Page 312 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 312

‫‪ ،00‬هل لمحظدا ‪ 4‬اهة الإدلللا!‬                      ‫‪342‬‬

‫وبطلنا الاَن ظهر في المغرب قبل سنيّات قليلة من سقوط الأندلس ‪ ،‬ولكنه ظهر أيضًا‬

‫في نفس العصر الذي ظهر فيه (محمد الفقيه ) أحد ملوك بني الأحمر‪ ،‬وواللّه إنني لا أعتبر‬
 ‫محمد الفقيه ملكًا مجرمًا ضيع الأندلس فحسب ‪ ،‬بل إنني أعتبره شخصًا مسكينًا لأبعد‬

‫الحدود‪ ،‬فهناك من البشر صنف غري!ب للغاية ‪ ،‬ملأ قلبه بحب الدنيا لدرجة الجنون ‪،‬‬
  ‫فأضبح كالمعتوه الذي يجري في الشوارع يمنة ويسرى يريد أن يلحق بالدنيا‪ ،‬فلا هو‬
   ‫الذي كسب شيئًا من تلك الدنيا‪ ،‬ولا هو الذي كسب آخرته ‪ ،‬ولا هو الذي كسب بياض‬

‫التاريخ ‪ ،‬ومحمد الفقيه ينتمي لهذا الصنف من البشر!‬  ‫الوجه في صفحات‬

‫فلقد قام هذا الملك ومن قبله من ملوك بني الأحمر بأفعال مخزية ‪ ،‬كان لا بد معها‬

‫أن تسقط فيها الأندلس بهذا الشكل الدرامي ‪ ،‬ففي ظل كل هذه الهزائم والانكسارات‬

‫انشغل بنو الأحمر ببناء "قصر الحمراء" الذي يعتبر وبحق أجمل شي؟ مكانٍ رأيته في‬

‫حياني عند زيارتي لغرناطة ‪ ،‬فقد احتجت لخمس ساعاتٍ من المشي في هذا المبنى‬
     ‫الضخم للمشي في طرقاته وحدائقه فقط ‪ ،‬حينها نظرت على جدران هذا البناء فوجدت‬

   ‫أن بني الأحمر قد نقشوا على كل حجرٍ من حجارة الجدران والسقف عبارة "لا غالب‬
 ‫إلا الله " ‪ ،‬فابتسمت في قرارة نفسي لعلمي بتاريخ هؤلاء الملوك المساكين الذين كانوا‬
  ‫يتحالفون مع النصارى على بعضهم البعض ولسان حالهم يقول ‪" :‬لا غالب إلا ألفونسو‬
‫!" ‪ .‬وفي ظل ذلك الانحطاط الأخلاقي الذي وصل إليه المسلمون في الأندلس ‪ ،‬كان لا بد‬
‫للنصارى أن يتوجهوا بجيوشهم لاحتلال باقي مدن الأندلس ‪ ،‬والتي لم يبق منها إلا‬
  ‫"إشبيلة " و"غرناطة " ‪ ،‬فما كان من محمد الفقيه ملك غرناطة في ذلك الوقت إلا أن يتوجه‬
 ‫بجيشه ليساعد الصليبيين في حصار شيوخ ونساء وأطفال أشبيلية ‪ ،‬وفعلًا سقطت إشبيلية‬

    ‫بفضل خيانة بني الأحمر‪ ،‬فكافأه الصليبيون بأن توجهوا إلى مدينته لينتزعوها من حكمه‪،‬‬
‫فلم يستطع هذا الملك الخائن أن يحاربهم ‪ ،‬فشعبه تعود على السهر على ألحان "زرياب "‬

‫الموسيقية ‪ ،‬وقصائد الغزل الأندلسي ‪ ،‬فأنى لشابٍ تربى على الأغاني الماجنة أن يحمل‬

‫السيف في سبيل اللّه ‪ ،‬وأنى لشيخٍ تعود لسانه على قول ‪" :‬أيها الساقي اسقني لا تأتلِ" أن‬

‫ينادي حئَي على الجهاد؟! عند ذلك استغاث محمد الفقيه بملك المغرب ‪ ،‬وهو البطل‬
‫المجاهد (أبو يوسف يعقوب المنصور الماريني )‪ ،‬فانطلق هذا البطل الإسلامي المؤمن‬
   307   308   309   310   311   312   313   314   315   316   317