Page 32 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 32
008هل لمحظ!ا 4اهة الاسلا! 32
!ماذا كنتَ قد استغربت من هذا الترتيب الإلهي العجيب فتأمل معي ترتيبًا آخر
أعجب منه بكثير ،والذي يستشعر المرء من خلاله يد اللّه التي هيأت الظروف لنبيه
المصطفى حتى قبل ولادته ،فهناك بعيدًا عن مكة وصحراء العرب ،في أدغال مملكة
الحبشة (أثيوبيا وأريتريا وسمال الصومال حاليًا) وفي إحدى الليالي المظلمة ،قتل بعض
المتاَمرين (أبجر) نجاسي الحبشة (النجاسي لقب يُطلق على كل ملك يحكم الحبشة إ)،
ثم جعل أولئك المتاَمرون ملكًا آخر على الحبشة ،وباعوا ابن الملك المقتول لأحد
تجار الرقيق ،وفي ليلة من الليالي الممطرة خرج الملك الجديد خارج قصره ،وبشكل
عجيب غريب ،نزلت صاعقة من السماء وهو بين جنوده فأصابته من دونهم ،فوقع قتيلًا
في التو واللحظة ،فسادت الفوضى بلاد الحبشة ،فعلموا أنها لعنة حلت عليهم من اللّه،
فبحنوا عن ابن الملك الأول ليعيدوه للحكم ،فعرفوا أنه في متن سفينة مبحرة إلى بلاد
قبل ن سيباع هناك عبدًا ،فأدركوا السفينة قبل رحيلها ،ليجدوا ابن الملك العرب حيث
أ
يبحر إلى بلاد العرب لكي يباع هناك عبدًا ،فقاموا بتحريره ومن ثم اجلسوه على عرش
أبيه الذي اغتصبوه من قبل ،هذا الغلام كان يسمى (أصحمة بن أبجر) وهو نفس الملك
الذي اشتهر لدى المسلمين باسم النجاسي!
وربما يكون هذا الظلم الذي وقع للنجاسي في طفولته هو سبب مقته للظلم ،لذلك
استهر النجاسي بعدله بين الناس ،الأمر الذي دعا رسول اللّه إك!و لكي يأمر أصحابه
بالهجرة إلى الحبشة بعد أن استد إيذاء المشركين لهم ،عندها بعثت قريش (عمرو ابن
العاص ) الذي كان صديقًا قديمًا للنجاسي لكي يستردهم ،ولكن المفاجأة حدثت عندما
قذف اللّه الإيمان في قلب النجاسي ،ليخفي النجاسي إسلامه عن قومه ،ليس خوفًا على
الكرسي ،إنما خوفًا من أن يفتك النصارى باللاجئين المسلمين الذين كانوا يمثلون
تقريبًا نصف عدد المسلمين على وجه الكرة الأرضية ،فقد بعثهم الرسول مج!ياله خصيصًا
للحبشة وأبقاهم بها 5أ سنة لكي يحملوا رسالة الإسلام للبشر في حالة إذا ما قتل
المشركون رسولَ اللّه وصحابته الكرام ،فيكون هناك من يحمل راية الإسلام في الأرض
إذا ما أصابهم مكروه .
هذا التخطيط الإستراتيجي طويل المدى لرسول الله !ص أدركه تمام الإدراك