Page 323 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 323

‫‪323‬‬                             ‫‪ ، 00‬نحلإو ا !ب!د ا لقا ا إبخ‬

‫صحابي واحد من صحابة رسول اللّه ع!ي! الذين هم أفضل خلق اللّه على وجه الأرض‬
                                                                                                                     ‫بعد الأنبياء والرسل!‬

‫ولكن الحقيقة أن سيرة نور الدين زنكي تشبه إلى حد بعيد سيرة الخلفاء الراشدين‬

‫بالفعل ‪ ،‬فهذا الملك التركي الأسمر هو الرجل الذي أحيى اللّه به أمة الإسلام بعد أن‬

‫كادت تموت في القرن السادس الهجري ‪ ،‬فيكفيك أن تعلم أن نور الدين الشهيد ظهر في‬

‫زمانٍ استولى فيه الشيعة الرافضة على معظم بلاد الإسلام ‪ ،‬فلقد استولى (البويهيون )‬
  ‫الشيعة على دولة الخلافة في بغداد‪ ،‬واستولى (العبيديون) الشيعة على مصر والمغرب‬
  ‫الإسلامي ‪ ،‬ففتح الشيعة بذلك المجال للصليبيين لكيً يستولوا على القدس ‪ ،‬وكعادة‬

‫عظماء أمة الإسلام ‪ ،‬فإن هذه الأوقات هي الأوقات التي يخرجون فيها للنور‪،‬‬

‫الشمل‪،‬‬  ‫‪ ،‬وجمع‬  ‫الصفوف‬  ‫‪ ،‬ووحد‬  ‫للنور نور الدين ‪ ،‬فأنار الدروب‬  ‫وفعلًا‪. . . . . . . .‬خرج‬

‫وما هي إلا سنوات قليلة ‪ ،‬حتى كانت دولته تمتد من بلاد فارس في الشرق إلى حدود ليبيا‬
         ‫في الغرب ‪ ،‬ومن هضبة الأناضول في الشمال ‪ ،‬إلى جبال اليمن في الجنوب ‪ ،‬فأصبحت‬

    ‫مسألة النصر على الصليبيين مسألة وقتٍ ليس أكثر‪ ،‬بل إن محمود نور الدين لم يرَ نصر‬

‫حطين بعينيه ‪ ،‬على الرغم من أنه كان مؤمنًا بالنصر‪ ،‬لدرجو دعته لبناء منبر لكي يوضع في‬
 ‫المسجد الأقصى بعد تحريره ‪ ،‬ولكنه مات قبل ذلك ‪ ،‬فلم يُقدّر له أن يحضًره بنفسه إلى‬

‫القدس ‪ ،‬فأحضره تلميذه صلاح الدين الذي اكمل طريقه في مقارعة الصليبيين ‪ ،‬فالمنبر‬

‫المعروف باسم منبر صلاح الدين هو في الأصل ذلك المنبر الذي بناه نور الدين الشهيد‬
‫رحمه اللّه (بقي هذا المنبر في المسجد الأقصى حتى يوم ‪ 21‬اب (أغسطس) سنة‬

                                           ‫‪ 91)،9‬م عندما أحرقه إرهابي صهيوني اسمه مايكل روهان !)‪.‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  ‫‪-‬كا‬

   ‫وعلى الرغم من مكانة الملك محمود نور الدين زنكي العظيمة ‪ ،‬وعلى الرغم من عظمة‬
  ‫سلطانه واتساع ملكه ‪ ،‬فإنه كان يتوسل إلى اللّه قبل كل معركة بخشوع المؤمن ‪ ،‬ففي ليلة من‬
‫الليالي ‪ ،‬خرح نور الدين في عتمة الليل إلى فناء مهجور‪ ،‬وقد استعد بجيشه الصغير لقتال‬

‫جحافل الصليبيين الذين يحاصرون مدينة "دمياط " المصرية ‪ ،‬فرفع الملك محمود يديه في‬
                ‫السماء‪ ،‬وسجد على الأرض ‪ ،‬ولطخ رأسه بالتراب وأخذ يبكي ويدعو اللّه بانكسار‪:‬‬

     ‫"اللهم إئك إن نصرت فديظك نصرت ‪ ،‬فلا تمنعهم النصر بسبب محمود ان كان غير‬
   318   319   320   321   322   323   324   325   326   327   328