Page 268 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 268

‫‪ 004‬هل طظدا ‪ 4‬اهة الاللللاكا‬  ‫‪!68‬‬

    ‫الأموي في دمشق ‪ ،‬وكان هذا أعلى منصب يمكن للعالم أن يناله في بلاد الشام ‪ .‬في ذلك‬
     ‫الوقت أقدم أمير دمشق (الصالح إسماعيل ) إلى موالات الصليبين ‪ ،‬فأعطاهم حصن‬

  ‫"الصفد" و"الثقيف " وسمح لهم بدخول دمشق لشراء السلاح والتزوّد بالطعام ‪ .‬فاستنكر‬
‫العزّ بن عبد السلام ذلك وصعد المنبر الأموي وخطب في الناس خطبة عصماء‪ ،‬أفتى فيها‬
‫بحُرمة بيع السلاح للفرنجة ‪ ،‬وبحُرمة الصلح معهم ‪ ،‬وقال في اخر خطبته "اللهم أبرم أمرَ‬
‫رشدٍ لهذه الأمة ‪ ،‬نعزّ فيه أهل طاعتك ‪ ،‬ويذلّ فيه أهل معصيتك "‪ ،‬ثم نزل من على المنبر‬

   ‫دون الدّعاء للحاكم الصالح إسماعيل ‪ ،‬فاعتبِر الملك ذلك عصيانا لولي الأمر وشقًا لعصا‬
‫طاعته ‪ ،‬فغضب على العزّ وسجنه بخيمة بجانب خيمته ‪ ،‬وبينما هو في سهرةٍ مع حلفائه‬

   ‫الفرنجة ‪ ،‬سمع الصليبيون ضوت الشيخ وهو يقرأ القرآن في منتصف الليل ‪ ،‬فقال الصالح‬
   ‫إسماعيل للصليبينين وهو يبتسم ابتسامة الذليل ليقول لهم ‪ :‬إنه سجن هذا الرجل من‬
   ‫أجلهم ! فنظر الصليبيون إلى حليفهم السلطان إسماعيل بكل احتقارٍ وقالوا له ‪" :‬إن هذا‬

                ‫الرجل لو كان قسيسًا لدينا لغسلنا فدميه بأيدينا وشربنا الماء الذي يقطر من قدميه " !‬

‫وبعد ذلك هاجر الشيخ ابن عبد السلام بدينه إلى مصر ليكرمه السلطان (نجم الدين‬
‫أيوب ) ويجعله إمام جامع (عمرو بن العاص ) في القاهرة ‪ ،‬ولكن الشيخ رغم ذلك أبى‬

‫على نفسه أن يكون عالمًا للسلطان ‪ ،‬بل اختار الشيخ العز بن عبد السلام أن يكون سلطانًا‬

‫للعلماء! فرغم المناصب الهامة التي تولاها الشيخ في مصر‪ ،‬التزم العز بن عبد السلام‬

‫بقول كلمة الحق ومجاهرة الحكام بها في القاهرة ‪ ،‬فلم يكن العز يكتمها إذا رأى أنها‬

‫نحول دون الصدع بالحق وإزالة المنكرات ‪ .‬ففي أحد الأيام نيقن الشيخ ابن عبد السلام‬

‫من وجود حانة تبيع الخمور في القاهرة ‪ ،‬فخرح إلى السلطان نجم الدين أيوب في يوم عيد‬
‫إلى القلعة ‪ ،‬فشاهد العساكر مصطفين بين يديه ‪ ،‬ورأى ما فيه السلطان من الأبهة في يوم‬

 ‫العيد‪ ،‬وقد خرح على قومه في أبهى زينته ‪ ،‬فأخذت الأمراء تقبل الأرض بين يدي‬

‫عند اللّه‬  ‫السلطان ‪ ،‬فالتفت الشيخ إلى السطان وناداه بصوتٍ مرتفع ‪" :‬يا أيوب ! ما حجتك‬

‫إذا قال لك ‪ :‬ألم أبوِّىء لك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟لما فقال السلطان ‪ :‬هل جرى هذا؟‬

‫فقال الشيخ ‪ :‬نعم‪ ،‬فقال السلطان للشيخ ‪ :‬يا سيدي ‪ ،‬هذا ما عملته أنا‪ ،‬هذا من زمن أبي!‬
‫فقال الشيخ ‪ :‬أأنت من الذين يقولون إنا وجدنا اباءنا على أمة ؟ عندها رسم السلطان‬
   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273