Page 64 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 64

‫العلـم والقيـم الأخلاقيـة‬

                                       ‫أ‪.‬د‪.‬حسين علي حسن‬
           ‫أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بقسم الدراسات الفلسفية ‪-‬كلية الآداب‪ -‬جامعة عين شمس‬

‫‪ Imperative‬عنـد كانـط ‪ ،)Kant‬ونظريـات الحقـوق‬                                                                                               ‫تمهيد‪:‬‬

‫الطبيعيـة (كنظريـة الحقـوق الفرديـة عنـد جـون لـوك‬                                                                                          ‫حينمـا نتحـدث عـن “الأخـاق”‪ ،‬فإننـا نعنـى فـى‬
                                                                                                                                            ‫العـادة مجموعـة القواعـد السـلوكية التـى تُسـِّلم بهـا جماعـة‬
‫‪ ،)Lock‬ونظريـات الفضائـل (عنـد أرسـطو وغيـره)‪،‬‬                                                                                              ‫مـن النـاس فـى حقبـ ٍة مـا مـن الحقـب التاريخيـة‪ .‬ولكـ َّن‬

‫ونظريـات العقـد الاجتماعـى منـذ «هوبـز»**‪ .2‬كل هـؤلاء‬                                                                                       ‫الفلاسـف َة لـم يوافقـوا علـى النظـرة الوصفيـة إلـى الأخـاق‬
‫الفلاسـفة لهـم أنصـار ومؤيـدون‪ .‬وهنـاك العديـد مـن‬                                                                                          ‫باعتبـار أن موضوعهـا هـو تحديـد القواعـد التـى يسـلك‬
‫الحجـج والب ارهيـن التـي ُقــِد َمت تأييـًدا أو معارضـ ًة لهـذه‬
‫النظريـات‪ ،‬والنتيجـة التـي توصـل إليهـا الكثيـرون هـي‬                                                                                       ‫الإنسـان بمقتضاهـا فـى الواقـع‪ ،‬بـل ذهبـوا إلـى أن‬

