Page 230 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 230

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                                                                         ‫قال أسيد‪:‬‬
                     ‫فأنت وﷲ‪ ،‬يا رسول ﷲ‪ ،‬تخرجه منھا ان شاء ﷲ‪ ..‬ھو وﷲ الذليل‪ ،‬وأنت العزيز‪..‬‬

                                                                                      ‫ثم قال أسيد‪:‬‬
     ‫" يا رسول ﷲ ارفق به‪ ،‬فوﷲ لقد جاءنا ﷲ بك وان قومه لينظمون له الخرز ليت ّوجوه على المدينة‬

                                                          ‫ملكا‪ ،‬فھو يرى أن الاسلام قد سلبه ملكا"‪..‬‬
      ‫بھذا التفكير الھادئ اعميق المتزن الواضح‪ ،‬كان أسيد دائما يعالج القضايا ببديھة حاضرة وثاقبة‪..‬‬

‫وفي يوم السقيفة‪ ،‬اثر وفاة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم حيث أعلن فريق من الأنصار‪ ،‬وعلى رأسھم‬
   ‫سعد بن عبادة أحقيتھم بالخلافة‪ ،‬وطال الحوار‪ ،‬واحتدمت المناقشة‪ ،‬كان موقف أسيد‪ ،‬وھو كما عرفنا‬

‫زعيم أنصاري كبير‪ ،‬كان موقفه فعالا في حسم الموقف‪ ،‬وكانت كلماته كفلق الصبح في تحديد الاتجاھه‪..‬‬
                                                    ‫وقف أسيد فقال مخاطبا فريق الأنصار من قومه‪:‬‬

                                    ‫" تعلمون أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم كان من المھاجرين‪..‬‬
                                                        ‫فخليفته اذن ينبغي أن يكون من المھاجرين‪..‬‬
                                                                         ‫ولقد كنا أنصار رسول ﷲ‪..‬‬
                                                             ‫وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته"‪..‬‬
                                                                      ‫وكانت كلماته‪ ،‬بردا‪ ،‬وسلاما‪..‬‬

                                               ‫**‬

‫ولقد عاش أسيد بن خضير رضي ﷲ عنه عابدا‪ ،‬قانتا‪ ،‬باذلا روحه وماله في سبيل الخير‪ ،‬جاعلا وصية‬
                                                ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم للأنصار نصب عينيه‪:‬‬
                                                           ‫" اصبروا‪ ..‬حتى تلقوني على الحوض"‪..‬‬

    ‫ولقد كان لدينه وخلقه موضع تكريم الص ّديق حبّه‪ ،‬كذلك كانت له نفس المكانة والمنزلة في قلب أمير‬
                                                          ‫المؤمنين عمر‪ ،‬وفي أفئدة الصحابة جميعا‪.‬‬

          ‫وكان الاستماع لصوته وھو يرتل القرآن احدى المغانم الكبرى التي يحرص الأصحاب عليھا‪..‬‬
  ‫ذلك الصوت الخاشع الباھر المنير الذي أخبر رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وآله وصحبه وسلم أن الملائكة‬

                                                                 ‫دنت من صاحبه ذات ليلة لسماعه‪..‬‬
                                                  ‫وفي شھر شعبان عام عشرين للھجرة‪ ،‬مات أسيد‪..‬‬
                                              ‫وأبى أمير المؤمنين عمر الا أن يحمل نعشه فوق كتفه‪..‬‬
                                             ‫وتحت ثرى البقيع وارى الأصحاب جثمان مؤمن عظيم‪..‬‬
                         ‫وعادوا الى المدينة وھم يستذكرون مناقبه ويرددون قول الرسول الكريم عنه‪:‬‬

                                                                   ‫" نعم الرجل‪ ..‬أسيد بن خضير"‪..‬‬
                                      ‫عبد الرحمن بن عوف‬
                                       ‫ما يبكيك يا أبا محمد‬

                                                               ‫‪230‬‬
   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235