Page 228 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 228
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
كان أسيد رجلا ..وكان مستنير العقل ذك ّي القلب حتى لقبه أھل المدينة بالكامل ..وھو لقب كان يحمله
أبوه من قبله..
فلما رأى مصعبا يحتكم به الى المنطق والعقل ،غرس حربته في الأرض ،وقال لمصعب:
لقد أنصفت :ھات ما عندك..
وراح مصعب يقرأ عليه من القرآن ،ويف ّسر له دعوة الدين الجديد .الدين الحق الذي أمر محمد عليه
الصلاة والسلام بتبليغه ونشر رايته.
ويقول الذين حضروا ھذا المجلس:
" وﷲ لقد عرفنا في وجه أسيد الاسلام قبل أن يتكلم..
عرفناه في اشراقه وتس ّھله"!!..
**
لم يكد مصعب ينتھي من حديثه حتى صاح أسيد مبھورا:
" ما أحسن ھذا الكلام وأجمله..
كيف تصنعون اذا أردتم أن تدخلوا في ھذا الدين".؟
قال له مصعب:
" تطھر بدنك ،وثوبك ،وتشھد شھادة الحق ،ثم تصلي"..
ان شخصية أسيد شخصية مستقيمة قوية مستقيمة وناصعة ،وھي اذ تعرف طريقھا ،لا تتردد لحظة أمام
ارادتھا الحازمة..
ومن ث ّم ،قام أسيد في غير ارجاء ولا ابطاء ليستقبل الدين الذي انفتح له قلبه ،وأشرقت به روحه،
فاغتسل وتطھر ،ثم سجد رب العالمين ،معلنا اسلامه ،مو ّدعا أيام وثنيّته ،وجاھليته!!..
كان على أسيد أن يعود لسعد بن معاذ ،لينقل اليه أخبار المھمة التي كلفه بھا ..مھمة زجر مصعب بن
عمير واخراجه..
وعاد الى سعد..
وما كاد يقترب من مجلسه ،حتى قال سعد لمن حوله:
" أقسم لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذھب به"!!.
أجل..
لقد ذھب بوجه طافح بالمرارة ،والغضب والتحدي..
وعاد بوجه تغشاه السكينة والرحمة والنور!!..
**
وقرر أسيد أن يستخدم ذكاءه قليلا..
انه يعرف أن سعد بن معاذ مثله تماما في صفاء جوھره ومضاء عزمه ،وسلامة تفكيره وتقديره..
ويعلم أنه ليس بينه وبين الاسلام سوى أن يسمع ما سمع ھو من كلام ﷲ ،الذي يحسن ترتيله وتفسيره
سفير الرسول اليھم مصعب بن عمير..
228