Page 141 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 141

‫‪ ،00‬نحلإ! ا !ب!د التا اين! ‪444‬‬

‫ليما مة"‬                                                                                                                                               ‫" صقر‬
                                                                                                                                                    ‫ا‬

 ‫"ما هبّت الصبا‪ ،‬الا وجدت منها ريح زيد"‬
‫(عمر بن الخطاب )‬

                       ‫ما أروعها من كلمات هذه التي تخترق الصدر لتسكن سؤدد القلب!‬
‫كلمات خرجت من وجدان عملاقٍ اسمه عمر بن الخطاب ‪ ،‬لتحوله إلى طفل صغير‬
‫يجهش في البكاء طلبًا لحنان أخيه الكبير! كلمات يتذكر المرء فيها لأول مرة أن هذا‬

‫كسرى وقيصر كان طفلأ في يوبم من الأيام ! نعم ‪. . . .‬‬                                                                                                           ‫المارد الضخم الذي دكَّ حصون‬

‫حتى عمر بن الخطاب كان طفلًا يومًا ما! ! ولعل ذلك الطفل بقي حيًا أسيرًا بين ضلوعه‬

‫لا يجد مكانًا له في حياة هذا العملاق ‪ ،‬إلّا في هذه اللحظة الذي يتذكر فيها أخاه الكبير!‬

‫عندها يخرج هذا الطفل من بين ضلوعه وينادي بأعلى صوته بكلمات اختلطت فيها‬

‫صدره ‪ " :‬أين أنت يا زيد؟ أين أنت يا أخي؟"‪.‬‬                                                                                                                    ‫دموع عينه بحشرجات‬

‫وواللّه إن المرء ليستشعر من بين أحرف تلك الكلمات البليغة أيامَ الصبا التي تحدث‬

‫عنها عمر‪ ،‬وياللعجب ! فما كنت أتخيل يومًا أنني عندما أرسم صورة في مخيلتي للمارد‬
 ‫عمر بن الخطاب فإنني سأراه فيها طفلأ صغيرًا! ولعمري إني لأرى عمرًا وهو طفل‬

‫صغير يسابق أخاه زيدًاالخطى في مراعي مكة وسمس الأصيل تتهادى عليهما في الأفق‪،‬‬
‫حينها كان الأخ الكبير زيد يبطئ من سرعته لكي يتسنى لأخيه الصغير عمر أن يسبقه‪،‬‬
‫ولعلك كنت تعلم وقتها يا عمر بحيلة أخيك تلك ‪ ،‬كنت تعلم يا عمر في قرارة نفسك أنه‬

      ‫كان يسبقك دائمًا‪ ،‬ولكنك لم تكن تعلم حينثا بأنه سيسبقك إلى الإسلام ‪ ،‬وسيسبقك‬

                                                                                                                                                      ‫إلى الشنهادة!‬

‫أعلم أن المفترض لهذا الكتاب التاريخي أن يبتعد عن العاطفة في سرده للوقائع‬
  ‫التاريخية ‪ ،‬وأنه يتوجب على كاتبه أن يعتمد في كتابته على الحقائق التاريخية المجردة من‬
   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146