Page 226 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 226

‫!لى !لظهـا ‪ 8‬ا هآ ا لاللللاكا‬  ‫‪،00‬‬  ‫‪226‬‬

                                                                                                                          ‫نطق الشهادتين!‬
‫وبطلنا السلطان مراد الثاني لم يصنع من ولده طبيبا لكي يُكتب اسم أبيه بجانب‬

‫اسمه في العيادة ‪ ،‬ولم يعلم ولده التجارة لكي يدير له المصنع بعد مماته ‪ ،‬ولم يقضِ حياته‬

‫يدرب ابنه على الخلطة السرية لأحد أطباق الطعام لكي يطمئن على مطعمه الشهير بعد‬

‫مماته ‪ ،‬بل قام السلطان العظيم مراد الثاني بصناعة رجل ! فصناعة الرجال هي التي تخلد‬
‫الإنسالت ! فك!م سنا يعرف اسم جدِّه السادس ؟ أو جدِّ جدِّه ؟ أو حتى اسم جدِّ أبيه ؟ فالذي‬

‫يخلد سيرة الإنسان في الدنيا إنما هي أعماله ‪ ،‬وإن لم تكن أعماله فهي أعمال أبنائه الذين‬

‫كان هو من صنعهم ! فمن كان يعتقد أن العظماء يولدون عظماء فهو واهم غارق في‬

‫نفسه‬  ‫وهمه ‪ ،‬فالعظمة ما هي إلا نتاج تربية الأهل ورعاية المجتمع وتحصيل الشخص‬

‫وفوق ذلك كله توفيق اللّه‪ ،‬والذي لا يعرفه الكثير عن محمد الفاتح الذي فتح الاَفاق‬

‫ونشر الإسلام في ربوع الأرض وأجاد الشعر واللغات والأدب والهئدسة ‪ ،‬لم يكن في‬

‫طفولته إلا طفلًا مهملًا يستحق أن يوضع في مدارس الأحداث لو كان في زماننا هذا‪ ،‬فهل‬

‫تركه والده السلطان مراد على حالته تلك ؟ وهل أخذ يلوم زوجته على سوء تربيتها‬

‫لولده ؟! لقد جلب السلطان مراد المعلمين من جميع أرجاء السلطنة لولده الصغير‪،‬‬

‫ولكن الأمير المشاكس محمد الثاني استمر في استهتاره ‪ ،‬وأخذ يهرب من الدروس لكي‬

   ‫يلهو ويلعب ‪ ،‬فذهب السلطان مراد الثاني إلى سيخٍ كبير اسمه الملا الكوراني (وهو لا‬
  ‫يمت بأي صلة للكوراني ‪ ،‬العالم الشيعي المعاصر صاحب نظرية تحريف القراَن إ)‬

     ‫وأعطى السلطان مراد الثاني الملا الكوراني قضيبًا ليضرب به ابنه إذا ساغب ‪ ،‬وفعلأ‬
        ‫نجحت التربية المرادية ‪ ،‬فتربى محمد الثاني خير تربية على يد السيخ الكوراني ‪ ،‬فحفظ‬

     ‫القراَن ‪ ،‬ونظم الشعر‪ ،‬وأتقق اللغات ‪ ،‬وتعلم فنون القيادة من أبيه الذي كان يأخذه معه‬
‫إلى المعارك ليتدرب فيها إدارة الأزمات ‪ ،‬وفي الوقت الذي لا يستأمن فيه مدظم اَبائنا‬

      ‫أولادَهم حتى على أمور المنزل ‪ ،‬نرى أن السلطان مراد الثاني استأمن ابنه محمد على‬
  ‫الإمبراطورية بأسرها وهو صبي صغير‪ ،‬بل وتنازل السلطان مراد الثاني لولده عن السلطنة‬
   ‫في حياته ليدربه على الحكم ‪ ،‬وليتفرغ هو للعبادة ‪ ،‬ليصنع منه ذلك الفارس البطل‪،‬‬

  ‫ولتكون جميع فتوحات محمد المْاتح ! ميزان أبيه البطل صانع الانتصار الحقيقي‬
   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231