                                                   ‫القاهرة‪ ،1979 ،‬ص‪.]22‬‬                                                                     ‫موضو َعهـا هـو فـرض القواعـد التـى ينبغـى أن يحتذيهـا‬
                                                                                                                                            ‫الإنسـان فـى سـلوكه‪ .‬ومـن هنـا فقـد أبـى الفلاسـفة أن‬
‫**‪ 2‬تومـاس هوبـز ‪) 1679 – 1588 ( Thomas Hobbes‬‬                                                                                              ‫يجعلـوا مـن “الأخـاق” مجـرد د ارسـة تقريريـة للعـادات‬
‫وقال بأن الناس أنانيون‬    ‫بإونأطناجهلـعيـم‪،‬ةزىات‪.‬للاأس ـّيفلًَيدـاطاالللنحف‪.‬كومم ـاضلـنمىلآ‪،‬ثك ـاىدرهاخللثـملوااطثليفتــقه‪،‬ى‬  ‫فيلسـوف‬       ‫والسـنن والطبـاع الخلقيـة السـائدة بيـن النـاس؛ لأنهـم أروا‬
‫عقـد اجتماعـي تعهـدوا‬                                                                                                         ‫بطبعه ـم‬      ‫أن مهمـة “الأخـاق” إنمـا تنحصـر فـى وضـع “المثـل‬
‫الشـهيرة‪" :‬فـى الموطـن"‬                                                                                                       ‫بموجب ـه‬      ‫الأعلـى”‪ ،‬وبيـان “الكمـال الأخلاقـى”‪ ،‬وتشـريع “القانـون‬
‫عـام (‪ ،)1642‬و"فـى الجسـد" عـام (‪ ،)1655‬و"فـى الإنسـان"عام‬                                                                                  ‫الخلقـى”‪ ،‬وهكـذا أصبحـت “الأخـاق” فـى نظر الفلاسـفة‬
‫ب(ال‪8‬ق ـ‪5‬ر‪6‬ب‪)1‬م ـ‪.‬ن ُوِل ـمَددين ـ"تةومم ـاالمسس ـبهروىب ـز‪ur"y‬ف ـ‪b‬ى‪es‬قر‪m‬ي‪l‬ـة‪Ma‬وسفــتبىورمقتاط‪t‬ع‪r‬ـة‪tpo‬ولت‪s‬ش‪ e‬ـي‪W‬ر‬                           ‫هـى “نظريـة المثـل الأعلـى”‪ ،‬أو هـى الد ارسـة المعياريـة‬
‫‪ Wiltshire‬جنوبـى انجلتـ ار فـى الخامـس مـن أبريـل عـام ‪،1588‬‬
‫تلقـى "هوبـز" تعليمـه فـى المدرسـة الملحقـة بكنيسـة القريـة حتـى بلـغ‬                                                                                                         ‫للخيـر والشـر(‪.)1‬‬
‫السـابعة مـن عمـره‪ ،‬وعندمـا بلـغ "هوبـز" الثامنـة‪ ،‬كان يجيـد القـ ارءة‪،‬‬
‫ثـم التحـق بمدرسـة روبـرت لايتمـر‪ ،Robert Latimer‬التحـق بكليـة‬                                                                              ‫تتعـارض وجهـات النظـر وتسـود الخلافـات علـى‬
‫مودلـن ‪ Magdalen College‬فـى جامعـة أكسـفورد‪ ،‬وقـد التحـق‬                                                                                    ‫نطـا ٍق واسـع فيمـا يتعلـق بالحديـث عـن النظريـات‬
‫"هوبـز "بأكسـفورد عـام ‪ 1603‬وتخـرج منهـا عـام ‪ ،1608‬وهـو يحمـل‬                                                                              ‫الأخلاقيـة‪ .‬إذ توجـد مذاهـب ونظريـات شـتى؛ كمذهـب‬
‫أسـوأ انطبـاع‪ :‬الـدروس "كريهـة قاحلـة" والمناقشـات "عقيمـة مجدبـة"‪،‬‬                                                                         ‫المنفعـة بكافـة صـوره‪ ،‬والنظريـات القائلـة بفكـرة الواجـب‬
‫والمناهج أرسـطية أو إسـكولائية من بقايا الفلسـفة المدرسـية التى سـادت‬
‫العصـر الوسـيط‪ .‬وكان "هوبـز" واسـع الاطـاع فـى فتـرة أكسـفورد‪،‬‬                                                                              ‫(كنظريـة الأمـر الجـازم ‪*the Categorical 1‬‬
‫وعندمـا تخـرج عـام ‪ ،1608‬ونـال درجتـه الجامعيـة‪ ،‬رشـحه عميـد الكليـة‬
‫خصوصًّيـا‬  ‫معل ًمـا‬  ‫ليكـون‬  ‫جيمـس هـس ‪Sir James Hassee‬‬                                                                       ‫سـير‬          ‫‪ -1‬الأمـر ‪ Imperative‬يعـر عـن فعـل واجـب الأداء‪ ،‬ومنـه عنـد "كانـط"‬
                              ‫وليـم كافنديـش ‪.W. Cavendish‬‬                                                                    ‫لاب ـن‬        ‫أمـر جـازم يقـي بـه الواجـب عـى وجـه الـرورة‪ ،‬وأمـر مـروط‪ ،‬إذا كان‬
‫علـى يـد‬  ‫الميتافيزيقـة فيلسـوًفا مادًّيـا تتلمـذ‬  ‫الناحي ـة‬  ‫م ـن‬  ‫"وفُي َارعـنـدسـي"هسوبـبيز"ك‬
‫وهـو مـن‬  ‫فـى سـلك التجريبييـن الإنجليـز‪،‬‬          ‫فانخ ـرط‬   ‫ـون"‬                                                                                            ‫وسـيلة لغايـة يـراد بلوغهـا‪ ،‬ومقيـ ًدا بظـروف معينـة‪.‬‬
‫الناحيـة السياسـية "ملكـى متطـرف" وقـف فـى صـف الملـك عندمـا احتـدم‬                                                                         ‫[مجمـع اللغـة العربيـة‪ ،‬المعجـم الفلسـفي‪ ،‬الهيئـة العامـة للمطابـع الأميريـة‪،‬‬
‫الصـ ارع بينـه وبيـن البرلمـان‪ .‬عندمـا بلـغ "هوبـز" ال اربعـة والثمانيـن كتـب‬
‫والأوديسـة لهوميـروس‬      ‫الإليـاذة‬  ‫ترجـم‬   ‫فـحىيااتـلهخابامللسـاةتينوياـلةثماشنـيـعًنار‪،‬مـثـنم‬                              ‫سـيرة‬
‫فـى ال اربـع مـن ديسـمبر‬  ‫وتوفـى‬     ‫عمـره‪.‬‬                                                                                   ‫وهـو‬
‫[اعـنامظـر‪7:9‬د‪1.6‬إمـاعـمنعبـوادحـادلفتـواتحسـ إعيمـانم‪،‬عات ًموـامـ‪.‬اس هوبـز‪ -‬فيلسـوف العقلانيـة‪،‬‬

                          ‫دار الثقافـة للنشـر والتوزيـع‪ ،‬القاهـرة‪.]1985 ،‬‬

                                                                                                                                        ‫‪64‬‬
   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69