Page 86 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 86
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
هـي العضـو المختـص برؤيـة النـور فـي الإنسـان .أو هيئتهـا؛ بـل هنـاك مـا هـو أكثـر مـن ذلـك :فهـي
وفـى تشـبيه الخـط ،يعـرض لدرجـات المعرفـة ،التـي أثنـاء سـقوطها الـا محـدود وبـا انقطـاع ،تقـدم اللون
تبـدأ بظـال الأشـياء الواقعيـة وتنتهـي إلـى تعقـل نفسـه ،بحيـث لا نـرى صـوًار متعـددة ومنفصلـة،
المثـل الخالصـة؛ وعلـى أرسـها «الخيـر» )12(.أمـا وإنمـا صـورة واحـدة طويلـة ومتصلـة.
وقـد عـرض «سـنيكا» –3B.C(Seneca تشـبيه الكهـف( )13فهـو امتـداد لهذيـن التشـبيهين
)65A.Dهذه النظرية في كتابه «أمور الطبيعة»، السـابقين ،بـل إنـه مركـب منهمـا .وهـو عبـارة عـن
حيـث أرى أن قطـ ارت المـاء التـي تسـقط بأعـداد مقارنـة بيـن نمطيـن مـن الحيـاة :حيـاة تفتقـر إلـى
لا حصـر لهـا؛ هـي م اريـا وصـور أو تمثـات الاسـتنارة مـع الظـام فـي الكهـف – علـى حـد قـول
للشـمس )18(،وتسـاءل «أبوليـوس» Apuleius «أفلاطـون»( – )14وحيـاة مسـتنيرة تـدرك حقائـق
( )180A.D–125عـن سـبب رؤيـة المـرء لقـوس
الأشـياء فـي ضـوء الشـمس.
قـزح بألوانـه المختلفـة فـي السـحاب ،أو أن يـرى ويتحـدث أي ًضـا – فـي محـاورة الجمهوريـة –
شم ًسـا ازئفـة تنافـس الشـمس الواقعيـة الأصليـة مـن عـن حاسـة الإبصـار ،ويقـارن بينهـا وبيـن الحـواس
كافـة ،ويـرى أنهـا – علـى عكـس الحـواس الأخـرى
حيـث المظهـر.
ويرجـع اهتمـام مجموعـة مـن الفلاسـفة فـي العالـم – تحتـاج إلـى شـيء أساسـي آخـر حتـى تكتمـل
اليونانـي – الرومانـي بموضـوع الصـورة (أو مفهـوم عملياتها .وهذا الشـيء هو الضوء ،ومن ثم «تكون
الرؤيـة) ،لا مـن حيـث إنهـا تعكـس الواقـع وتعبـر عن ال اربطـة التـي تجمـع بيـن حاسـة الإبصـار وإمـكان
الحقيقـة علـى نحـو دقيـق؛ وإنمـا بوصفهـا تصنـع رؤيـة الشـيء أرفـع قيمـة بكثيـر مـن كل الروابـط
أوها ًمـا ومظاهـر خادعـة ،لذلـك كانـت الصـورة التـي تجمـع بيـن بقيـة الحـواس وموضوعاتهـا ،مـا
عندهـم رمـًاز للمحـاكاة الفارغـة والظـال العابـرة،
دام الضـوء شـيًئا قي ًمـا بحـق»)15(.
فضـا عـن الزيـف والخطـأ. وقـد أرى «أفلاطـون» – فـي معـرض
ولـم تكـن نظـرة العلمـاء إلـى هـذه المسـألة مختلفـة حديثـه عـن كيفيـة الرؤيـة أو الإبصـار – أن البصـر
كثيـًار عـن نظـرة الفلاسـفة ،فابـن «الهيثـم» (965 ينبعـث منـه مـا أسـماه «بالنـار الإلهيـة» أو «القـوة
– )1040مثـا يسـتخدم كلمـة «الأغـاط» فـي النوريـة» )16(،فـإذا مـا خرجـت النـار الإلهيـة مـن
كتابـه «المناظـر»( ،)19ليسـتبعد مـا يمكـن اعتبـاره البصـر فـي ضـوء النهـار اتصلـت بذلـك النـور الـذي
صـورة أو مـرآة معصومـة مـن الخطـأ ،فنـ اره يبحـث مـن نوعهـا ،وإذا اتصـل المثـل بالمثـل (أو الشـبيه
بحثًـا مسـتفي ًضا فـي أغـاط البصـر أو صـور بالشـبيه) علـى هـذه الكيفيـة اندمجـا واتحـدا وتكـون
ال ُمبصـ ارت بالانعـكاس .يقـول فـي المقالـة الثالثـة: منهمـا «الشـعاع» الـذي بـه يـدرك البصـر ال ُمب َصـر.
«إن البصـر قـد يعـرض لـه الغلـط فـي كثيـر ممـا أمـا «أرسـطو» وإن عـارض مذهـب «أفلاطـون»
يدركـه مـن ال ُمبصـ ارت ،ويدركهـا علـى خـاف مـا فـي القـول بالشـعاع الـذي يعـزى إليـه – فـي نهايـة
هـي عليـه ،فـإذا أدرك مبصـًار مـن ال ُمبصـ ارت ،وكان الأمـر – الرؤيـة أو الإبصـار ،فقـد لجـأ إلـى فكـرة
علـى بعـد متفـاوت ،فإنـه يـدرك مقـداره أصغـر مـن الانعـكاس فـي كتبـه الطبيعيـة عنـد تفسـيره بعـض
الظواهـر الضوئيـة والجويـة ممـا ُيـرى فـي السـماء ،مقـداره الحقيقـي ،وإذا كان ال ُمبصـر قريًبـا جـًّدا مـن
كالأثريـن :قـوس قـزح والهالـة )17(،وذهـب إلـى أن البصـر أدرك مقـداره أعظـم مـن مقـداره الحقيقـي،
القط ارت/الم اريـا إنمـا تعكـس لـون الشـمس لأشـكالها وإذا أدرك البصـر شـكلا مرب ًعـا أو كثيـر الأضـاع
86