Page 71 - مجلة تنوير - العدد الرابع
P. 71

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                      ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫تلـك النظريـات التقليديـة الواحديـة التـى تضفـي‬                 ‫ليـس فـي وسـع أيـة واحـدة مـن هـذه النظريـات القـول‬

‫شـرعية فحسـب علـى نظريـات أخلاقيـة معينـة‪.‬‬                      ‫إنـه سـهل جـًّدا (أو حتـى محتمـل) تأكيـد الزعـم القـوى‬

‫وبالتالـي فـإن الفشـل فـي العثـور علـى إجابـة‬                   ‫لنظريات الأخلاق المختلفة‪ .‬إ َّن كل ما يمكن قوله‪ ،‬هو‬

‫عـن السـؤال المتعلـق بالنظريـة التـي علينـا‬                     ‫أن واضعـي هـذه النظريـات الأخلاقيـة كان هدفهـم منـذ‬

‫اتباعهـا يجعلنـا غيـر قادريـن أن نسترشـد بنظريـة‬                ‫البدايـة تطبيقهـا بطريقـة مـا والتـي سـوف تأخذهـم إلـى‬

‫أخلاقيـة معينـة لكيفيـة التعامـل فـي مواجهـة‬                    ‫نتائـج مبهمـة‪ .‬وحتـى لـو اتبعنـا نظريـة تقليديـة مجـردة‬

                      ‫الحـالات الصعبـة(‪.)16‬‬                     ‫مـن النظريـات الأخلاقيـة‪ ،‬فسـنجد أمامنـا سـؤالاً مطرو ًحـا‬
                                                                ‫يتعلـق بمـا إذا كانـت تلـك النظريـات قـادرة علـى إنجـاز‬
‫ولمـا كانـت هنـاك نظريـات شـتى فـي الخلـق العـام‪،‬‬
‫وتثمـر نتائـج متشـابهة‪ .‬فـإن أدنـى المقاربـات إلـى‬              ‫مهمتهـا فـي مسـاعدتنا علـى مواجهـة الحـالات الصعبـة‬
‫المعقوليـة فـي التنظيـر للخلـق العـام – هـي كمـا أشـرنا‬
                                                                                                     ‫وحلهـا‪ ،‬أم لا‪.‬‬

‫	‪1.‬ث َّمــة مسـألة أخـرى لا بـد مـن أن نشـير إليهـا‪ ،‬تـًّوا – هـي النظريـة التعدديـة‪ ،‬وطبًقـا لهـذه النظريـة فـإن‬
‫وهـي أن أيـة نظريـة فـي الأخـاق ينبغـي ألا هنـاك عـدة معاييـر خلقيـة عامـة أساسـية (أو مبـادئ‬

‫أوليـة) مـن الممكـن أن تتصـارع م ًعـا‪ .‬كل مـن هـذه‬              ‫تكون نظرية مجردة مبهمة المضامين والنتائج‪،‬‬
‫المعاييـر لهـا تبريـر أولـى مـن أخلاقيـة الحـس المشـترك‪،‬‬        ‫بـل عليهـا أن تأخـذ عنصـًار مـن كل نظريـة مـن‬
                                                                ‫النظريـات الأخلاقيـة التقليديـة المجـردة لتضمهـا‬
‫كمـا أن معظـَم هـذه المعاييـر يمكـن تأييدهـا عـن طريـق‬          ‫إلـى عناصـر النظريـات الأخـرى بطريقـة تعطـى‬
‫نظريـات خلقيـة عامـة مختلفـة‪ .‬هكـذا‪ ،‬فـإن النفعييـن‬

‫أنموذ ًجـا لصنـع القـ ارر والـذى يمكـن تطبيقـه فـي والكانطييـن وأصحـاب العقـد الاجتماعـي متفقـون علـى‬
                                                                ‫الحـالات الصعبـة(‪.)15‬‬
‫أنـه يجـب ألا نـؤذي الآخريـن‪ ،‬وألا نكذب‪...‬إلـخ‪ .‬ولمـا‬

‫كانت هذه المبادئ ذات أساس رحب الأفق من التأييد‪،‬‬                 ‫	‪2.‬وبإيجـاز‪ ،‬فـإن الـرد التالـي يمكـن وضعـه أمـام‬
‫كانـت فـي العـادة أقـ َّل إثـارة للجـدل مـن نظريـات الخلـق‬      ‫هـؤلاء الذيـن يزعمـون بأننـا لسـنا فـي حاجـة إلـى‬
                                                                ‫تطويـر نظريـة فـي الأخـاق للتعامـل مـع تلـك‬
                    ‫العـام المعينـة التـي تدعمهـا(‪.)17‬‬

‫الحـالات‪ .‬القـول بـأن هـذه الحـالات لا تتطلـب المبادئ العامة للنظرية الجديدة‪:‬‬

‫والواقع أن معظَم الفلاسف ِة الذين يدرسون الأخلاقيات‬             ‫وجـود نظريـات لحلهـا إنمـا يتناقـض مـع وجـود‬
‫التطبيقيـة يفضلـون العمـل بالمبـادئ العامـة للأخلاقيـات‬         ‫تعـارض فـي آ ارء النـاس الخيريـن فيمـا يتعلـق‬
‫النظريـة أكثـر مـن نظريـات الخلـق العـام‪ .‬والسـبب أنـه‬          ‫بهـذه الحـالات‪ .‬إن النظريـة التـى يجـب أن تقـوم‬
‫مـن الممكـن لأحـد أن يسـتخدم المبـادئ لتدعيـم قـ ارر‬            ‫عليهـا الأخـاق هـي نظريـة أخلاقيـة تعدديـة‬
‫أخلاقـي نظـري أو سياسـة اجتماعيـة دون أن يدافـع‬                 ‫‪ ، pluralistic moral theory‬وعلى المرء تقبل‬
‫عـن نظريـة فـي الخلـق العـام (يمكـن أن تكـون موضـع‬              ‫شـرعية الاختـاف البَّيـن القائـم بيـن النظريـات‬
‫جـدال)‪ .‬وهنـاك سـبب آخـر لتوظيـف المبـادئ العامـة‬               ‫الأخلاقيـة شـديدة التنـوع‪ .‬وهـي تختلـف عـن‬

                                                            ‫‪71‬‬
   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75   76