Page 83 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 83
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
فلسفة الصورة
الأستاذة الدكتورة /أمل مبروك عبد الحليم
أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة -ورئيس مجلس قسم الد ارسات الفلسفية
بكلية الآداب – جامعة عين شمس
يسمى «الحقيقة الوهمية» والمقصود به فن صناعة تمهيد..
«عالـم مـن الصـور» ،يمكـن أن يظهـر لنـا وكأنمـا قد مـن سـمات عصرنـا ال ارهـن هيمنـة «الصـورة»
حـل محـل «الواقـع الفعلـي» ،أو هـو بالأحـرى «واقـع وسـيادتها ،لتكـون إحـدى أهـم الأدوات المعرفيـة
لا واقعـي» ،يجـرى ابتداعـه بالكمبيوتـر ،حتـى يبـدو والثقافيـة والاقتصاديـة .وقـد شـهدت «الصـورة» عـدة
تحولات مختلفة ،أثرت بشكل كبير في إنتاج مفاهيم
لحواسـنا أكثـر حقيقـة مـن الحقيقـة.
جديـدة ،أسـهمت فـي إثـ ارء كافـة الأنشـطة الثقافيـة تعريف الصورة
تعطـى بعـض القواميـس تعريفـات كثيـرة لكلمـة والمعـارف الإنسـانية والقيـم والمعانـي الجماليـة.
«صورة» بد ًءا من الإشارة إلى عملية إعادة الإنتاج وقـد قـال «أرسـطو» –384(Aristotle
(أو النسـخ) للشـكل الخـاص بإنسـان أو بموضـوع « :)322B.Cإن التفكيـر مسـتحيل بـدون صـور.
فالصـور تمـأ الحيـاة العصريـة وتغـزو الأمكنـة معيـن ،إلـى الإشـارة إلـى كل مـا يظهـر علـى نحـو
خفـي؛ وبخاصـة إذا كان غريًبـا أو غيـر متوقـع. والأزمنـة وتعايـش الإنسـان منـذ بـدء الخليقـة» ،وهـذا
وبيـن هذيـن المعنييـن تشـتمل التعريفـات علـى مـا أكـده المفكـر الفرنسـي «رولان بـارت» حيـن أرى
اسـتخدامات خاصـة للمصطلـح تجسـد الخصائـص أن الصـورة جـاءت لتكسـر الحواجـز والسـدود أمـام
المرتبطـة بالصـور المرئيـة ،وكذلـك الجوانـب الجماهيـر وتلغـى التمييـز الثقافـي والطبقـي ،وتقتحـم
العقليـة ،التـي تشـتمل علـى الوصـف الحـي :مثـل إحساسـنا الوجدانـي وتتدخـل فـي تكويننـا العقلـي؛ بـل
الاسـتعارة الأدبيـة والرمـز ،وكذلـك الـ أري أو
إنهـا تؤثـر فـي حياتنـا الاجتماعيـة والسياسـية.
وفـى ظـل ثقافـة العولمـة – التـي غـزت عالـم التصور ،والطابع الذي يتركه شخص أو مؤسسة،
التكنولوجيـا ووسـائل الاتصـال والتـي توظـف كمـا تقدمهـا وسـائل الإعـام الجماهيريـة)1(.
وقـد جـاءت كلمـة «الصـورة» فـي الاصطـاح إمكانيـات الإعـام بطريقـة محكمـة – أصبحـت
اللغـوي (بالضـم وسـكون الـواو) بمعنـى الشـكل، الصـورة فـي كل مـكان ،ولـم يعـد ممكًنـا أن نفكـر فـي
والجمـع ُصـَور و ِصـَور و ُصـور ،وقـد صـوره كثيـر مـن أمـور حياتنـا اليوميـة مـن دون أن نفكـر
فتصـور ،وتَ َصـَّورُت الشـيء :توهمـت صورتـه
فتصـَّور لـي .والتَصاويـُر :الت َماثيـ ُل .وقـال «ابـن فـي الصـور.
الأثيـر» ( :)1232–1160الصـورة تـرد فـي كلام
وقدي ًمـا أدرك ذلـك «أوفيـد» Ovidius
( ) A.D18–43B.Cحيـن قال»:ليـس فـي الكـون
كلـه ثمـة شـيء ثابـت ،فـكل شـيء فـي تغيـر مسـتمر العـرب علـى ظاهرهـا ،وعلـى معنـى حقيقـة الشـيء
وهيئتـه ،وعلـى معنـى صفتـه .يقـال :صـورةُ الفعـل يسـيل مثـل المـاء ،وأشـكال الكائنـات عارضـة».
كـذا وكـذا أي هيئتـه ،و ُصـورةُ الأمـر كـذا وكـذا أي أمـا الآن ونحـن فـي القـرن الحـادي والعشـرين وبعـد
صفتـه .أمـا التصـُور فهـو حصـول صـورة الشـيء
ثـورة الإعـام والمعلومـات وبـث الصـور التليفزيونيـة
فـي العقـل ،أي تخيـل صورتـه فـي ذهنـه. عبـر الأقمـار الصناعيـة ،إلـى أي مـكان فـوق سـطح
كوكبنـا ،فقـد أصبـح ممكًنـا ابتـداع عالـم مـن الخيـال
83