Page 393 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 393

‫‪393‬‬                                           ‫‪! ، 00‬للإ ‪! 14‬ب!د التا اي!‬

‫بغداد وقتل أهلها المسلمين الذين استقبلوهم ! ! !)‪ .‬كما جذبت بغداد الأطباءَ‬

‫بغداد في عهد الرشيد المدينة الأولى في العالم‬  ‫والمهندسين وسائر الصناع ‪ ،‬فأصبحت‬

‫باسره من حيث التقدم الحضاري والتفوق العلمي والازدهار السكاني والعمراني ‪ ،‬في‬
‫ذات الوقت الذي كانت فيه مدنًا مثل بارش! ولندن وبرلين غارقة في أوحال الظلام‬

                                                                                      ‫والتخلف الحضاري الرهيب!‬

‫أما في مجال الجهاد‪ . . .‬فحدَّث ولا حرج ! فهذا الخليفة الإسلامي العملاق والذي‬

‫صوّروه لنا وكأنه طبّالى راقص ‪ ،‬لم يكن من أعظم فاتحي المسلمين فحسب ‪ ،‬بل كان من‬

‫أعظم فاتحي البشرية على الإطلاق ‪ ،‬فلا (نابليون ) الذي تتغنى به فرنسا‪ ،‬ولا (تشرشل)‬

‫الذي يفتخر به الإنجليز‪ ،‬ولا حتى (الإسكندر المقدوني ) نفسه كانوا يملكون نصف ما‬
 ‫ملكه الرشيد رحمه اللّه ‪ ،‬فقد حكمها الرشيد من صينها إلى مغربها‪ ،‬ومن صحرائها‬

‫الكبرى في قلب أفريقيا إلى قوقازها في مجاهل أوروبا‪ ،‬والعجيب أن هارون الرشيد‬

 ‫تمكن من إدارة هذه الإمبراطورية الضخمة ‪ ،‬المختلفة البيئات ‪ ،‬والمتعددة العافى ات‬
‫والتقاليد‪ ،‬وهو في سن اد ‪ 25‬فقط ! اَخذين في عين الاعتبار صعوبة وسائل الاتصال‬

 ‫والمواصلات في ذلك الوقت المبكر من التاريخ ‪ .‬فقد قام الرشيد بتنظيم الثغور المطلة‬
‫على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل‪ ،‬وعمّر الرشيد بعض مدن الثغور‪ ،‬وأنشأ‬

‫الرشيد مدينة جديدة عرفت باسم " الهارونية لما على الثغور‪ ،‬وأعاد الرشيد إلى الأسطول‬

‫الإسلامي نشاطه وحيويته ‪ ،‬ليواضل ويدعم جهاده مع الروم ويسيطر على الملاحة في‬

     ‫البحر المتوسط ‪ ،‬فأقام دارًا لصناعة السفن ‪ ،‬وفكّر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط‬

   ‫كما أسلفنا‪ ،‬وفْي عهد الرشيد عاد المسلمون إلى غزو سواحل أوروبا‪ ،‬ففتحوا بعض‬
‫الجرْر واتخذوها قاعدة لهم ‪ ،‬مثلما كان الحال في زمن الأمويين طيّبي الذكر‪ ،‬فأعاد‬

‫الرشيد فتح "رودس " في جنوب إيطاليا سنة ‪ 175‬هـ‪ 197 -‬م ‪ ،‬وأغارت الأساطيل‬

‫دولة‬  ‫" سنة ‪ 091‬هـ‪ 608 -‬م ‪ .‬واضطرت‬  ‫ودؤ قبرص‬  ‫" (كريت)‬  ‫أقريطس‬                                                                                                ‫الهارونية على‬
                                                                                                                                                          ‫دؤ‬

‫الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة الى طلب الهدنة والمصالحة ‪ ،‬فعقدت (إيريني)‬
‫ملكة الروم صلحًا مع الرشيد‪ ،‬مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة ‪ 181‬هـ‪ 797-‬م ‪،‬‬
‫حتى قتلها متمر؟ اسمه (نقفور) واستولى على الحكم في بلاد الروم ‪ 186،‬هـ‪ 208-‬م ‪،‬‬
   388   389   390   391   392   393   394   395   396   397   398