‫‪ )283B.C‬و«هيـرون السـكندري»‪ Heron of‬عـن «تاريـخ العالـم»‪ ،‬يقـول‪« :‬إننـا نـرى ظـل طلعـة‬

‫‪ )180A.D–125(Alexandria‬و»ابن الهيثم»‪ .‬الله البهيـة فـي أنـوار السـماوات المجيـدة‪ ،‬وفـي كفالتـه‬

‫فعلـم الصـورة أو الم اريـا – سـواء بالنسـبة إلـى علمـاء الرحيمـة لـكل مـن يحيـا فـي كنـف خيـره العظيـم‪،‬‬

‫الرياضـة أو الفلاسـفة أو الشـع ارء – هـو علـم الوهـم وأي ًضـا فـي إيجـاده للعالـم فـي مجموعـه وخلقـه‬
‫إيـاه مـن العـدم عـن طريـق القـدرة المطلقـة لكلمتـه‬        ‫والخيـال والخـداع‪.‬‬

‫وفـى العصـور الوسـطى المسـيحية حـذر القديـس وسـلطانه وجبروتـه»‪)23(.‬‬

‫«أوغسـطين»‪ )430–354( Augustine .st‬ويـؤدى بنـا هـذا النـص إلـى مـا قـام بـه مفكـرو‬

‫مـن تلـك الرغبـة البصريـة التـي تحـول عقولنـا بعيـًدا عصـر النهضـة ‪ -‬ومـن قبلهـم فلاسـفة العصـور‬
‫عـن الاهتمامـات الروحيـة‪ ،‬إنهـا الرغبـة التـي ترتبـط الوسـطى ‪ -‬مـن اسـتخدام لمجـاز صـورة العالـم لبيـان‬

‫بحـب الاسـتطلاع أو الفضـول المعرفـي التـي تحـدث فكـرة فلسـفية مفادهـا أن العالـم ليـس سـوى بنـاء‬

‫عنهـا خـال تصنيفـه لمـا أسـماه «شـهوة الأعيـن»؛ تسلسـلي بالـغ الإتقـان‪ ،‬أي أنـه مؤلـف مـن سلسـلة‬

‫ففـي مقابـل المتعـة البصريـة المرتبطـة بالجمـال‪ ،‬مت اربطـة الحلقـات أو الم ارتـب‪ ،‬وكل مرتبـة فيـه‬

‫فـإن الفضـول – فـي أرى «أوغسـطين» – يتحاشـى تعكـس جوهـر أو نظـام المرتبـة الأخـرى؛ فيصبـح‬

‫الجميـل‪ ،‬ويذهـب و ارء نقيضـه تما ًمـا‪ ،‬مـن أجـل لـذة كل شـيء منعك ًسـا فـي كل شـيء‪ ،‬والسلسـلة هنـا‬
‫الاكتشـاف والمعرفـة؛ فيجتـذب الفضـول المشـاهد مـا هـي إلا صـورة تعبـر عـن حـال الكمـال والإحـكام‬

                          ‫الـذي يميـز خلـق الله‪.‬‬           ‫نحـو المناظـر غيـر المألوفـة وغيـر الجميلـة أي ًضـا‪.‬‬
                                                           ‫إنـه يكـون مصحوًبـا برغبـة فـي المعرفـة لذاتهـا‪ ،‬وهـي‬
‫وارتبطـت د ارسـة «الصـورة» فـي تـ ارث المذاهـب‬             ‫رغبـة قـد تـؤدى بصاحبهـا إلـى الاهتمـام بالتحـولات‬
‫الفلسـفية الحديثـة بعـدة تيـا ارت رئيسـية تتمثـل فـي‪:‬‬
‫المذهـب المـادي‪ ،‬والمذهـب الروحـي‪ ،‬والمذهـب‬                                   ‫المرتبطـة بالسـحر والعلـم‪)21(.‬‬

‫وقـد تحـدث «أوغسـطين» عـن نظريـة «الإشـ ارق» الفينومينولوجـى‪ ،‬والمذهـب الوجـودي‪ .‬وقـد عـول‬

‫أو «الشـعاع»‪ ،‬و أرى أن كل حكـم صـادق يفتـرض المذهـب المـادي فـي تفسـير علاقـة الصـورة بـالإد ارك‬

‫إشـ ارقة طبيعيـة مـن الله علـى الذهـن‪ ،‬فالعقـل الـذي علـى فكـرة «التداعـي» التـي تـؤول إلـى تصـو ارت‬

‫ُخلـق مـن العـدم لا يسـتطيع أن ينتـج الضـروري؛ ت اربطيـة تتحـرك فـي نطـاق سـيكوفيزيائى يحلـل‬
‫أي الوجـود الحـق – تمامـاً كمـا أن الأم لا تسـتطيع العمليـات السـيكولوجية بـرده إلـى مـا يحـدث فـي‬

                                                       ‫‪87‬‬
   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92