Page 69 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 69
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
تـم تدريبهـم عملًّيـا مـن خـال نمـاذج ارقيـة يسـعى .peopleإن مثـل هـؤلاء البشـر الخيريـن سـيهتدون إلـى
المـرء للحصـول عليهـا .إلا أن هـذا وحـده ليـس كافًيـا مـا هـو صـواب فـي كل حالـة تصادفهـم ولـن يكونـوا فـي
لمسـاعدتهم علـى مواجهـة الحـالات الصعبـة .مهمـا كان حاجـة إلـى معونـة أيـة نظريـة أخلاقيـة .وهنـاك وجهـة
الإنسـان علـي خلـق ،وأًّيـا مـا كان لديـه مـن تدريـب نظـر أخـرى ،علـى صلـة بهـذا الزعـم ،تقـر بـأن الأمـَر
عملـي ارقـى نموذجـى ،فإنـه قـد يجـد نفسـه غيـر متيقـن يتطلـ ُب مـا هـو أكثـر مـن مجـرد أن يكـون النـاس خيريـن؛
أو مختلًفـا مـع الآخريـن فيمـا يجـب عملـه .إن الخبـرة حيـث لا بـد أن يكـون لـدى هـؤلاء النـاس -بالإضافـة
والتدريـب إذا أضفنـا إليهمـا رقـي الأخـاق ،فـإن كل هـذا إلـى كونهـم علـى ُخلـق -خبـرة عمليـة فـي معالجـة هـذه
لا يكفـي .وهكـذا نجـد أنفسـنا فـي مواجهـة معضـات القضايـا وطـرق حلهـا ،ممـا يمكنهـم مـن اتخـاذ القـ ار ارت
dilemmasتثبـت حاجتنـا إلـى مسـاعدة إذا مـا أردنـا لمواجهـة هـذه الحـالات دون حاجـة لنظريـة أخلاقيـة مـا.
حـل مثـل هـذه المشـكلات علـي نحـو يفـي بالغـرض(.)11
إننـي أعتقـد أن الأمثلـة التـى ذكرناهـا ،للأربـع حـالات
ومـع ذلـك فـإن هنـاك انتقـاًدا يحتـاج إلـى فحـص التـي سـبق أن عرضناهـا فـي موضـع سـابق ،إنمـا
مـا يسـتند إليـه مـن ادعـاءات ،فأصحـاب هـذا الانتقـاد تكشـف عـن خطـأ الزعـم بأننـا لسـنا فـي حاجـة إلـى
والادعـاءات يقولـون بأنـه بينمـا تبيـن لنـا الاحتيـاج إلـى نظريـة أخلاقيـة .ففـي كل حالـة مـن تلـك الحـالات ،نجـد
شـيء مـا ،أي الاحتيـاج إلـى نظريـة أخلاقيـة – علـى أن ك َّل واحٍد من الناس الخيرين له وجهة نظر ،تختلف
الأقـل هـذا مـا ُيْفــ َهم تقليدًّيـا – فـإن هـذه النظريـة لـن أقصـى غايـات الاختـاف عـن غيـره مـن النـاس الخيريـن
يكـون فـي مقدورهـا تزويُدنـا بالنصـح السـديد .وغالًبـا مـا الآخريـن ،فيمـا يتعلـق بمـا ينبغـي القيـام بـه .ففـي حالـة
يقـدم المدافعـون عـن هـذه الوجهـة مـن النظـر الملاحظـة الآنسـة Tكان والداها والفريق الطبى المعالج لها أنا ًسـا
علـى خلـق .كمـا كان ،أي ًضـا ،الفتـى Kووالـداه أنا ًسـا
التالي ـة(:)12 علـى خلـق .إن مثـل هـذه الأمثلـة توضـ ُح أن النـا َس
الخيريـن قـد لا يتفقـون فيمـا بينهـم أبـًدا حـول مـا يجـب
“قـد تبـدو النظريـات الأخلاقيـة كمحـاولات لتفسـير عملـه فـى هـذه الحالـة الاسـتثنائية أو تلـك .وهـذا هـو
صـواب أو خطـأ الأفعـال المتنوعـة حينمـا نكـون متيقنيـن
بالفعـل ممـا هـو صـواب أو خطـأ .أى أن البحـ َث عـن بالضبـط سـبب حاجتنـا الماسـة لنظريـة أخلاقيـة.
الصـواب أو الخطـأ هـو مهمـة نظريـة جذابـة .ولكـن
النظريـات الأخلاقيـة لـم تكـن يوًمـا معنيـة بالتصدي لمثل هـذه الأمثلـة نفسـها كشـفت خطـأ القـول بـأن ك َّل مـا
تلـك الحـالات التـي تمثـل معضـات مثيـرة للارتبـاك، نحـن فـي حاجـة إليـه هـو أنـاس علـى خلـق لديهـم خبـرة
عمليـة فـي معالجـة مثـل هـذه المشـكلات وحلهـا .وعلينـا
كمـا أنهـا لـن تكـون ذات فائـدة فـي حلهـا». أن نتذكـر ،أنـه فـي مثـل تلـك الحـالات ،وفـي حـالات
أخـرى مشـابهة ،كان أفـ ارد الطاقـم الطبـي المعالـج
إن مـا جـاء فـي الملاحظـة السـابقة صحيـح ،إذ إن (الأطبـاء ،والممرضـات ،ومهنّيـو الصحـة الآخـرون)
بعـض الفلاسـفة قامـوا بصياغـة نظريـات أخلاقيـة تتسـم قـد انقسـموا علـى أنفسـهم حـول مـا ينبغـي عملـه .فرغـم
بدرجـة مـن التجريـد ،وإنـه مـن غيـر الواضـح تما ًمـا كيـف كـون أفـ ارد الطاقـم هـم أنـاس خيـرون ومتمرسـون ،إذ
اعتقـد هـؤلاء بإمـكان تطبيـق نظرياتهـم الأخلاقيـة تلـك
فـى الحـالات الخاصـة .ومـع ذلـك فإنـه مـن الخطـأ
69