Page 390 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 390

‫‪ ،00‬هل لمحظما ‪ 4‬اهة الاللللا!‬  ‫‪093‬‬

‫المهم أن يستمر الجميع في عمله ‪ ،‬فدرب الألف ميل يبدأ بخطوة ‪ ،‬فمن كان يستيطيع‬
‫الكتابة فليكتب شيئًا يساهم به في تلك الحرب الشرسة ‪ ،‬ومن قرأ شيئَا فليبلغه لأهله‬

  ‫وزملائه ‪ ،‬فيا من تطلبون الجهاد وتصرخون من أجله ‪ ،‬هذه هي ساحتكم ‪ ،‬فليس الجهاد‬
 ‫أن تحمل رشاشا لتقتل به الأبرياء‪ ،‬وليس الجهاد أن تلقي بنفسك وبأمتك إلى التهلكة‪،‬‬
‫بل الجهاد هو أن تنصر أمتك ‪ ،‬والأمة الاَن تحتاح إلى رجالٍ صادقين‪ ،‬وإلى نساءٍ‬

‫صادقات ‪ ،‬يصحح كل منهم تلك المفاهيم التاريخية الخاطئة التي تعلمناها في مدارسنا‪،‬‬

‫على القصة الحقيقية‬  ‫أو شاهدناها في إعلامنا‪ ،‬ولعلكم ستعجبون الاَن عند اضطلاعكم‬

‫للتاريخ الحميد‪ ،‬للخليفة الرشيد‪ ،‬والمجاهد الصنديد‪ ،‬والمقاتل العتيد‪ ،‬البطل‬

                           ‫الإسلامي المجيد‪ :‬هارون الرشيد رحمه اللّه تعالى وأسكنه فسيح جناته‪.‬‬
‫و هذا الخليفة العباسي الهاشمي العظيم كان على العكس! تمامَا من الصورة الذي‬

‫أشاعها غزاة التاريخ عنه ‪ ،‬فقد كان رحمه اللّه من اكثر خلفاء الإسلام جهادَا وغزوَا‬

‫واهتمامَا بالعلم والعلماء‪ ،‬وليس كما يدعي الغزاة أنه كان منشغلَا بالجواري والخمر‬

‫والسكر‪ ،‬فكتب التاريخ الإسلامي الأصلية مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الإسلام‬
‫والمسلمين ‪ ،‬وزاخرة بمواقف زهده وورعه وتقواه ‪ ،‬بل إن هارون الرشيد كان معروفًا أنه‬

     ‫"الخليفة الذي يحج عامًا ويغزو عامَا" ! فقد كان رحمه اللّه ديّنًا محافظَا على التكاليف‬
‫الشرعية ‪ ،‬وصفه مؤرخو الإسلام أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا‪،‬‬

‫ويتصدق من ماله الخاص بدون حساب ‪ ،‬ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولَا‬
  ‫بالغزو والجهاد‪ ،‬بل إن جمعًا كبيرًا من العلماء كانوا يذكرون أن هارون الرشيد كان من‬
 ‫أكثر الناس تقريبًا للعلماء‪ ،‬ومن أشد الناس بكاءً عند سماعه للمواعظ ‪ ،‬فقد قال عنه‬

   ‫الإمام العظيم (أبو معاوية الضرير)‪" :‬ما ذكرت النبي !ه!مّ بين يدي الرشيد إلا قال صلى‬
‫الله على سيدي ورويت له حديثه وددت أني أقاتل في سبيل اللّه فأقتل ثم أحيى ثم أقتل‬

 ‫فبكى حتى انتحب "‪ .‬بل إن أبا معاوية الضرير (الذي كان ضريرَا بالفعل ) روى قصة‬

  ‫عجيبة عن هارون الرشيد الذي كان يملكها من الصين إلى الأطلنطي فقال ‪" :‬صنث على‬
‫يدي بعد الاكل شخصٌ لا أعرفه فقال الرشيد تدري من يصب عليك قلت ‪ :‬لا‪ .‬قال ‪ :‬أنا‬

 ‫إجلالا للعلم إ"‪ .‬وكان علماء الأمة يبادلونه نفس التقدير‪،‬فقد رُوي عن (الفضيل بن‬
   385   386   387   388   389   390   391   392   393   394   395