Page 389 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 389

‫‪938‬‬                           ‫‪ 4 00‬لمحلإو ا !ب!د التا اين!‬

‫من سفرتين في كل عامِ‬  ‫‪ 11‬ف الحج والجهاا" فما‬

‫"ا الخليفة الناس!))‬

‫"من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم‬

                      ‫قرأت كتابك يا ابن الكافرة‬

‫ما تراه لا ما تسمعه"‬  ‫والجواب‬

‫كلّما تقدمت أكثر في هذا الكتاب ‪ ،‬أدركت عِظمَ حجمِ الكارثة التاريخية التي حفت‬

     ‫علينا جميعًا ! أعترف أنني ما كنت أحسب الخليفة العباسي هارون الرشيد ‪ -‬وإلى وقتٍ‬
     ‫قريب ‪ -‬الا سكّيرًا ماجنًا ليس له همٌ في الدنيا إلى معاقرة الخمر والاستمتاع باللذات‬
      ‫الدنيئة ! فلقد كنت كغيري ممن نالتهم سهام غزاة التاريخ لا أكاد أسمع باسم هارون‬
    ‫الرشيد بالذات ‪ ،‬إلا ويدور في خلجي ما رسمه لنا أولئك الغزاة عن تلك الليالي الماجنة‬
  ‫في قصور بغداد‪ ،‬والتي تزينها الرقصات الرشيقة من قِبل الجواري الحسان اللائي‬
‫تتراقصن بدورهن على أنغام الموسيقى ‪ ،‬في الوقت الذي يحمل فيه غِلمان صغارٌ أباريقًا‬

     ‫من خمرٍ تزيد من مجون الخليفة ووزرائه ‪ ،‬والذين علت أصوات قهقهاتم حتى وصلت‬
‫إلى خارج أسوار بغداد ! لذلك أعتقد أن الوقت قد حان لكي نعترف أننا وقعنا بالفعل في‬

   ‫شبالـغزاة التاريخ ‪ ،‬بل إنني أرى أنه ينبغي علينا أن تكون لدينا الشجاعة الكافية لكي‬
‫نعترف أننا هُزمنا في الحرب التاريخية التي شُنَّت علينا خلال المائة أو المائتين عامٍ‬

  ‫الماضية ‪ ،‬وهذا ليس عيبًا أبدًا‪ ،‬فمعرفة الخطأ هي بداية عملية تصحيح المسيرة ‪ ،‬فإن كان‬
‫غزاة التاريخ قد انتصروا بدون أدنى شك في جولتهم السابقة ‪ ،‬فإنهم ندأوا يواجهون في‬
‫السنوات الآخيرة بالتحديد‪ ،‬رجالًا أبطالًا حملوا راية الجرح والتعديل لتاريخ هذه الأمة‬

  ‫المجيدة ‪ ،‬ليعيدوا كتابة تاريخها من جديد‪ ،‬ليخلّصوها من الشوائب التي علِقت بها من‬

‫قِبل المستشرقين وعملائهم ‪ ،‬ليتغير بذلك مسار رحى المعركة التاريخية الشرسة بيننا‬
   ‫وبينهم لصالح هذه الأمة ‪ ،‬وإن كنّا نْسلم بأن ذلك التغيير ما زال بطيئًا إلى حد الآن ‪ ،‬إلا أ ن‬
   384   385   386   387   388   389   390   391   392   393   394