Page 68 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 68

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                         ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫أسـئلة مثـل‪ :‬مـاذا تعنـي “قدسـية الحيـاة” ‪the sanctity‬‬             ‫أخيـًار نعـرض حالـة الم ارهـق ‪ K‬الـذي تبيـن إصابتـه‬
‫‪of life‬؟ وكيـف تتحقـق “رفاهيـة المريـض” ‪welfare‬‬                    ‫بسـرطان الحلـق وهـو فـي الثانيـة عشـرة مـن عمـره‪.‬‬
‫‪of the patient‬؟ وهـل هنـاك لحظـات معينـة تتعـارض‬                   ‫وتـم علاجـه عـن طريـق الأشـعة الموضعيـة والعـاج‬
‫فيهـا رفاهيـة المريـض مـع الحفـاظ علـى حياتـه؟ لقـد‬                ‫الكيميائـي‪ .‬اسـتجاب للعـاج وتحسـنت حالتـه بصـورة‬
‫أصبـح متا ًحـا الآن – أكثـر مـن أي وقـت مضـى –‬                     ‫واضحـة فـي بـادئ الأمـر‪ .‬غيـر أنـه – خـال عـام –‬
‫ليـس فقـط الحفـاظ علـى الحيـاة‪ ،‬بـل أي ًضـا القـدرة علـى‬           ‫سـاءت حالتـه وتطلـب الأمـر إجـ ارَء ج ارحـ ٍة فـي الرقبـة‬
‫التنبـؤ بمـا إذا كان المولـود القـادم سـوف يخـرج إلـى‬              ‫أعقبهـا عـاج كيميائـي‪ .‬بعـد العمليـة الج ارحيـة التـي‬
‫الحيـاة سـلي ًما أم مصاًبـا بتشـوهات وعيـوب خلقيـة‪ ،‬وهنـا‬          ‫أجريـت لـه لـم تُجـر لـه عمليـا ٌت أخـرى حتـى حـ َّل عيـد‬
‫نتسـاءل‪ :‬إذا توافـرت لدينـا مثـ ُل هـذه المعلومـات‪ ،‬مـاذا‬          ‫ميـاده الخامـس عشـر‪ ،‬حيـن شـعر بـآلام فـي الـ أرس‬
‫نفعـل بهـا؟ هـل هنـاك ضـرورة لوجـود استشـاري مورثـات‬               ‫ودوار ودلائـل واضحـة علـى أن مـرض السـرطان عـاوده‬
‫(جينـات) كـي يرجـع إليـه الوالـدان لاستشـارته فيمـا‬                ‫مـن جديـد‪ .‬عنـد هـذه المرحلـة كان الاختيـار الوحيـد‬
‫يريـدان اتخـاذه مـن إجـ ارءات؟ هـل ُي َحـَّرم الإنجـا ُب علـى‬      ‫المتـاح هـو إجـ ارء عـدة اختبـا ارت مـن العـاج الكيميائـي‪.‬‬
‫َمـ ْن ُيحتمـل أن ينجـب أطفـالاً مصابيـن بأمـ ارض و ارثيـة؟‬        ‫وكان لا بـد مـن إد ارج اسـمه فـي قائمـة انتظـار العـاج‪.‬‬
‫هل ُيسْـ َمح بالإجهاض فى ظروف معينة ووفًقا لشـروط‬                  ‫بعـد شـرح حالتـه لوالديـه‪ ،‬طالـب الوالـدان ببـذل كل‬
‫محـددة؟ ومـاذا عـن َمـ ْن لـم يولـدوا بعـد؟ هـل نتحمـل أيـة‬        ‫الجهـود للحفـاظ علـى حيـاة ابنهمـا وإطالـة عمـره بقـدر‬
‫مسـئولية تجاههـم؟ وإذا كنـا نتحمـل مسـئولية مـا فكيـف‬              ‫المسـتطاع‪ ،‬فـي حيـن أن الفتـى ‪ K‬كان علـى النقيـض‬
‫يتـم تحديـد وتقديـر هـذه المسـئولية؟ أسـئلة مثـل هـذه‬              ‫مـن ذلـك يرغـب فـي أن يبقـى وحيـًدا ليمـوت فـي سـام‪،‬‬
‫تقتحـم حياتنـا‪ ،‬وربمـا ينتابنـا شـعور بأننـا غيـر مهيئيـن‬          ‫وكفـاه مـا عانـاه مـن آلام‪ .‬والسـؤال الآن‪ :‬مـا الـذى‬
                                                                   ‫ينبغـي علـى الطاقـم الطبـي المعالـج أن يفعلـه بـإ ازء هـذه‬
                                ‫للإجابـة عليهـا(‪.)10‬‬
                                                                                                ‫الرغبـات المتعارضـة؟‬
‫هـل يمكـن أن نقـول بإمـكان التوصـل إلـى نظريـة‬
‫شـاملة فـي الأخـاق تمكننـا مـن الإجابـة عـن مثـل هـذه‬              ‫لقـد اضطررنـا فجـأة لمواجهـة أسـئلة أساسـية‬
‫الأسـئلة؟ الواقـع أن المسـألة مـا ازلـت محاطـة بكثيـر مـن‬          ‫ومحوريـة‪ ،‬مثـل‪ :‬متـى نقـرر إيقـاف أجهـزة الإنعـاش‬
‫الصعوبـات‪ ،‬وقـد يكـون مـن الســابق لأوانـه أن نتفـاءل‬              ‫والتنفـس الصناعـي ونزعهـا عـن المريـض الميئـوس مـن‬
                                                                   ‫شـفائه؟ أي متـى يحـق لنـا إيقـاف العـاج أو الاسـتم ارر‬
              ‫فنقـول إن مثـل هـذه النظريـات ممكنـة‪.‬‬                ‫فيـه؟ وعنـد أيـة لحظـة بالضبـط يحـق لنـا اتخـاذ مثـل هـذا‬
                                                                   ‫الق ارر؟ وَم ْن هو الشخص الأجدر والأقدر على اتخاذه؟‬
                       ‫فضيلة النظرية التعددية‪:‬‬                     ‫هـل هـو الطبيـب؟ أم أقـارب المريـض؟ أم المحاكـم؟ أم‬
                                                                   ‫كل هـؤلاء م ًعـا؟ ومـا هـي الخلفيـة التـى علـى أساسـها يتـم‬
‫يَّدعي البع ُض أننا لسنا في حاجة إلى نظري ٍة جديدة‬                 ‫اتخـاذه؟ علينـا أن نلاحـظ أن مثـل هـذه الأسـئلة لـم تكـن‬
‫فـي الأخـاق؛ لأنـه حتـى وإن وجـدت مثـ ُل هـذه النظريـة‬             ‫مدرجـة فـي منظومـة القيـم والمعاييـر الأخلاقيـة القديمـة‬
‫فـا يمكـن تطبيقهـا‪ ،‬والاهتمـام بحـل المشـكلات العمليـة‬             ‫والتقليديـة(‪ .)9‬إن سـيل الأسـئلة لـم ينقطـع بعـد‪ ،‬فهنـاك‬
‫يجـب أن يتـم بـدون نظريـة أخلاقيـة‪ .‬ويـرى أصحـا ُب هـذا‬
‫الادعـاء أن ك َّل مـا نحتـاج إليـه هـو بشـر أخيـار ‪good‬‬

                                                               ‫‪68‬‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73